- التفاصيل
منذ باكورة ثورة أهل الشام وطليعة مظاهراتهم ضد طاغيتهم لم يستشعر أهل الشام حاجتهم لقيادة سياسية تهديهم السبيل وتدلهم على خطوات الطريق وترشدهم إلى الحلول الناجعة للمشكلات التي يمكن أن تواجههم أثناء سيرهم، والسبب في ذلك أن المرحلة الأولى للثورة عاينها أهل الشام بتفاصيلها، فقد عاش أهل الشام أحداث مظاهرات تونس و مصر خطوة بخطوة ويوما بيوم وصار مؤكدا لهم أنه إذا خرج الناس في مظاهرات وحافظوا على سلميتها واستمراريتها ودفعوا بها لتثبت في مواجهة قمع النظام فإن ذلك سيدفع رأس النظام حتما لمغادرة البلاد أو التنحي، وهذه النتيجة في حينها كانت مقبولة لدى أهل الشام يومئذ. ولذلك لم يلمسوا أهمية للقيادة السياسية ولم يدركوا ضرورتها، وكان من يقود المظاهرات في الشام ليس شخصا محددا بل لم تكن تتأثر المظاهرات بتغير من يقودها ويسير في مقدمتها...
وفي المرحلة الثانية من الثورة ونتيجة لبطش النظام وإجرامه اندفع الشباب المسلم في ثورة الشام لحمل السلاح دفاعا عن حرماتهم وحماية لأنفسهم وأهلهم وأعراضهم، فاتجهت الثورة كردة فعل على بطشه إلى التسلح فصارت الفصائل وكثرت المعارك وما لبثت أن تحررت القرى والمدن والمناطق...
وفي هذه المرحلة كان أهل الشام لديهم تصورهم عنها، فبالرغم من سعيهم وحرصهم على سلمية الثورة وعدم تسلحها إلا أنهم أدركوا متطلبات الجهاد لما وقع عليهم فرضه وتهيأوا له، فتراهم يومها لا يشعرون بحاجتهم لقيادة سياسية لهذه المرحلة بل ولا يشعرون بأهميتها، فالعمل المطلوب هو الجهاد وصوت السلاح يعلو فوق كل صوت، والجهاد لا صعوبة في فهم معادلته، فخروج المجاهدين لقتال عدوهم المحدد والوحيد وهو النظام وقتها واستمرار قتالهم له للوصول إلى دمشق كفيل بإسقاط النظام واقتلاعه من جذوره، وكل هذا معلوم ومعروف لدى أهل الشام فلا يستدعي بنظرهم وجود قيادة سياسية لتدلهم عليه، لذلك لم يتفاعلوا مع دعواتهم لاتخاذ قيادة سياسية!
لكن الغرب أدرك خطورة ثورة الشام على مصالحه فاستنفر جهوده وصبها في منع إقامة أي عمل عسكري تتوحد الفصائل عليه ويسير بالمجاهدين الصادقين إلى دمشق عاصمة النظام لإسقاطه.
ولاحتواء الموقف لجأ الغرب إلى تقديم الدعم والمال عن طريق بعض أنظمة العرب والمسلمين، ولما ركن المقاتلون لدعم الغرب حينها انخدع الكثير من القادة به وصدقوا نفاقه. ثم شيئا فشيئا صار الداعمون يختارون القادة الذين يتعاملون معهم ويحددون لهم المعارك والخطط والذخيرة وما يعرف بفاتورة المعركة ونفقاتها، ثم ما لبثوا أن وقعت الفصائل في مطبات مطالب الداعمين التي كانت على استحياء في البداية ثم صارت بلا حياء جهارا نهارا أوامر تفشيل المعارك، وأوامر تسليم المناطق، وأوامر مقاتلة الفصائل، وأوامر الهدن والمفاوضات ووقف إطلاق النار والتوجه للمؤتمرات...
في هذه المرحلة اختلطت الأمور على الفصائل وتكبلت بالهدن وارتهن قرارها للداعمين وانكشفت ارتباطات القادة مع دول الدعم فتعثرت الثورة وتعقدت الأمور عليها...
وهنا أدرك أهل الشام حاجتهم لقيادة سياسية واعية مخلصة خبيرة ترشدهم إلى الطريق وتدلهم على الخير وتسهل عليهم وعورة المسير وتحذرهم من مكائد الغرب ومؤامراته وتفضح عملاءه وتكشف خططهم...
