- التفاصيل
عندما انطلقت ثورة الشام المباركة وبدأت تتلمس طريقها بالوصول إلى غايتها بإسقاط النظام وتحكيم الإسلام، حاولت أن تجرب كل الطرق فنادت المجتمع الدولي الذي كان يرى ويشاهد قتل أهل الشام بالأسلحة التي تسمى كذبا بالأسلحة المحرمة دوليا ومنها الكيماوي، فاكتشف أهل الشام كذبة المجتمع الدولي وأعلنوا في إحدى جمعهم أن المجتمع الدولي شريك في قتلنا.
ثم راحوا ينادون الدول بالتدخل وفرض حظر طيران أو تزويد المجاهدين بمضاد الطيران أو إنشاء منطقة آمنة، لكن كل ذلك لم يلق من تلك الدول آذانا صاغية.
فأدرك أهل الشام أنهم وحيدون في مواجهة العالم ورفعوا شعار "ما لنا غيرك يا الله"، واعتمدوا على أنفسهم وصنعوا السلاح وحرروا المناطق وأصبح النظام على حافة السقوط مما استدعى تدخل الأعداء و(الأصدقاء!)؛ فقسم دعم النظام وسانده عسكريا ومادياً، وقسم ادعى أنه داعم للثورة وهذا الأخطر؛ إذ إنه بعد فترة استطاع من خلال الدعم أن يتحكم بالقرارات وفتح وإغلاق الجبهات وإلزام الفصائل بالهدن والمؤتمرات، مما جعلهم يخسرون معظم المناطق المحررة، وجعلهم تحت رحمة هذه الدول التي لم تألو جهدا في إعادتهم إلى حظيرة النظام مستخدمة كل الأساليب من ترهيب وترغيب وتهديد.
واليوم وبعد أن أدرك أهل الشام أن جميع هذه الطرق لن توصل الثورة وأهلها إلى غايتهم بإسقاط النظام وتحكيم الإسلام، وبعد إدراكهم لدور الدول التي ادعت صداقتهم، وبدل أن يعملوا على قطع حبال هذه الدول الواهية والاعتصام بحبل الله المتين، وإعادة الثورة إلى ما كانت عليه من توكل على الله وحده وطلب النصر منه، هناك من يحاول إعادة الثورة إلى المربع الأول (المجتمع الدولي)!
فيا أهل الشام المؤمنين الصابرين: لطالما كانت ثورتكم الكاشفة الفاضحة فلا تتركوا المفضوحين ليسرقوا ثورتكم ويؤخروا وصولها لغايتها، وامضوا على بركة الله مستعينين به وحده طالبين رضاه معتصمين بحبله لا تخشون في الله لومة لائم... فتستحقوا بذلك نصره وتفوزوا في الدارين. ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾، ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
جريدة الراية: https://bit.ly/2Z7EXA4
- التفاصيل
منذ قرن من الزمان وبعد هدم دولة الخلافة والعالم يعيش عصر التوحش الرأسمالي الجائر الذي تفرد في حكم العالم قبيل نهاية القرن الماضي وخاصة بعد انهيار المنظومة الشيوعية التي شاركته الإجرام.
وقد فرض هذا الغول المتوحش على العالم مبدأه وقيمه التي أرهقت الناس وأذاقتهم الويلات؛ ويلات حربين عالميتين أَزهقتا أرواح ملايين البشر ودمرتا البلاد، ولا يكاد يخلو عقد من الزمن إلا وفيه حرب مدمرة يشرّد نتيجتها شعب من شعوب الأرض وتزهق آلاف النفوس.
ولم تكن الأمة الإسلامية في معزل عن هذا، فبعد هدم خلافتها أصبحت مستباحة أمام هذا الغول المتوحش، الذي غزاها في عقر دارها ونهب خيراتها وقتّل أبناءها وشرّد أهلها ودنّس عرضها وأرضها، فضلاً عن تنصيب حكام عملاء أكملوا مهمته القذرة، وذلك عندما تظاهر المجرمون بالانسحاب من بلادنا بعد أن قسموها لكانتونات أسموها دولاً وفي الحقيقة ما هي إلا مزارع لهم.
