لم يمتلك القائمون على الثورة الوعي السياسي الكافي؛ فلم يدركوا واقع الصراع في الثورة، وجهلوا تبعية النظام السوري سياسياً، ولم يفرقوا بين الدولة التابعة والدولة العميلة والدولة المستقلة؛ لأنهم بطبيعة الحال لم يقرؤوا التاريخ قراءة سياسية، بل قرؤوه قراءةً قصصية مشاعرية، وحالهم هذا طبيعي لأن خلفيتهم المجتمعية تعود إلى أحد صنفين؛ إما طالب علم متحمس قضى جلَّ وقته بين جدران المساجد يحفظ القرآن مركزاً على مخارج الحروف وضوابط التجويد ويتعلم من الفقه ما يحتاجه الإنسان في حياته الطبيعية، أو شخص صاحب مهنة أو خبرة علمية معينة أخذته الحمية وحركته عقيدته لينتفض بوجه النظام ويتصدر الصفوف ويتخذ القرارات، فكلا الصنفين كانا يفتقران إلى الوعي السياسي، وبالتالي من الطبيعي مع هذه القيادة ألا ترى لثورة الشام مشروعاً سياسياً يقودها ويوضح خط سيرها وهدفها...
من هنا بدأت المصيبة فصرت ترى الارتجال في القرارات وتسمع التحليلات المضحكة المجردة من التفكير السياسي المستنير، فصادقوا من بدت البغضاء من أفواههم من الدول وأجهزة مخابراتها. فأدرك الغرب الضعف السياسي الكبير عند هذه الطبقة في الثورة، فكان هذا الضعف بالنسبة له حصان طروادة الذي استطاع من خلاله التسلل إلى داخل حصون الثورة بادعائه صداقتها، ثم خداعه لفاقدي الوعي السياسي السابق ذكرهم، فتم جرهم إلى ميدان السياسة الذي أوهموهم فيه بأنهم من اللاعبين الأساسيين ولكن الحقيقة أنهم ما كانوا إلا كومبارس ناطق ضمن مسلسل التنازلات يلقَّن ما يجب أن يقول في المحافل والاجتماعات! فكانت النتيجة أن مررت المؤامرات تلو المؤامرات وأصابت الثورة هزائم تترى، وهم حتى الآن لا يدرون حقيقة الواقع السياسي ولا معنى السياسة ولا أهمية المشروع السياسي، فضاعوا وكادوا أن يُضيعوا معهم ثورة كلفت مئات آلاف المعتقلين وأكثر من مليون شهيد وملايين المهجرين والنازحين...
وكل ذلك كان نتاج من يعمل قبل أن يعلم ويستمر بجهله ولا يسأل أهل العلم والسياسة ليشفي عيّه ويتدارك ما يمكن تداركه. وصلى الله وسلم على رسولنا إذ قال لابن مسعود رضي الله عنه ليعلمنا أن نتعلم قبل العمل فقال له: «هَلْ تَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟» فقال ابن مسعود: الله ورسوله أعلم. فقال ﷺ: «فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ أَبْصَرُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَتِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ مُقَصِّراً فِي الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى اسْتِهِ». وقال ﷺ: «أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ»... فيا ليتهم سألوا إذ لم يعلموا، فكيف وقد علموا أنهم ضلوا وتاهوا عن جادة الصواب، ولكن الهوى أعمى بصائرهم فلم تعد تنفعهم أبصارهم!
إن العمل دون هدف ودون وعي ودون قيادة واعية لن يقود ثورتنا إلا إلى مزيد من الضياع، فلنتدارك أخطاءنا لنكون على بصيرة ففي ذلك خلاصنا وعزنا.
إن الناظر إلى تصرفات بعض القادة والمرقعين والمطبلين لهم في ثورة الشام الكاشفة الفاضحة يرى كثيرا ممن أخلفوا وعودهم ونكصوا على أعقابهم وانحازوا إلى الداعمين المتآمرين على ثورة الشام، وتنكروا لكل عهد وميثاق قطعوه لأهلهم وأمتهم التي جعلتهم أملها فقدمت لهم كل إمكانياتها، بل وفلذات أكبادها من أجل العمل لإسقاط نظام الإجرام وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، ولم يبقوا عهدا عاهدوا الله عليه أو وعدا قطعوه لأهل الشام إلا ونقضوه. وفوق ذلك فإنهم قد استأسدوا على أهل الشام وتسلطوا عليهم.