ولكن من هي الجهة التي تمتلك هذه المواصفات والتي يمكن أن تقبل بها ثورة الشام لتكون قيادة سياسية لها؟
قبل الإجابة على هذا التساؤل لنلقي نظرة على مسيرة الغرب في سعيه لإيجاد قيادة سياسية للثورة موالية له تساعده على إرساء حله السياسي الذي يبقي على عميله ويحافظ على نفوذ أمريكا في الشام ويحمي مصالحها.
في بداية الثورة أظهر الغرب على وسائل إعلامه بعض الشخصيات السياسية ولمّع بعضها من خلال إظهارهم واستعراض مواقفهم، ثم دفع الغرب بعضهم لتشكيل الائتلاف لكي يجعل منهم لاحقاً قيادة سياسية، ولما لم يُثِرْ كل ذلك اهتمام أهل الشام أرادت أمريكا جمع الشخصيات السياسية كلها في هيئة فقام روبرت فورد السفير الأمريكي السابق في سوريا بجمعهم في قطر مع شخصيات أخرى بلغ تعدادها ما يقارب 400 شخصية، وإمعانا في تضليل الناس ولأن الغرب يدرك توجه الثورة نحو الإسلام عمد فورد لأن يكون في رئاسة الائتلاف شيخ مشهور وهو الشيخ معاذ الخطيب. لكن الثورة لم تكترث لهذا التجمع ولم تعتبره أنه منها ولم تأبه لهذه التوسعة للائتلاف وهي مدركة أن الغرب هو من يقف وراءهم...
لاحقا دفع الغرب ليكون للائتلاف وجود على الأراضي المحررة فصارت له مراكز تعليمية ومراكز لتوزيع بعض الإعانات ومراكز فيها بعض الموظفين، ثم تطورت المسألة لحكومة مؤقتة ولها بعض المراكز وبعض ما يطلق عليه وزارات وهيئات، وكل ذلك أيضا لم يجعل للائتلاف قبولا عند أهل الشام رغم مشاركة الإخوان المسلمين فيه وفي الحكومة المؤقتة...
وفي المرحلة التالية عمد الغرب إلى إبراز قيادات عسكرية مختارة أخذت صبغات سياسية وتم توجيهها للمشاركة في المؤتمرات الخارجية لإبرازها... ناهيك عن هيئات ومجالس تكونت لتكون قيادة سياسية وممثلة عن الشارع الثوري لكنها أخطأت التمثيل وأخطأت التوجه إذ فتحت سبلا مع الدول الخارجية...
وفي مؤتمر الرياض الأخير تم إعداد لائحة تشمل معارضة الداخل والخارج لتمثل الثورة لتكون من يوقع على الحل السياسي لكن بوادر فشلها بانت منذ البداية.
وزيادة في الربط بين القيادات العسكرية والسياسيين ولكي تلمع القيادة السياسية صنيعتها قد تعمد أمريكا بعد أن قررت وقف دعم الفصائل عبر غرف الدعم، قد تعمد إلى تحويل هذا الدعم ليكون من خلال هذه الهيئات السياسية فيكون لهم يد على العسكريين وبذلك تبرز قيادتهم السياسية.
وحتى لا يتكرر مع أهل الشام ما حصل لإخوانهم في فلسطين، ولكي تصل ثورة الشام إلى هدفها بأقصر الطرق، عليها أن تسارع إلى:
1-أن تتخذ من حزب التحرير قيادة سياسية لها.
2-أن تتبنى مشروع الدستور الذي أعده حزب التحرير .
3-أن تبعد كل القادة المرتبطين مع الدول وترفضهم وتلفظهم وتختار لها قيادة عسكرية مخلصة توحد المجاهدين الصادقين وتسير بهم من أقصر الطرق إلى دمشق.
4-أن توطن نفسها للاعتماد على قدراتنا وإمكانياتنا ومن قبل صدقنا مع الله، فعلى ذلك يتنزل علينا نصر الله.
فحثوا الخطا يا أهل الشام والله من ورائكم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون.