لقد عاش العالم ومنه الأمة الإسلامية على زيف الشعارات التي أصبح ذكرها يزكم الأنوف، بعدما ظهرت حقيقتها ليس للمسلمين فحسب، بل وللعالم أجمع، فقد رأينا الانهيارات الاقتصادية الفادحة منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، كما ورأينا انتفاضة الناس ضد مركز حيتان المال في وول ستريت عندما رفعوا شعار "الشعب يريد إسقاط وول ستريت"، وكذلك رأينا انتفاضة فرنسا فيما سمي بثورة "السترات الصفراء" مطالبة بالتغيير والإصلاح، بعدما تحولت المجتمعات الغربية إلى مجتمعات متوحشة بربرية، يأكل فيها القويُ الضعيف، وتسود فيها شريعة فاسدة مفسدة أنهكت البشر والحجر...
ومع مرور عقد من الزمن على ثورات الأمة فيما سمي "بالربيع العربي" نشهد في هذه الأيام انتفاضة عارمة في مدن وولايات متعددة في رأس الكفر أمريكا، رفعت شعار "لا أستطيع التنفس" وطالبت بالعدالة والتغيير، هذه المظاهرات التي اندلعت على إثر مقتل رجل أمريكي أسود تحت ركبة رجل شرطة أبيض، رغم مناشدات الناس الذين حوله.
هذا المشهد كشف زيف الشعارات التي تشدق بها أتباع هذه الحضارة الظالمة ودعاتها، بل وأسقطها في عقر دارها، أسقطها في نفوس الناس، وأدرك الناس بطلانها وزيفها فثاروا يريدون التغيير وينشدون العدالة والكرامة.
ولكننا رأينا كيف تصرفت الحكومة الأمريكية، حيث نشرت المدرعات والمصفحات وقوات الجيش في الشوارع وحول البيت الأبيض، مرسلة برسالة فحواها أن ديدن الطغاة واحد لا يختلف، وأن من يتحكم برأس الكفر هو كبيرهم الذي علمهم كيف تقمع الشعوب.
والسؤال الذي يبرز جليا هنا هو: ما البديل الحضاري للرأسمالية المتوحشة التي ظهر زيف شعاراتها البراقة حتى بين شعوبها؟ ما هو البديل الذي ينقذ البشرية من براثن الرأسمالية ويحقق للبشرية العدالة التي تنشدها والعيش الكريم بعيداً عن كل أنواع التمييز الذي أرهقها؟
إن الأمة الإسلامية هي وحدها التي تملك هذا البديل وتملك أسباب نجاحه. فهي تملك المشروع الحضاري الرباني الذي يحل العقدة الكبرى عند الإنسان حلا صحيحا وينظم علاقاته جميعها، بنظام تطبقه دولة ليكون مجسدا في واقع الحياة، وهذا ما يعمل له حزب التحرير، لينقذ أمته والبشرية جمعاء من شرور الرأسمالية.
إن مشروع الخلافة ليس مشروعاً نظرياً، يقبع في بطون الكتب، بل هو امتداد للدولة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة منذ أربعة عشر قرناً، والتي حكمت العالم لقرون عديدة وكانت لها كلمة الفصل في العلاقات الدولية لقرون عدة كذلك.
والآن ومع انكشاف زيف النظام الرأسمالي الذي يتحكم بالعالم ويتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وسقوطه في عقر داره في نفوس أبنائه، وجب على المسلمين جميعاً أن يلتفوا حول مشروع نهضتهم، ويتوحدوا على العمل لتطبيقه، ويأخذوا على يد كل من يحاول أن يحرفهم عنه.
وعليهم أن يحذروا الحل السياسي الذي تريد رأس الكفر أمريكا فرضه للقضاء على ثورة الشام فهو سيضغط على أعناقنا ليقطع أنفاسنا ويقضي علينا، كما حصل للمتظاهر الأسود، وهو سم قاتل يتخفى ببراقع الإنسانية، لذلك علينا أن نرفضه ونعمل جاهدين لإسقاطه وإسقاط كل من يدعو له.