وإنهم في الوقت الذي يفرضون فيه الضرائب والمكوس على العباد ويسلبون قرارهم، ولا يتورعون عن الاقتتال فيما بينهم، وسفك الدماء من أجل السلطة والنفوذ وتنفيذ أوامر أسيادهم وتنفيذا لمخططاتهم، تراهم يحرسون الدوريات الروسية التركية ومن خلفها مليشيات نظام الإجرام لتفرض سيطرتها على طريق m4 كما سيطرت من قبلُ على طريق m5.
إلا أن ذلك لن يضر ثورة الشام بإذن الله. قال تعالى: ﴿فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾.
فيا أهلنا في الشام: اعلموا أن الخلاصَ بأيديكم أنتم لا بأيدي من خذلكم. قال تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾.
إن المسلمين منذ أن أقيمت دولتهم على يد النبي ﷺ وهم في ازدهار وقوة لم يشهد التاريخ لهم إلا بالانتصارات المتوالية وبعض الانكسارات النادرة التي لم يكن سببها قلة في عدة أو عتاد عسكري وإنما بسبب قلة الوعي والحيلة . أما اليوم وبعد أن أسقطت آخر دولة إسلامية " الخلافة العثمانية " على يد المجرم مصطفى كمال لم يعد للمسلمين دولة تمثلهم وإنما مجرد إسلام نظري في أفئدة المسلمين فقط إلا أن هناك من يعمل لاستئنافها ويبذل قصارى جهده لإعادتها من جديد لتكون رقما صعباً أو وحيداً في معادلة القوى .
وعلى هذا فإن أول وأهم عامل قوة لابد أن يكون بيد المسلمين هو توحدهم تحت قيادة إمام واحد في ظل دولة تقيم حكم الله في الأرض وتجعله واقعا مطبقا يلمس عدله الأعداء قبل الأصدقاء ويستمدون قوتهم وشوكتهم من دولتهم ومن إمام عادل يحسن تطبيق شرع ربهم ويحمي بيضتهم ، قال عليه الصلاة والسلام : " إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به " وهذا ما يشهد عليه تاريخ أمتنا على تعاقب الأزمان ، فما ذكر التاريخ يوماً عن انكسارات المسلمين إلا وذكر معها تشرذم أمتنا وتشتتها وغياب دولتها وسلطانها أو تعدده ، تلك الانكسارات التي تجعل الأسبقية في الانتصار لأصحاب القوة المادية ، وهذا ما عبر عنه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمقولته المشهورة : " إنكم لا تغلبون عدوكم بعدد ولا عدة ولكن تغلبونهم بهذا الدين فإذا استويتم أنتم وعدوكم في الذنوب كانت الغلبة للأقوى "
فقد تتساوى القوى المادية بيننا وبين أعدائنا وقد تكون أيضا كفتهم أرجح ولكن المعيار ليس بالقوة المادية وإنما باتباع أمر الله سبحانه وتعالى فهو ناصر دينه إن نحن نصرناه . وعليه فما على المسلمين ليستحقوا نصر الله ومعونته إلا أن يتبعوا أمره برصّ صفوفهم وإعادة سلطانهم المسلوب وانقيادهم خلف إمام واحد وبذلك يتبعون سنة الخلفاء والصحابة من قبلهم عندما كانوا يقيمون شرع ربهم وينصرونه ويجاهدون في سبيل الله لإعلاء كلمته و يواجهون عدوهم بإيمانهم الراسخ فكان هو عدتهم وعتادهم . ولنا في سيرة سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه القائد المحنك دروساً وعبر ، يقود جيشاً منظماً من الصحابة والتابعين ويتّبعون أمره فيما أمر ، يواجه جيش الروم البالغ عدده 200 ألف مقاتل بجيش المسلمين البالغ عدده 36 ألفا في معركة اليرموك !!! إن الناظر لهذه المعركة نظرة سطحية مادية يجزم أن النصر لجيش الروم محقق وأنه لا مفر لجيش المسلمين من السحق ، وكذلك كانت قبلها معركة أجنادين وبنفس التفاوت بالقوة المادية لكلا الجيشين .