كتبه لجريدة الراية: المهندس كامل الحوراني، بتاريخ الأربعاء 13 كانون الأول/ديسمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2iZp1uZ
- التفاصيل
إن من المُسلّمات عند الحديث عن بناء الدول وسقوطها هو أن للعاصمة الثقل الأكبر والمركز الأساس الذي يحدد ميزان القوى وطبيعة الصراع، ولذلك فمن البدهي أن يُطرح السؤال ويتكرر طرحه "تُرى لماذا لم يصل الثوار إلى دمشق وقد قاربت الثورة أن تُنهي عامها السابع؟ وما الذي يحول بينهم وبين رأس الأفعى؟".
ولنقفَ على معالم هذا الطريق ونتلمسَ خطاه لا بد أن ندرك بداية أهمية الإجابة على هذا السؤال، وأهميته تكمن في طبيعة أي حراك سياسي، فلا بد للحراك السياسي من هدف واضح وغاية مبلورة يسعى للوصول إليها، والثورة في الشام قد حددت هذا الهدف بكل وضوح منذ بداياتها فكان شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" هو الهدف الذي يسعى له كل ثائر صدحت حنجرته بقول "لا" لنظام أسد المجرم؛ وإنه من الطبيعي أن يكون طريق الوصول للهدف واضحاً مبلوراً، وهذا ما افتقده البعض خلال الثورة، ألا وهو الطريق إلى دمشق بهدف إسقاط النظام المجرم.
إن هذا الطريق لا يبدأ بخطة عسكرية ولا بامتلاك عتاد وأسلحة، وإن كان هذا مما سيحتاجه السائر في هذا الطريق، ولكن لا بد أن ندرك أولاً نقطة البداية التي ننطلق منها، فهذا الطريق يبدأ بتصوّر البديل الذي سيحلّ مكان النظام بعد إسقاطه، فلا يُتصور أن تهدم بيتاً دون أن تمتلك تصوّراً عما ستبنيه بدلاً عنه، وكذلك فإن وجود هذا التصور لدى السائرين في هذا الطريق سيُحدد لهم كثيراً من معالم هذا الطريق، وكذلك فإنه سيُبين لهم المخاطر والعقبات التي ربما ستعترضهم في طريقهم، فلذلك كان اعتبار "إسقاط النظام" هدفاً ليس كافياً بل لا بد أن يقترن بالتصور عن النظام البديل.
وعندما افتقد كثير من الثائرين هذا التصوّر تقاذفتهم أمواج التآمر المحيطة بالثورة، ورست بمركبهم على برّ الغرب، وربما قذفت بهم فأغرقتهم فاستصرخوا ولا من مُجيب، هذا حال من افتقد التصوّر، أما من أخذ تصوّره ورؤيته من أعدائه فذاك قد أوحلت قدماه في قاع الأرض فلن يستطيع أن يسير في طريقه وبقي يُردد كلام أسياده ظانّاً أنهم سيُنقذونه يوماً ما فقط لأنه خُدع بشعاراتهم البراقة التي تدّعي زوراً حفاظها على حقوق الإنسان.
لهذا كلّه كان لا بد للثائرين في الشام أن يمتلكوا تصوّراً عن النظام البديل حتى يحفظوا أنفسهم وثورتهم من الضياع في متاهات السياسة الدولية، ويقوا أمتهم شرّ ما يُحاك لها في دهاليز السياسة، فيتلمسوا خطاهم نحو الهدف بكل ثبات وإرادة، وهذا ما سعى حزب التحرير في سوريا ومنذ انطلاقة الثورة ليُوضحه للثوار، فهو قدّم مشروعاً سياسياً مستنبطاً من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، هذا المشروع هو تصوّرٌ كامل عن نظام بديل عن كل أنظمة العالم اليوم، وبتبنّي هذا المشروع والعمل على إيجاده واقعاً واستئناف الحياة الإسلامية به، بذلك تتضح معالم الطريق، وتبرز مراحله ومحطاته، ويحمل في طياته التحذير من كل العقبات التي ربما تعترض هذا الطريق.