ولنتذكر جميعاً أن خلاصنا وفوزنا ونجاتنا في العمل من أجل تطبيق المشروع الحضاري الذي ارتضاه لنا ربنا سبحانه وطبقه رسولنا صلى الله عليه وسلم فهو الذي ينقذنا وينقذ البشرية.
ولنثق بوعد الله سبحانه وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه آن أوان دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وأن "يوم بعاث" قد هيأ الظروف لإقامتها وأن يوم الفرقان لا بد آت، فعليكم مسؤولية إقامتها لتنالوا شرف ذلك، وليكن على أيديكم خلاص البشرية جمعاء من ذلك الغول المتوحش الذي بدأ نجمه بالأفول.
يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [سورة الأنفال: 24]
كتبه: الدكتور محمد الحوراني
جريدة الراية: https://bit.ly/3hD3h5x
- التفاصيل
يشتد في هذه الأيام الترويج للحل السياسي الذي طرحته أمريكا منذ بداية الثورة وأخذت تراوغ به لاحتواء الثورة سياسيا والقضاء عليها عسكريا وفرض الحل الذي يحفظ نفوذها. إن ما جرى مؤخرا من تسليم المناطق في أرياف حماة وإدلب وحلب الغربي وتشريد الناس وتعفيش بيوتهم كان بتواطؤ من تركيا وقادة الفصائل من جهة وروسيا من جهة أخرى لتركيع الناس وقبولهم للحل السياسي. وكذلك فتح الطرقات الدولية، كل هذا توطئة للحل السياسي بطريقة مذلة ومهينة لفرض حل سياسي يفرض بالقوة العسكرية والقتل والتشريد... فما هو هذا الحل السياسي؟
إن الدول العاملة في سوريا من مثل روسيا وتركيا هي أدوات منفذة لما يمهد للحل السياسي وليسوا أصحاب قرار في وضع الحل السياسي، ولذلك كل ما يقومون به لا يعطي الشكل الحقيقي للحل السياسي لأن صاحبة القرار هي أمريكا وهي حتى الآن لم تفصح عن مخططها الذي تعمل عليه بخبث ومكر لإيجاد عملاء ليكونوا حكاماً جددا، وأيضا لم تفصح عن شكل الدولة ودستورها وقوانينها، ولكن نستطيع أن نستقرئ الحل السياسي من خلال نماذج سابقة لحلول سياسية فرضتها أمريكا على شعوب المنطقة بعد حروب حصلت كما في لبنان والعراق وأفغانستان.
إن الواقع في تلك الدول يعطينا نموذجاً للحل السياسي في سوريا.
ففي هذه الدول فرضت أمريكا حلولها السياسية بعد أن جمعت زعماء الحرب في هذه الدول في مؤتمرات كمؤتمر الطائف للبنان ومؤتمر مكة للعراق، صالحت فيها بين زعماء الحرب وجلبت مزيداً من العملاء لها وفرضتهم حكاما على الناس.
كما أنها حافظت على الطابع الأمني البوليسي لهذه الدول لتكون قامعة لكل من يفكر بالحل الحقيقي الذي يغير الواقع الفاسد تغييرا جذريا، كما أن لهذا الحل السياسي طابع التحكم الاقتصادي المالي للرأسماليين "الذين أثروا من الحرب والسرقات التي نهبوها من ثروات الأمة وقوت الشعب"، سيكون الوجه البارز للحكم وإن سمي ديمقراطيا فهو في الحقيقة شراء لأصوات الناخبين بالمال القذر، ومن باع صوته لا حقوق له بعد ذلك.
كما أن هذا الحل السياسي لا ينسى المحاصصة الطائفية والمليشياوية التي باسم الطوائف والمذاهب يتقاسم زعماء الطوائف والمليشيات المناصب والمنافع لمزيد من نهب الثروات ومقدرات الشعوب.