كان رضي الله عنه يُقبل على كل جمع من جيشه يقول لهم : " اتقوا الله عباد الله، قاتلوا في الله من كفر بالله ولا تنكصوا على أعقابكم، ولا تهنوا من عدوكم، ولكن أقدموا كإقدام الأسد وأنتم أحرار كرام، فقد أبيتم الدنيا واستوجبتم على الله ثواب الآخرة، ولا يهولكم ما ترون من كثرتهم فإن الله منزل عليهم رجزه وعقابه، ثم قال: أيها الناس إذا أنا حملت فاحملوا ". ولكن الحقيقة التي لم يصدقها عقل كافر أن انتصر المسلمون وأبلوا بلاءاً حسناً وغلبت الفئة القليلة الفئة الكثيرة بإذن الله وأيقن الجميع أن المنتصر دوماً هو من كانت عدته وعتاده الإيمان بوعد الله بقيادة صالحة توسّد الأمر لأهله كما فعل سيدنا أبو بكر رضي الله عنه عندما أوكل أمر الجيش لقيادة سيدنا خالد بن الوليد القائد العسكري المحنك الذي خطط للمعارك بعناية وتنسيق جيد فاستخدم الاستراتيجية بدلاً من القوة المجردة للتعامل مع العدو ، وقد كان تحت إمرته جيشاً عظيماً يحمل عقيدة عسكرية تفقدها معظم جيوش العالم .
يقول نورمان شوارتسكوف جنرال أمريكي متقاعد : " إذا لم تمتلك عقيدة عسكرية راسخة لن تصبح أفضل جيش في العالم حتى إذا امتلكت أضخم الجيوش وأفضل التقنيات العسكرية على الإطلاق " بحسب موقع بريني كوت . ويعني ذلك أن العامل والمعيار الحاسم في تصنيف قوة الدولة هو العقيدة العسكرية التي يحملها جيش الدولة ، وتعد من أحد أهم عوامل فهم الطبيعة العسكرية للجيوش وتقدير حدود ممارساتها خلال الحرب والسلم ، اي أنها تتعلق بالمستوى التعبوي والذي يشمل تحديد ميدان المعركة وحدود انتشار القوات . فالعقيدة العسكرية هي توظيف العلم العسكري في السلم والحرب في سبيل تحقيق هدف العقيدة الدينية التي يحملها الجيش ، وعقيدة المسلمين تجعل من جيشها أبطالا مغاوير لا تخشى الموت ولا تبالي لأنها تؤمن بأن ما بعد الموت جنة عرضها السماوات والأرض ورضوان من الله أعظم وهو غاية المؤمنين ، فتقدم أرواحها رخيصة في سبيل الله الذي أمرها بأن يكون الحكم كله لله وألا تجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً ومن هنا كانت العقيدة العسكرية هي الأساس في قوة الجيش .
وعلى هذا فإن المعايير المادية في تصنيف قوة الدول لا تنفعنا نحن المسلمين بشيء إن لم تكن لدينا دولة وإمام ، فإن وجدوا فتكون المعايير المادية التي سنذكرها هي قوة إضافية تضاف إلى القوة الأساس .
أما بالحديث عن المعايير المادية فلا تقاس قوة الدولة بعدد جنودها وحجم عتادها العسكري فقط ، بل تشمل معايير أخرى أبرزها الموقع الجغرافي ، والقوة البشرية ، إضافة إلى قوتها الاقتصادية .
فإن تحدثنا عن الموقع الجغرافي الذي تبرز أهميته خلال الحروب الهجومية أو الدفاعية نجد أن المسلمين منتشرين في كثير من البلدان نتيجةً للفتوحات الاسلامية التي أنجزتها دولتهم خلال ثلاثة عشر قرناً ، وأن موقع البلاد الاسلامية يمثل قلب العالم ومنتصفه ورغم تفاوت كل منطقة بالنسبة لموقعها ولكنها دولٌ تقع على عقدة اتصال قارات العالم ببعضها ووجودها أيضا على سواحل البحار والمضائق وبالتالي تهديد خطوط إمداد الدول المتحاربة وتأمين إمداد ودعم لوجيستي دائم مما يساعد على مواصلة القتال بكفاءة عالية ، كسوريا مثلا والتي تعد ممراً وعقدة اتصال لقارات العالم الثلاث أوروبا وأفريقيا وآسيا مما يعطي موقعها الجغرافي أهمية لتكون نقطة ارتكاز للدولة الإسلامية القادمة .