فإن الناظر إلى واقع ما وصلت إليه الثورة اليوم يجد أن لكل انحراف عن الطريق سبباً يعود إلى غياب هذه الرؤية الواضحة أو تبني رؤية أخرى مُستقاة من مشكاة الغرب الكافر، فمثلاً لم يكن للثوار أن يقبلوا مالاً سياسياً - أدى إلى ما أدى إليه من انحراف البوصلة وتغيير وجهة الصراع، فحصل الاقتتال وبِيعت البلاد وحوصرت المناطق جراء التسمم بهذا المال - لم يكن لهم أن يقبلوا هذا المال لو أنهم تبنّوا مشروع الإسلام ففي طياته تحذير من الوقوع في هذه المصيدة الخطيرة.
وكذلك فإن انجرار البعض خلف إرضاء الغرب لم يكن ليحصل لو تفهّم أولئك الساعون لمرضاة الغرب، قوله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، فمشروع الإسلام فوق أنه يرسم شكل نظام الحكم في الإسلام فإنه كذلك يحذر حاملي المشروع من كل خطر مُحدق بهم فالإسلام حذر من مُجرد الركون للظالمين فكيف بما هو فوق الركون؟! قال تعالى: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾.
وعوداً على بدء، فإن الطريق إلى إسقاط النظام يبدأ بتبني مشروع الإسلام وهذه الخطوة تُحدِّد ما يليها، فالإجراءات العملية التي ستُتبع في هذا الطريق تُحدَّد تباعاً فور السير في الطريق، فإن عُرض مالٌ سياسي رُفِض لأن المشروع حدّد ذلك، وإن دُعي الثائرون للمشاركة في حلٍّ رسمت معالمه دول الغرب، فكذلك يُرفض المشاركة فيه، وتكون كل الخطوات مقيّدة بالحكم الشرعي فقط، دون النظر لمرضاة أحد من الناس، فيسعى الثائرون لجمع كلمتهم حول هذا المشروع، ويُوجهون بندقيتهم بخطة تُسقط النظام في عقر داره في دمشق.
فالذي يحول بين الثوار في الشام وبين دمشق العاصمة عقر دار النظام ليس خطة عسكرية حاذقة فحسب، بل هو تبني المشروع الإسلامي المُستنبط من الكتاب والسنة والذي سيُحدد لهم كل خطوة سيخطونها وكل حركة يسيرون بها، فبتبني هذا المشروع يكون الطريق إلى دمشق سالكاً، وهذا التبني يتطلب قراراً ذاتياً من الثائرين في الشام، والقرار لا بد له من إرادة صلبة وثقة بنصر الله وإيمان راسخ بأنه هو الناصر لعباده والمُعزّ دينه ولو كره الكافرون.
كتبه لجريدة الراية: أ. منير ناصر، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 6 كانون الأول/ديسمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2kp5N5Y
- التفاصيل
في ظل الحل السياسي الذي يطبخه المجتمع الدولي وعلى رأسهم أمريكا والذي هو السم الزعاف لأهل الشام وتضحياتهم التي قدموها، وبعد أن تبين لنا جميعا تآمر الدول كلها على ثورتنا اليتيمة وتغليب مصالحها على حساب الدماء الزكية التي روت أرض الشام الطاهرة. وفي ظل الاستياء العام الذي يعيشه أهل الشام من الحال التي وصلت إليها ثورتهم، ولما يرونه من مؤتمرات لا تحمل إلا الكيد والحقد لهم ولثورتهم، كان لابد من وقفة نسلط الضوء فيها على الحل من كافة جوانبه، حتى يكون عملا ممنهجا وليس عاطفيا أو جزئيا أو غير واضح، فيستغله من يتربص بثورتنا شرا، ويريد أن يحرفها عن مسارها ليقضي عليها.
وأهم الخطوات العملية التي يجب علينا اتخاذها لضمان خروجنا من التيه الذي يعاني منه الكثيرون، ولنتمكن من تحقيق أهدافنا ما يلي:
● رفض الحل السياسي الذي تدفعنا إليه الدول المتآمرة علينا، وعلى أهل الشام الثائرين والتأكيد على استمرارية الثورة وقلب الطاولة على المتآمرين والمتربصين بنا وبثورتنا شرا.
● دعم المجاهدين المخلصين من أبناء ثورتنا واحتضانهم، وذلك يكون بداية بوضع خط عريض لمسار الثورة وكيفية الوصول بها إلى تحقيق أهدافها، وذلك من خلال التمسك بثوابت نلتزم بها جميعا، وتكون هذه الثوابت بوابة لتوحيد الأفكار بداية، ثم الجهود والأعمال لاحقا بما يخدم هدف الثورة.
