- التفاصيل
قبل البدء بالحديث عن الآفات والمستلزمات لا بدّ من توصيف دقيق لمعنى كلمة ثورة والتي تعني التغيير الجذري الانقلابي والخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يُحركه عدم الرضا والتطلع إلى الأفضل مع إلغاء فكرة العودة والتراجع مهما كلف الأمر فقد يكون النصر هو تحقيق الهدف المنشود وقد يكون الموت دونه.
والثورة على الدولة لا بدّ أن يتمخض عنها دولة جديدة بنظامٍ جديد يُعالج ما أفسده النظام الذي تمت الثورة عليه؛ والثورة تحمل في مضمونها التحرر من القيود وبالتالي تحمل في طياتها كلها نزعة الاستقلالية فلا ينبغي لها مع ذلك أن تُنتج دولة ونظاما مسلوبي السيادة والقرار.
والشعوب تُحجم عادةً عن الثورات أو تتأخر فيها بسبب عوامل عديدة منها الجهل والفقر والخوف من تبعات التغيير، ووعاء هذه العوامل هو ضعف الثقة بالنفس والذي يعني بطبيعة الحال وبصياغة أخرى تخلي الناس عن حقها وسلطانها وعدم السعي لاستعادته ممن يغتصبه منها.
وبالتالي فإن على الثائرين والمتطلعين للتغيير أن يكونوا متيقظين لهذا الحال المراد تغييره حتى لا يتنازلوا أو يتراجعوا تحت ضغط الظروف عن أي جزئية من جزئياته فتتحول ثورتهم إلى حركة إعادة تصنيع للظلم يضاف له أمور خطيرة جداً، منها فاتورة من التضحيات المجانية التي ذهبت أدراج الرياح ومنها تعب الناس وفقدانهم الثقة والإرادة لإعادة عملية التغيير من جديد بعد الصدمة التي ستفاجئها.
لذلك فإن الثورة إذا لم تكتمل في أذهان الثوار ليدركوا مداخلها ومخارجها فلن تكتمل معهم على الأرض، وإذا لم تكتمل في عقول الثائرين صورة واضحة عن الحال الجديد الذي يهدفون الوصول إليه فسيكونون عرضةً للتخبط والارتجالية وإنتاج أشكال جديدة من الضنك والانحطاط؛ وبالتالي لا يكفي التفكير بهدم الفاسد فحسب بل لا بد من التفكير في الوقت نفسه بصورة البناء الجديد وكيفية إقامته.
عندما يدرك الثوار هذه الحقائق حول ما يراد تغييره وأنه ليس شخص رئيس الدولة بل نظامه وقانونه وتبعيته للمنظومة الدولية فهذا يعني بالضرورة إدراكهم لقضية مهمة ألا وهي حقيقة الصراع الذي سيخوضونه والذي لن يقتصر على مواجهة النظام المطلوب إسقاطه فحسب بل مواجهة مكر المنظومة التي يتبع لها والتي لن تتوانى في مواجهة الثوار.
إن حقيقة الصراع تُحدد للعاملين الخطط والأساليب، فإن أدركوا أن الصراع هو صراع حق وباطل وصراع إيمانٍ وكفر فعندها ستكون هممهم عالية وأنفاسهم أطول والمفاجآت والمطبات أقل، وسيدركون مع ذلك أن عليهم اللجوء لداعم واحد وهو الله وسيضعون أقدامهم في بداية طريق الوصول لرضاه.
أما إن أخطأوا في تحديد طبيعة الصراع وظنوا أن عدوهم هو نظام محلي فسوف يُخطئون ويتعثرون وقد يلجأون لعدوهم دون أن يدروا أنهم يستجيرون من الرمضاء بالنار، وسيبحثون عن حلفاء وداعمين مع الله في البداية، ثم عن داعمين دون الله، وهنا يبدأ الانحدار وتزل الأقدام؛ فستسيطر على الثائرين عقلية النظر إلى ما بين أيديهم من إمكانيات فقط دون النظر إلى معية الله وتأييده، ولعل هذه هي أخطر آفة من آفات الثورات.
فها هي ثورة الشام قد وضعت طاقاتها تحت وصاية من يُسمون زورا بأصدقاء الشعب السوري فتعاونوا مع السعودية التي باعت قسماً في الجنوب، وتعاونوا مع قطر التي أكملت على الجنوب ودمشق، واليوم يتعاونون مع تركيا التي خانتهم بضمانها لاتفاقية خفض التصعيد التي سبقها بيع حلب.