وإن تحدثنا عن القوة البشرية التي تعتبر من إحدى معايير تصنيف قوة الدولة ولكنها لا تشكل عنصراً حاسماً في التصنيف ، وإذا علمنا أن الصين لديها أضخم جيش في العالم حيث يبلغ تعداده 2.18 مليون جندي ، وأمريكا 1.28 مليون جندي بحسب موقع "ستاتيستا" الأمريكي ، نجد أن القوة البشرية في الدولة تكون عندما تجمع الجيوش الإسلامية في مختلف بلاد المسلمين بسلاحها وعتادها ورابطتها العقدية التي تربط فيما بينها وتوحدها تحت راية واحدة في ظل دولة واحدة وخليفة واحد ، وبالتالي سيتشكل لدينا جيش عرمرم لا يقهر بإذن الله ، لاسيما وأن تعداد هذا الجيش سيكون بعدد كل انسان مسلم قادر على الجهاد وحمل السلاح أي سيكون جيش أمة وليس مجرد جيش دولة هذا بالنسبة للقوة البشرية المتمركزة في الدولة الاسلامية .
وإن تحدثنا عن القوة الاقتصادية التي تعد أيضا من أبرز معايير تصنيف القوة لما لها من أهمية في قدرة الدولة على الإنفاق لتزويد جيشها بأحدث المعدات العسكرية المتطورة والإنفاق على تدريب قوات احترافية بصورة تمكنها من امتلاك اليد العليا في الحرب بفضل المزج بين الأسلحة المتطورة والاحترافية في استخدامها ، وبإنزال هذا المعيار على واقع البلاد الاسلامية نجد أن بلادنا هي من أغنى البلاد من حيث الموارد الطبيعية التي تحويها وخاصة النفط والغاز الطبيعي والمعادن النادرة ، لأنها تؤمن قدرة الجيوش على خوض حروب طويلة الأمد دون أن تكون مجبرة على تغيير خططها العسكرية بسبب نقص مخزونها الاستراتيجي من الوقود على سبيل المثال .
أما بالحديث عن القوة العسكرية وما تملك الدولة من قوة جوية وبحرية وبرية فإنها تعتبر من أحد المعايير في التصنيف ولكنها غير حاسمة رغم مالها من دور فعال في إضعاف الخصم ، فتقاس القوة الجوية بناءاً على ما تملكه الدولة من طائرات حربية بجميع أنواعها " ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات وطائرات التدريب والنقل العسكري " ، أما القوة البحرية فتقاس بعدد ما تملكه الدولة من قطع بحرية عسكرية وأنواع سفنها ومستوى التسليح والتقنيات العسكرية التي تحويها السفن ، إضافة لحاملات الطائرات الحربية والمروحية والغواصات النووية والتقليدية " ، أما القوة البرية فتشمل كل ما تملكه الدولة من دبابات وخاصة دبابات القتال الرئيسية ذات القدرات النيرانية الهائلة والدبابات الخفيفة والمركبات المضادة للدبابات بالإضافة إلى قوة المدرعات التي تضم " مركبات نقل الأفراد المدرعة ومركبات القتال المدرعة والمركبات المضاد للألغام "إم آر إيه بي" وراجمات الصواريخ والمدافع ذاتية الحركة " ، أما عن كيفية الحصول على هذه القوة فإن البلاد الإسلامية تملك من هذه القوة ملايين الأطنان من القطع العسكرية المتنوعة والآلاف من الأسلحة التكتيكية كالطائرات والبوارج البحرية الحربية والقواذف الأرضية والتي باستطاعتها المواجهة ، ولكن بفعل حكام المسلمين تعطلت هذه المعدات وأضحت سلاحاً موجهاً إلى صدور المسلمين لقمعهم إذا ما أرادوا اليقظة والتغيير ، إضافة إلى أن الأمة الإسلامية أمة حيّة وبالتالي فلها القدرة على إفراز عقول مفكرة ومبتكرة قادرة على اختراع وتنمية القدرات الميكانيكية والتكنولوجية التقنية الحديثة في مجال الصناعة العسكرية والتفوق على الغرب إذا رعتها الدولة حق الرعاية .