وهذه الثوابت هي:
1_ إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه وليس الاكتفاء بتغيير بعض الشخصيات والاحتفاظ بأدوات القمع والإرهاب والقتل من جيش ومخابرات.
2_ قطع كل العلاقات مع الدول المتآمرة علينا كافة، وعدم الركون إليها، لتكون كل أعمالنا وحلولنا نابعة من إرادتنا وتقديراتنا، ومستقلة تمام الاستقلال عن أي تأثير خارجي لا يخدم ثورة الشام.
3_ التوحد على مشروع واضح مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله، يرضي الله أولا، ويحقق التلاحم والأخوة بين جميع شرائح المجتمع، ليكونوا قوة مؤثرة فاعلة، وسدا منيعا أمام كيد الأعداء، يصعب اختراقه لتوهين صفوفنا من الداخل، والايقاع فيما بيننا لتنحرف بنادقنا إلى صدور بعضنا، وليحصل الشرخ الكبير بين المقاتلين وحاضنتهم الشعبية، كما هو حاصل اليوم.
وهذه الثوابت تنبثق من المشروع السياسي الذي يجب أن تتبناه الثورة، وتسعى من أجل تجسيده في واقع الحياة، وتصارع به مشروع الغرب العلماني الكافر، الذي تريد أمريكا وأشياعها وأدواتها فرضه على أهل الشام حتى تضمن عدم انجاز المشروع الإسلامي، وإعادتنا الى حظيرة العبودية لنظامها العلماني الكافر من جديد.
إن إمكانيات نجاح الثورة كلها متحققة وبين أيدينا، لكن ذلك يحتاج إلى رجال صدق، كسعد بن معاذ وسعد بن عبادة وغيرهم من الأنصار، يقطعون حبائل القوم، ويتمسكون بحبل الله وحده غايتهم رضا الله عز وجل، ونيل جنته؛ ينصرون الله بنصرهم المشروع الذي يرضي ربهم، وينبثق من عقيدتهم، يسيرون لتحقيقه خلف قيادة سياسية واعية تتبنى هذا المشروع.
إن الجميع يدرك أن المسألة لا تتعلق بالإمكانات المادية فقط، وما يتوفر منها كفيل بخوض معارك حاسمة لإسقاط نظام الإجرام المتهاوي، رغم كل الدعم الذي توفره له دول الحقد العالمي على الإسلام.
ولكن من يمنع نظام الإجرام من الانهيار والسقوط ليس ذلك الدعم ولا تلك المساعدات، بل ما يحافظ عليه هو التزامنا بالخطوط الحمراء التي وضعها الداعمون لمنع سقوط النظام، وعدم امتلاكنا لإرادة فتح المعارك الحاسمة، بل وفي كثير من الأحيان إفشال كل عمل جاد ضد النظام.
ولكننا لو نظرنا في واقع الناس لوجدنا استعدادا وجاهزية للتضحية وتقديم المزيد من أبنائهم ودمائهم، إذا أدركوا أن تلك التضحيات والدماء هي في المكان الصحيح، وفي مرضاة الله عز وجل، و لمسوا أنهم يسيرون خلف المخلصين من أبنائهم الذي يعملون معهم من أجل مشروع واحد له هدف محدد.
إن إخوانكم في حزب التحرير الذين كانوا لكم الرائد الذي لا يكذب أهله، يكشفون لكم مؤامرات الأعداء ويحذرونكم الوقوع في فخاخهم، ويقدمون مشروعا إسلاميا واضحا متكاملا، (مشروع الخلافة على منهاج النبوة)، الذي بشر به رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام. يدعونكم لما فيه عزكم وخلاصكم وفوزكم، فقوموا بما أوجبه الله عليكم من حمل الدعوة معهم، ومن نصرة مشروعكم، لنقيم شرع الله في الأرض، ويكون الدين كله لله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويرتد كيد الكافرين والمثبطين والمتآمرين إلى نحورهم.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
شادي العبود
- التفاصيل
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [سورة الروم 41].