وكذلك فرض بعض العملاء تحت عنوان الخبراء والاختصاصين والتكنوقراط، وهذا الصنف الذي يدفع به إلى الساحة باعتبارهم مخلصين للشعب وهم في الحقيقة عملاء سريون صُنعوا وراء الكواليس ولم يشاركوا في الحرب بل هم لصوص الظل الذين تربوا في أحضان أمريكا وكيان يهود. هذه الطغمة الفاسدة من العملاء سيضعون دستورا علمانيا على مقاسهم وشاكلتهم بعد أن تمكنهم أمريكا من رقاب الناس وسيغيرون هذا الدستور كلما اقتضت الحاجة لخداع الناس بعد انكشاف زيفهم وفسادهم.
نعم هذا هو الحل السياسي الذي يروجون له للتغيير والخلاص من النظام السابق، فما هو المتوقع من نتائج هذا الحل السياسي؟
إن المتوقع منه واضح من خلال ما شاهدناه في لبنان والعراق من فساد واستبداد وأزمات اقتصادية وخدمية على كافة المستويات، وليس آخرها مزيد من انهيار العملات وفقدان الناس مدخراتهم. ونسلط الضوء قليلا على ثمار الحل السياسي التي ستنتج في سوريا كما نتجت في العراق ولبنان:
ففي لبنان انتهت الحرب منذ ثلاثين عاما ولكن تتالت الأزمات على الناس الذين هاجروا من البلد بعد الحرب أكثر ممن هاجر أثناءها لأنه بلد لم يعد صالحا للعيش فيه بعد الحل السياسي.
فعلى مستوى الأمن هناك استهداف للمسلمين لأنهم يرفضون الحل السياسي الفاسد ويسعون للتغيير الحقيقي، فالسجون مليئة بشباب المسلمين المخلصين، بينما عملاء كيان يهود وتجار المخدرات وأرباب الجرائم يحاكمون محاكمات سريعة وتصدر بحقهم أحكام مخففة ويخرجون بعفو عام أو خاص! وعلى المستوى الاقتصادي البطالة وانعدام الخدمات من تعليم وصحة وكهرباء ومياه هي ما يعاني منه الناس؛ فالمدارس الرسمية فاشلة مما أوجد جيلا من الجهلة والضائعين، وعلى المستوى الصحي يموت الناس أمام أبواب المستشفيات ولا يجدون استشفاء، وعلى المستوى الخدمي لا زال الناس بعد ثلاثين عاما من انتهاء الحرب يعيشون على أمبيرات الكهرباء وصهاريج المياه وأكثرها غير صالح للشرب ورغم ذلك يشربها الناس.
هذا في لبنان، وفي العراق الوضع أشد سوءاً، وكذلك في أفغانستان مما يؤدي إلى انفجار الوضع كل فترة فتقوم الاغتيالات والاقتتالات والمظاهرات فتعالجها الأنظمة بمزيد من الترقيع والخداع.
هذه هي نتائج الحلول السياسية الأمريكية للشعوب المسلمة، والحل في سوريا ستكون نتائجه على هذه الشاكلة من الفوضى والفساد والفقر والمرض والجهل تحت قبضة أمنية واقتصادية للعملاء الجدد لمنع أي تغيير حقيقي، فما هو التغيير الحقيقي الذي يخلص الأمة من هيمنة أمريكا وظلمها؟
إن الحل الحقيقي هو في التغيير الجذري لمفاهيم الناس عن الحياة والنظام السياسي الذي ترعى به شؤون الناس، وهذا التغيير يكون باتخاذ الإسلام مبدأ ونظاما للحياة ويعمل له ويُحمل باعتباره مشروعاً سياسياً توحد على أساسه جهود الأمة لكي تتخذ من حملة هذا المشروع قيادة سياسية تنبثق من الأمة لتقودها نحو التغيير الحقيقي.