وأخيراً وبناءاً على ما سبق فإن المعايير المادية التي ذكرناها آنفاً توفر للدولة الاسلامية قوة سياسية هائلة لامتلاك الأمة وإيمانها بفكرة مبدئية تموت وتحيى في سبيلها بالإضافة لامتلاكها طاقات حيوية وانتشار بشري واسع ، لاسيما بوجود قيادة سياسية صالحة ومحنكة قادرة بأعمالها السياسية على إخضاع الدول لنفوذها . فقوة المبدأ وتمسك الأمة به وامتلاكها لطاقات حيوية وموارد الدولة ومقوماتها وانتشار المسلمين في بقاع الأرض وضغطهم السياسي المؤثر وتأثير الخليفة على جميع المسلمين بالإضافة إلى سقوط المبادئ الأخرى في نظر معتنقيها كل ذلك يعتبر عاملاً حاسماً في حتمية الانتصار وصعود الدولة الاسلامية لمرتبة تمكنها من امتلاك مركز الدولة الأولى في العالم .
فإن أردنا أن نعيد مجدنا التليد ونكون سادة الدنيا من جديد فعلينا العمل الجاد لإعادة الإسلام ليحكم الوجود دولة تطبق مبدأ الإسلام وتحمله للعالم كما حملها رسول الله ﷺ رسالة هدى ونور ففتح قلوب العباد قبل فتح البلاد . ومن هنا كان لزاماً على المسلمين في كل أقطار العالم أن يكون يقينهم بنصر الله لهم حاضراً على الدوام وأن يتجهزوا لذلك ويُعدّوا أنفسهم إيمانياً و سياسياً وعسكرياً لتمكين دينهم على الأرض وإعادة استئناف الحياة الاسلامية في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية التي وعدنا الله سبحانه وتعالى بها حين قال : (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) .
وإنها لآتية بإذن الله وستحكم مشارق الأرض ومغاربها ولن تجابهها قوة في العالم بل سيخضع الجميع لسلطانها قال عليه الصلاة والسلام :
نشر موقع (روسيا اليوم، الأربعاء، 15 ذو الحجة 1441هـ، 05/08/2020م) خبرا جاء فيه: "قال خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيمونوف، لـ"كوميرسانت": "من شأن أي عملية عسكرية غير منسقة مع أنقرة، في التصدي للواقع الجديد في إدلب، أن تنطوي على مخاطر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل الانتشار العسكري التركي في المنطقة. ولذلك، فإن نقل تعزيزات الجيش السوري والضربات الجوية الروسية على إدلب، لا يمكن اعتبارها حتى الآن سوى إشارة إلى تركيا لبذل كل ما في وسعها لتنفيذ اتفاق إنشاء منطقة أمنية".
وبحسب سيمونوف، فمع أخذ الصعوبات التي تواجهها الدوريات الروسية التركية على الطريق السريع M4 في الاعتبار، فإن إنشاء شريط آمن، سوف يقطع حتماً الأراضي التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام والمعارضة، ولا يمكن إنجازه إلا باستخدام القوة. إنما نتيجة العملية العسكرية قد تغدو غير سارة لدمشق. "فلقد أظهرت تجربة العملية العسكرية السابقة في هذه المنطقة أن ميزان القوى يمكن أن يتغير بشكل جذري حتى عند المشاركة المحدودة للجيش التركي في دعم المعارضة. ومن المرجح أن تركيا رفضت تسليم المناطق الواقعة جنوبي M4 لقوات النظام، لأنها ترغب في استخدامها لضمان تعزيز مواقعها شرقي الفرات في المستقبل، وربما للمساومة مع روسيا بشأن ليبيا"."