بعد سقوط الخلافة العثمانية وتراجع المبدأ الإسلامي عن صدارة المشهد كقيادة عالمية للبشرية أجمع والتي كانت البشرية تعيش في ظل قيادتها وفي كنفها كدولة جاءت لتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
لكن هذه الدولة قد تراجعت عن القيادة ومن ثم تم القضاء عليها من قبل أعدائها وبمساعدة أبنائها، بسبب الضعف الكبير الذي طرأ على فهم الأمة لإسلامها، مما أدى لفقدان الأمة لهويتها ولبعدها عن دينها الذي جعل الله فيه عزتها وكرامتها كما قال عمر رضي الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).
وقد عمدت دول الغرب إلى محاولة طمس هوية الأمة وإضعاف شخصيتها ما أدى إلى أن تفقد الأمة ثقتها بنفسها أمام حملات التغريب والانضباع بالثقافة الغربية، الأمر الذي دفع أبناء الأمة للمساهمة في هدم كيانها المتمثل بدولتها.
وكل ذلك قد ساهم في صعود المبدأ الرأسمالي الذي تصدر لقيادة العالم والذي حملته دول الغرب، وهيأت لاستمراره كل الظروف، وسعت لتثبيته فوق رقاب الأمم، ولاستعبادها ونهب ثرواتها باسم تحرير الشعوب. وقد سخرت لذلك كل الإمكانيات ليبقى حفنة من تجار البشر هم المتحكمون بمصير الشعوب التي تعيش تحت سيطرتهم وتسلطهم.
ولكي تبقى هذه الدول مسيطرة على الأمة الإسلامية من خلال الحفاظ عليها مجزأة إلى أقاليم لها حدود، كان لابد من إبقائها تحت سيطرة الحكام الذين وضعهم الغرب نواطير على تلك الحدود الوهمية، وحراسا على الأمة ينهبون خيراتها ويمنحونها للغرب، ويمنعون أي محاولة لنهضة الأمة، أو لتحطيم تلك الحواجز والحدود فيما بينها. فعمدوا إلى تغيير طريقة التفكير عندها على أساس يخالف الإسلام، وتم دفعها لتقديس تلك الحدود التي أسموها الأوطان، وإيجاد علماء وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم دعاة على أبواب جهنم, وهؤلاء كان لهم الدور الكبير في تخدير الأمة عن النهوض كلما أرادت ذلك متذرعين بذرائع واهية يسوقون لها أدلة من الكتاب والسنة يسقطونها على غير الوجهة التي جاءت بها؛ تارة باسم المصلحة وتارة باسم درء المفاسد التي قد تترتب على حراك الأمة من تضحيات ودماء. متناسين أن من أعظم المفاسد هو غياب الحكم بما أنزل الله وشتات المسلمين وتفرقهم وغياب الراعي الذي يُقاتل من ورائه ويُتقى به.
وقد سخّروا كذلك إعلاما مشوها، يظهر الاسلام بموضع الاتهام والنقص - وحاشا لدين الله ذلك - فتارة يدّعون أن الإسلام دين لا يصلح أن يحكم بحجة النماذج الفاشلة التي سوقت لصورة مشوهة لتطبيق الإسلام، وتارة تدّعي أن الإسلام لم يأت بشكل لنظام الحكم وأن الخلافة هي حقبة تاريخية ذهبت ولن تعود, وتارة يدّعون أن الشريعة الإسلامية هي فقط عبادات فردية لا علاقة لها بالحياة العامة منكرين أنها أنظمة انبثقت عن العقيدة الاسلامية جاءت بمعالجات وحلول لتخلص البشرية من عنائها وظلمها لبعضها. قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ) (طه 124).
وقد وصلت الأمة إلى هذا المستوى من الذل والهوان والضياع وأصبحت طريقة تفكيرها من وجهة نظر رأسمالية تقوم على أساس المصلحة ودرء المفسدة واختيار أقل الضررين، مما دفع أبناءها للتعامل مع أعدائها مخافة أن تصيبهم دائرة، وتعاملوا مع الأنظمة العميلة نتيجة خداعها لهم, وزادت جرعات التخدير عندها من قبل علماء مضللين يدعونها للصبر على ظلم الحكام وإجرامهم لكونهم ابتلاء قد كتبه الله عليها بدل الدعوة للإنكار عليهم وتغييرهم.
فكان لا بد من العمل لتغيير هذا الواقع الفاسد على أساس العقيدة الإسلامية، وإعادة حمل الإسلام للأمة حملا صحيحا لتغيير مفاهيمها وطريقة تفكيرها لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد 11).