وقد قدم حزب التحرير مشروع دستور أوضح فيه رؤيته للتغيير وما تقوم عليه الدولة من عقيدة وفكر وما تطبقه من أنظمة في الحكم والاقتصاد والاجتماع والقضاء والجيش والعلاقات الدولية. هذا المشروع يمثل عرضاً حقيقيا كاملا متكاملا متوكلا على الله مؤمنا به ومستندا إلى جهود الأمة من أبناء المسلمين وحدهم حيث لا خلاص ولا تغيير إلا بهذا الطريق كما وعد الله سبحانه بقوله ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾، وكما بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله بعد انتهاء الحكم الجبري «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
فهل سيقف المخلصون من أبناء الأمة متفرجين على من يسيرون بالثورة إلى الحل السياسي الأمريكي ويفرطون بكل تلك التضحيات التي قدمها أبناء الأمة في سبيل إعلاء كلمة الله وخلاص الأمة من أنظمة الكفر الجبرية؟
بقلم: الشيخ محمد سعيد العبود (أبو مصعب الشامي)
جريدة الراية: https://bit.ly/3cs3rbZ
- التفاصيل
نشر موقع (الأناضول، الخميس، 13 شوال 1441هـ، 04/06/2020م) خبرا جاء فيه: "انسحبت قوات روسية من قرية سورية كانت تنوي إقامة نقطة عسكرية فيها، بعد ضغوطات أمريكية.
وصباح الأربعاء، وصلت قوات عسكرية روسية، عبر مروحيات وعربات مدرعة، إلى قرية "قصر ديب" التابعة لمدينة المالكية، شمال شرقي سوريا، حيث تمركزت هناك، إلا أن دوريات أمريكية قطعت الطريق على شاحنات كانت تحمل معدات لوجستية إلى النقطة التي نزلت فيها القوات الروسية، وأجبرتها على العودة إلى القامشلي قرب الحدود السورية التركية.
وأفادت مصادر محلية للأناضول، بأن القوات الأمريكية طالبت الروس بالانسحاب من النقطة، وأجرت دوريات مكثفة حولها، ما دفعهم إلى الانسحاب منها، والعودة إلى قاعدتهم في مطار القامشلي".
الراية: تؤكد هذه الحادثة أن روسيا لا تستطيع التحرك في سوريا بدون إذن أمريكا، وعندما تطلب منها أمريكا سحب قواتها من أي مكان في سوريا فإنها تنفذ ذلك مباشرة؛ ذلك أن روسيا جاءت أصلا إلى سوريا بطلب من أمريكا عام 2015 خلال زيارة قام بها رئيس أمريكا السابق أوباما إلى روسيا، وإذا ما تمكنت أمريكا من فرض حلها السياسي في سوريا فإنها ستطالب روسيا الانسحاب منها، فأمريكا تستخدم روسيا مثلما تستخدم تركيا أردوغان وإيران وأشياعها لحماية نظام بشار العلماني البعثي الذي أذاق وما زال أهل سوريا المسلمين الأمرين. وإن الله لهم جميعا لبالمرصاد، فسيحبط مؤامراتهم وينصر عباده المخلصين ولو بعد حين، قال تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾.
جريدة الراية: https://bit.ly/2UrxF8I
- التفاصيل
من المعلوم أن أمريكا هي صاحبة القرار في سوريا، وهي من يوزع الأدوار على أدواتها، من بطش ومكر والتفاف واحتواء. ومعلوم أيضاً أن روسيا لا تستطيع الخروج عما ترسمه أمريكا في سوريا رغما عنها، وعندما حاولت روسيا أكثر من مرة، أن تتمرد وتغرد خارج سرب أمريكا تحقيقا لرؤيتها الخاصة، وجّهت لها أمريكا صفعات موجعة لتدرك حجمها وحدود دورها المسموح لها به.
لقد كان دخول روسيا إلى سوريا عام 2015 بضوء أخضر أمريكي، في اليوم التالي للقاء أوباما بوتين. وكان لكل منهما حساباته من الدخول؛
فأمريكا أرادتها قوة إضافية تبطش بأهل الشام بعد عدم تمكن إيران وحزبها اللبناني والمليشيات من وأد الثورة. إضافة إلى مكر أمريكا بروسيا لإيقاعها في وحل مستنقع يُحرجها ويستنزفها، ويفقدها بوصلتها وصوابها، ويريها حجمها الحقيقي.