الراية: تتواتر يوما بعد يوم الأدلة والبراهين القطعية التي تؤكد للقاصي والداني مدى التوافق والتعاون الكامل بين تركيا أردوغان وروسيا لتنفيذ أوامر أمريكا كي يصلوا إلى مرحلة خنق ثورة الأمة في الشام والقضاء عليها عبر تطبيق الحل السياسي الأمريكي، والحفاظ على النظام السوري عميل أمريكا.
ولولا هذا التنسيق الكامل بين تركيا أردوغان وروسيا الحاقدة لما استطاعت قوات النظام السوري المجرم المتهالك وقوات روسيا التقدم مترا واحدا في الأراضي المحررة رغم كثرة عدتهم وعتادهم، وحتى لو حاولوا دون هذا التنسيق والتعاون مع تركيا لكلفهم كما يقولون الثمن الباهظ، وهذا أصبح واضحا للعيان ولا يحتاج لكثير شرح وبيان.
نعم لقد نجحت أمريكا الصليبية فعلا في إعادة أكثر من ثلاثة أرباع المحرر لقبضة النظام السوري من جديد. وهذا ما كان ليحدث لولا مصادرة قرار الثورة ممن يدعون أنهم يمثلون ثورة الشام سياسيا وعسكريا، والذين خاضوا المؤتمرات وشهدوا المؤامرات التي تحاك لهذه الثورة اليتيمة فلم تظهر منهم سوى مواقف الخزي والعار والتي تمثلت في القبول والسير بذل وخنوع في مخططات أمريكا لقضائها على هذه الثورة العظيمة ليكونوا في النهاية شهود زور في بيع التضحيات ودماء الشهداء في سوق النخاسة السياسية.
لكن على الرغم من كل هذه الجروح والآلام التي تعاني منها ثورة الشام وأهلها، فلا تزال هناك فسحة أمل كبيرة لتعود الثورة لسابق عهدها، وذلك بالعمل الجاد أولا على استعادة قرار الثورة السياسي والعسكري فترفض كل المؤتمرات والاتفاقيات الدولية وتجعلها تحت الأقدام وتزاح هذه القيادات التي ثبت فشلها وارتباطها مع الدول المتآمرة، ويتقدم المخلصون من أبناء هذه الثورة سياسيا وعسكريا ممن يحملون مشروعا صافيا نقيا عن الإسلام ونظامه وأحكامه فيقودون هذه الثورة ويكملون مسيرتها متوكلين على الله وحده دون سواه حتى إسقاط النظام المجرم في دمشق وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة على أنقاضه وما ذلك على الله بعزيز.
أفاد الأستاذ أحمد عبد الوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية سوريا: بأن مسلحي هيئة تحرير الشام قاموا باختطاف الشاب عبد القادر هلال من شباب حزب التحرير في مدينة إدلب بعد توزيعه همسة بعنوان: التعلق بوعود الداعمين؛ هلاك وخسران مبين. وأوضح عبد الوهاب في تدوينة على قناته في تلغرام: بأن الشاب عبد القادر هلال اعتقله طاغية الشام قبل انطلاق ثورة الشام؛ واستمر اعتقاله ما يقرب من سبع سنوات؛ وذلك بسبب انتمائه لحزب التحرير؛ ودعوته لإقامة الخلافة على منهاج النبوة؛ ثم بعد خروجه من المعتقل استأنف نشاطه مع حزب التحرير. وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها أمنية هيئة تحرير الشام باعتقال شباب حزب التحرير؛ والاستيلاء على الأملاك الخاصة بالحزب وشبابه؛ فقد سبق هذا الاعتقال اعتقالات لعشرات الشباب استمرت شهورا طويلة. والجدير بالذكر أن الاعتقال جاء في وقت يتجهز فيه طاغية الشام لاستلام جبل الزاوية الذي يقع جنوب طريق m4. وختم عبد الوهاب متسائلا: لمصلحة من تقوم أمنية هيئة تحرير الشام باعتقال شباب حزب التحرير؟ ولمصلحة من تقضي على كل من خالفها من الفصائل المسلحة؟ ولمصلحة من كل هذه المضايقات للناس حتى في لقمة عيشهم؟ وإلى أين تسوق هيئة تحرير الشام المناطق المحررة؟ ألم تعلم هيئة تحرير الشام أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن يوم الحساب قريب؛ وعند الله تجتمع الخصوم؟!