وقد بدأت ملامح الصحوة في الظهور وأخذت إرادة التغيير والعمل له تتجسد بين أبناء الأمة، حتى وصلت الأمة اليوم لحال خرجت فيها على هذه الأنظمة المجرمة لتغييرها وأقبلت على إسلامها لتعيش في ظل عدله لكنها في الوقت ذاته تحتاج لمن يأخذ بيدها للوصول إلى هدفها ولذا كان لابد للأمة أن تسير خلف قيادة مخلصة من أبنائها، قيادة تمتلك مشروع خلاصها وعزها، (مشروع الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة) حتى تكمل مسيرتها في الوصول إلى أهدافها بتحكيم شرع ربها وإقامة حكم الله في الأرض ليعز الاسلام وأهله ويذل الكفر وأهله، ولتعود للوجود الدولة التي تحمل الإسلام رسالة هدى للبشرية لتنقذ العالم من ظلم الرأسمالية وجشعها.
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖوَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم 4-5].
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
عمر الشامي
- التفاصيل
انعقد ما بين 22 و24 من شهر تشرين الثاني 2017 مؤتمر الرياض2 لإعادة صياغة المعارضة السورية الصياغة النهائية وتشكيل وفد مفاوض منها يذهب إلى جنيف 8 في 28 من الشهر نفسه.
لقد كان التنافس واضحا بين القوى الدولية لفرض شخصيات المعارضة المصنوعة في دهاليز السفارات وأقبية المخابرات لتكون ممثلة للثورة رغما عن أهل الشام، هذه الشخصيات التي تشكل المنصات التي تنسب إلى الدول التي صنعت فيها كمنصة الرياض ومنصة القاهرة ومنصة موسكو وأشخاص يزعم أنهم مستقلون، ومن خلال الدعوات الموجهة لهذه الشخصيات كان هناك تقليص لحجم الشخصيات التابعة لتركيا و قطر وإن كان 90% من هذه الشخصيات المجتمعة بالرياض رَسَنُها بيد أمريكا مباشرة أو بواسطة وكلائها وعملائها من الدول المتدخلة في ثورة الشام، بل وحتى كيان يهود له حصة من هذه المعارضة كبسمة قضماني ومن لف لفها، ومن هنا فلا علاقة لهذه المعارضة بالشعب السوري أو بثورته.
إن أمريكا - التي استخلصت هذه المعارضة لتكون ديكورا يخفي بشاعة النظام المجرم عميل أمريكا - تريد الحفاظ على نفوذها في سوريا بإعادة صياغة نظام يحافظ على الدولة العميقة لدولة الأسد تفرض من خلالها حلا سياسيا تزعم أن الثورة آتت أكلها.
لقد كانت المؤتمرات عبارة عن فخاخ سياسية تطبخ فيها المؤامرات على ثورة الشام وتصنع القيادات المزيفة العميلة التي ارتبطت بأمريكا و الغرب وليس لها علاقة بالثورة ولا بالأمة، ولا تملك شعورا أو إحساسا بمأساتها وآلامها، وكان مؤتمر الرياض2 تتويجا لهذه المؤامرات لفرض شخصيات تتنازل عن دماء وتضحيات أهل الشام وتقبل بنظام علماني عميل يحارب الإسلام وأهله.
وفي مؤتمر الرياض2 دمجت المنصات والمعارضات والشخصيات التي صنعها النظام والروس مع الائتلاف الوطني والهيئة العليا للمفاوضات لتشكيل النسبة المعطِّلة لأي قرار يطالب بالإطاحة بالنظام ولتفرض رؤية موسكو و إيران وكلاء أمريكا في حماية النظام وفي كيفية الانتقال السياسي الشكلي الذي لا يغير من بنية هذا النظام شيئا بل يحافظ على أجهزته الأمنية والعسكرية وتركيبة مؤسساته السياسية والإدارية داخليا وخارجيا.
وكان من أبرز القرارات في مؤتمر الرياض2 ما يتعلق برحيل الأسد؛ حيث كانت صياغة هذا البند في البيان الختامي ملتبسة لتلبس على المغفلين المؤيدين لمسار التفاوض وتتوافق مع رؤية موسكو وإيران في بقاء الأسد رئيسا للمرحلة الانتقالية وحقه في الترشح للانتخابات الرئاسية، مما يشطب عنه صفة مجرم الحرب وقاتل الشعب ويجعل رحيله بعد ذلك غاية المنى والإنجاز المطلوب!!