أما روسيا فقد كانت تأمل من تدخلها العسكري المباشر في سوريا عدة أمور، منها:
أولاً: الحقد الصليبي الروسي الدفين على الإسلام ودولته، وخشيتها من انتصار ثورة الشام وما يمكن أن يتبعه من إقامة حكم الإسلام، وقد كان هذا التوجس واضحاً من خلال تصريحات لافروف المتكررة، وبعضها كان عبر منصة الأمم المتحدة.
ثانياً: اندفاع بوتين المتغطرس لإظهار روسيا كدولة فاعلة من جديد في الأحداث الدولية وإخراجها من عزلتها وقوقعتها.
ثالثاً: رغبة روسيا في كسب شيء من ودِّ أمريكا أملاً منها في تخفيف مكرها وقيودها وعقوباتها التي فرضتها عليها بسبب أوكرانيا وغيرها.
رابعاً: مطامع مادية تأملتها روسيا من تدخلها في سوريا.
طال الأمد ومضت سنوات على التدخل، وتململ الدب الروسي، وزادت تكاليف تدخله، وبدأ يتوجس من غياب أفق نهاية النفق، وشعر بمكر أمريكا بل أدرك ذلك يقيناً.
لقد بدت روسيا كالمتعهد أو المقاول الأجير الذي يريد إنهاء مهمته كي يقبض ويمشي، لكن رسالة أمريكا كانت واضحة أيضاً: "الدخول ليس كالخروج، لن تخرجوا حتى إنجاز المهمة". علماً أن أمريكا تمكر بروسيا لإخراجها، بعد تأدية دورها، خالية الوفاض وأن تكتفي من الغنيمة من رحلتها بالإياب فقط.
حاولت روسيا الحسم العسكري والاجتياح الشامل مرّات عديدة، لكن أمريكا كبحت جماحها كل مرة، وكانت تركيا أحد أهم الأدوات الأمريكية لتحقيق ذلك. لأنها تصرُّ على الحل السياسي الذي تهندسه وتمهد له، والذي لا يقل خطراً عن الحسم العسكري. فأمريكا تريد حلّا مستقراً، لا المقامرة بحل يمكن أن يخلق لها المشاكل مستقبلاً، ولذلك فهي لا تخاطر بخطوات سريعة يمكن أن يتبعها تفلّت يؤرقها ويمكن أن ينسف جهودها على مدار تسع سنوات لوأد الثورة. فلو سمحت أمريكا لروسيا بالحسم العسكري واحتلال كامل المحرر لسقطت الفصائل المرتبطة، بشكل كامل، ومعها الدور التركي بنظر الناس، ما يعيد إلى الناس قرارهم إلى حدّ كبير، وما يمكن أن يتبع ذلك من إحياء جديد لجذوة الثورة، عبر حراك شعبي بعيد عن قيود الداعمين وإملاءاتهم. وقد حاولت روسيا الاجتياح والحسم العسكري الكامل عام 2018، فقوبل بالرفض الأمريكي، فكان أن أحالت روسيا الأمر للأمم المتحدة، ما يعني فهمها وإذعانها للرسالة الأمريكية.
هذا لا يعني عدم مباركة أمريكا لسياسة القضم الجزئي الممنهج الذي يزيد الخناق على أهل الشام، بالتوازي مع المكر التركي، ليقبلوا بما يملى عليهم من حلول قاتلة.
أمريكا تريد الحل في جنيف وفق رؤيتها، وروسيا مستعجلة، تتلظى وتحاول تسريع الأمر عبر مؤتمرات عدة في موسكو وأستانة وسوتشي.