إن الأخطر من بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية وإن رحل بعد ذلك هو بقاء الدولة الأمنية البوليسية المركزية التي تشكل المناعة ضد أي تقدم نحو الحكم بالإسلام.
إن مؤتمر الرياض2 وما سبقه من مؤتمرات لتمييع وتضييع أهداف الثورة وفرض معارضة عميلة مرتبطة بأمريكا وعملائها من الدول ليدل على التركيبة الفاسدة لهذه المعارضة وكيفية تصنيع العملاء كما هو حال تركيبة الأنظمة في البلاد الإسلامية وهيكل علاقاتها الدولية من تبعية وعمالة...
إن هذه المعارضة المصنوعة والنظام يشكلون طيفا واحدا من عملاء أمريكا الذين تعول أمريكا عليهم لتقرر عبرهم مصير الشعب السوري وتضع له دستورا وتصنع له نظاما جديدا يحفظ نفوذها ومصالحها عبر ما يمثله هذا الحل السياسي من تشكيل قيادة هي لوبيات لعملاء أمريكا وأُجرائها من روس وإيرانيين وسعوديين وأتراك.
إن ما أنتجه مؤتمر الرياض2 من معارضة لا تصلح لتكون قيادة حتى بالمفهوم العلماني الديمقراطي؛ لأن القيادة السياسية هي التي يتخذها الناس عبر مشروع سياسي وبرنامج انتخابي يعطيها التمثيل الشعبي، أما في البلاد الإسلامية فتصنعهم سفارات ومخابرات الدول ليكونوا أدوات لتحقيق مصالحها ضد مصالح أمتهم وشعبهم.
وأما استقالات رياض حجاب ومن معه، فالراجح فيها أنها تلميع لهم ووضعهم كلاعبي احتياط يستخدمون في لحظة حاسمة قد تقتضيها المرحلة القادمة وما يحصل فيها من مستجدات ومتغيرات تقتضي إظهارهم كـ(معارضة شريفة!) كما حصل عند النظام بوضع فاروق الشرع كاحتياطي للنظام على أنه لم تتلطخ يداه بالدماء. نعم هذه هي لعبة تصنيع القادة العملاء وفرضهم على الشعوب التي تثور لإعادتهم إلى قيود المنظومة الدولية للحفاظ على مصالح الاستعمار ونفوذه في بلاد المسلمين ومنعهم من إقامة دولة على أساس الإسلام، وهكذا تمارس اللعبة على كل الثورات وحتى في تغيير الرؤساء في البلاد الإسلامية، فلا تنخدعوا أيها المسلمون بهذه المؤتمرات والترتيبات وما ينتج عنها من قيادات.
أما في الإسلام فإن القيادة تتكون على أساس شرعي من اتباع القيادة السياسية لنهج النبوة والكيفية التي حصل بها الرسول ﷺ على قيادة أمته؛ وذلك عبر طرح مشروع سياسي للأمة ينبثق من عقيدتها يمثل حلا فكريا وسياسيا يؤمن الاستقرار والنظام ويحل مشاكل الناس كلها، فالأمة هي التي تختار قيادتها من خلال طرح المشروع السياسي عليها وفهمها لهذا المشروع واقتناعها به فتعطي قيادتها لمن حمل إليها المشروع الصحيح الذي يوافق فطرتها ويقنع عقلها.
نعم هذه هي طريقة الإسلام في صناعة القيادة وبناء الدولة و الأمة، وهذه الطريقة وحي من الله سبحانه طبقه رسول الله ﷺ وسار عليه المسلمون في ظل الخلافة ثلاثة عشر قرنا من الزمان.
واليوم لا خلاص لأهل الشام وللأمة جمعاء من أنظمة العمالة والضرار إلا بحمل مشروع الإسلام واتباع طريقته في إقامة دولته؛ وذلك بإعطاء القيادة السياسية على أساس مشروع واضح منبثق من عقيدة الأمة ودينها.
كتبه لجريدة الراية: محمد سعيد الحمود، بتاريخ الأربعاء 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2AISG6K