أمريكا تترك المجال لروسيا عندما تتحرك ضمن إطار ما يخدم الرؤية الأمريكية، فإن شذّت أو تطاولت، تم تحجيم دورها والتأكيد عليها أن الحلَّ سياسيٌّ، وفي جنيف الأممي (الأمريكي) حصراً، لا عبر اجتهادات روسية في مؤتمرات فرعية هي بمثابة روافد لجنيف بشكل أو بآخر وليست بديلا عنه. علماً أنه عندما تشعر أمريكا أن ظروف مكرها قد نضجت في سوريا، وأن بإمكانها إخراج روسيا خالية الوفاض، يستوي عندها حينها الحل السياسي أو الاجتياح العسكري، لتثبيت نظام عمالتها في دمشق. وقد أبدت روسيا أنها غير متمسكة بشخص بشار، وما يهمها هو ما تحصله من مكاسب، بأي مخرج كان، من شأنه أن يخلصها من مأزقها الذي وقعت فيه.
أما ما يحصل من صراعات داخلية داخل النظام، فمرده إلى إدراك زبانية النظام مدى ضعفه وعجزه، وإلى ضائقة اقتصادية خانقة تفرض نفسها عليه وعلى داعميه، فهو مستنزف ومهلهل ومفلس، يضرب يميناً وشمالاً لتأمين بعض السيولة لروسيا التي تريد بعض أتعابها، فتضغط على بشار لتسديد دفعات عاجلة، ما يضطره للضغط على جماعته وتجّاره لتأمين ما أمكن لإرضاء روسيا ولو مؤقتاً.
وجدير بالذكر أن العلاقة بين أمريكا وروسيا وإيران والنظام ويهود معقدة ولها تشعبات وحيثيات، وبينهم ما بينهم من حسابات معقدة.
وقد يكون الحديث عن مرشحين محتملين للرئاسة بمثابة بالونات اختبار لجس نبض الشارع، أو هي أمنيات روسية بائسة، أو إشغال للناس وتمرير للوقت في ظل ما تحتاجه ترتيبات الحل السياسي من وقت طويل يحتّم القضاء على النفس الثوري والجهادي الموجود على الأرض.
صحيح أن أمريكا هي التي تمسك بزمام الأمور حتى الآن وأنها هي من توزع الأدوار، إلا أن أكثر ما تخشاه هو تفلُّت الشارع وأن تخرج الأمور من يد أدواتها، بسبب تخوفها من فكرة الثورة المتجذرة في نفوس الناس، ومن الرأي العام الذي تشكل رغم ما يشوبه. ولذلك فهي غير مستعجلة رغم عدم ارتياحها للتأخير وما يمكن أن يخبئه المستقبل من متغيرات.
وإن الحل السياسي الذي تسعى له أمريكا، عبر القرار ٢٢٥٤، يتلخص بمرحلة انتقالية يتم فيها تطعيم حكومة النظام ببعض الشخصيات التي تعتبر الوجه الآخر له، والتي تزعم المعارضة نفاقاً، مع الحديث عن دستور جديد أو تعديل شكلي له ليبقى علمانياً خالصاً يعلن الحرب على الله ورسوله وشريعته، وانتخابات مسرحية مستقبلية، مع بقاء المؤسستين الأمنية والعسكرية جاثمتين على صدور الناس، وتمهيدا لانخراط الجيش الوطني مع جيش النظام نفسه، لتتحول فوهات البنادق من قتال نظام الإجرام إلى قتال من يعارضه ويقف بوجه الحل السياسي القاتل. وقد قالها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري في فينّا عام 2015: "سنعمل على محاربة الفصائل التي تقف في وجه الحل السياسي"، وبمعنى آخر، فإن ما سبق يعني تثبيت أركان النظام ووأداً للثورة وهدرا لتضحياتها. وكل ذلك يتطلب إخراج الدول والمليشيات المشاركة في الصراع في سوريا بترتيبات معينة. طبعا هذا مكرهم، ومكرهم إلى بوار بإذن الله، يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
وإن في الشام رجالاً أقسموا ألا يرضوا الدنية في دينهم، على الحق ثابتون ولإسقاط نظام الإجرام وإقامة حكم الإسلام عاملون.
نسأل سبحانه الثبات والسداد، وأن يكرمنا بفرج منه ونصر قريب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بقلم: الأستاذ ناصر شيخ عبدالحي
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
جريدة الراية: https://bit.ly/2M2EZmE