ولم يدرك الناس حجم الصراع الحقيقي كما يجب وإن هتفت حناجرهم بالقول (هي لله) وبالقول (أمريكا ألم يشبع حقدك من دمنا؟) ولكن لم تتحول هذه الصيحات إلى سلوك وخاصة بعد أن فتحت الدول حبل الدعم الذي قبلته الفصائل وربطته على عنقها فصارت ثوابت الأمس متغيرات اليوم! وقد رأينا كيف تحولت كتائب أحرار الشام إلى أداة لتنفيذ الهدن في مناطق دون أخرى ليتفرد النظام بغيرها، ورأينا كيف هرولت إلى مؤتمر الرياض الذي يُنهي بمقرراته فكرة الثورة، ورأينا كيف تحولت جبهة النصرة من عقلية الولاء لله والبراء من أعدائه إلى عقلية المشي مع التيار وممارسة التقية مع أعداء الله، وكيف تحولت في أدبياتها من عرض الإسلام العالمي إلى الإسلام المحلي (السايكسبيكوي) ثم إلى الإسلام المسمى معتدلاً والمتماشي مع النظام التركي لتصل في آخر حلقاتها إلى محاربة وإقصاء من كانوا يحملون فكرتها قبل سنوات، ورأينا كيف تحول الجيش الحر إلى جيش ليس حراً باختصار، ثم إلى جيش وطني ثم جيش حتى غير وطني عندما تحول مرةً لجندرما عند تركيا ومرة لمرتزقة للقتال في ليبيا!
نعم إن آفة الثورة هي اعتبار أن الله هو الجهة الأضعف في المعادلة وبالتالي البحث عن جهة أقوى تساند الثورة بعيداً عن أوامر الله وتدابيره ونواهيه فيبدأ الثائرون عندها بدق المسامير في نعش ثورتهم.
ولأن الشيء هنا يُعرف بضده فإن من أهم مستلزمات الثورة الوليدة أو الثورة التي يُراد تصحيح مسارها كثورة الشام، أن يدرك أهلها أولاً حقيقة الصراع وأنه صراع إيمانٍ وكفر وأنه صراع حق وباطل وأنه مواجهة مع المنظومة الدولية حتى لا يتفاجأ العاملون وحتى لا تبرد هممهم.
وينبغي أن يتسلّح العاملون بمفهومين كافيين لتجاوز العقبات ألا وهما مفهوم الرزق ومفهوم الأجل؛ فالرزق مقسوم ومكتوب في اللوح المحفوظ كالموت تماماً، فلا يموت إنسانٌ حتى يستكمل رزقه وأجله، فعن أبي أمامة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَفَثَ رُوحُ الْقُدُسِ فِي رَوْعِي أَنَّ نفْساً لَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمِ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ».
ولاستكمال مستلزمات النصر المطلوب من الله وحتى يسير العاملون ويتبعهم الناس ويُحاسبوهم على بيّنة لا بدّ مع المفاهيم السابقة أن يُحددوا مشروعهم للبديل المنشود بكل دقة ووضوح وبدون مواربة أو رمادية ليتبناه الناس وينصروه ويساندوا قادته للسير في تنفيذه حتى يسيروا على هدىً وبصيرة لا على مصطلحات فارغة من مضمونها كما فعل تنظيم الدولة التي استغل الرأي العام حول الخلافة ليزعم بعدها إقامة خلافة أساءت لمشروع الخلافة وسعت لتشويهه لولا فضل الله الذي فضحهم وكشف زعمهم.
ولا تعني هذه المستلزمات عدم الأخذ بالأسباب المادية من إعداد عدة وعتاد ورجال، ولكن يعني أن يكون هذا الإعداد بناءً على مبدأ ثابت؛ فالوضوء لا يصح بماء نجس، والله طيب لا يقبل إلا طيبا والنصر من عند الله فهو القائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، فما علينا إلا تحقيق الشرط ليحقق الله لنا الوعد إن شاء، ونسأل الله أن يكون قريبا.
بقلم: الأستاذ مصطفى سليمان
جريدة الراية: https://bit.ly/35phqh3
- التفاصيل
أحب أهل سوريا ثورتهم حب الولد لأمه و هنا علاقة أمومة متبادلة، فإن جاز الوصف فالجماهير هي الأم التي ولدت الحراك الثوري لما نزلوا إلى الشوارع وجهروا بمطالبهم، وفي الاتجاه الآخر الثورة هي اللحظة التي ولدت أناسا ليسوا كمن كانوا قبلها، فإن كانوا من قبل يرون المنكر ويتعايشون معه فقد ولدت الثورة أناسا ينكرون أصل فساد حالهم ويجهرون بإسقاطه..
وقد قيل في الثورة في سوريا في بداياتها أنها ثورة شعبية شاملة من أهل سوريا عموما، ووصفها بالشعبية يراد منه نفي التحريك السياسي لها من قبل حزب أو دولة أو أي جهة على درجة من التنظيم وهذه حقيقة، ووصفها بالشعبية أيضا يعني أنها عامة جدا لا تتبنى أي طرح سياسي مما هو مألوف في مرحلة ما قبل الثورة وهذه أيضا حقيقة أخرى ..
أما خلاف الحقيقة فكان فيما تلا ذلك، حيث خلطت الحقائق مع الأكاذيب واستغل إعلام الأنظمة الخبيثة حب الثوار لثورتهم استغلالا خبيثا، فأبرزوا بعض الصفات الطبيعية للثورة والتي هي نقاط ضعف في حقيقتها إن هي استمرت، أبرزوها على أنها مزايا، فقيل في مدح الثورة أنها ثورة من غير قائد وقيل في مدح الثورة أن ثوارها غير مؤدلجين فكريا بل هم من بسطاء الناس ممن ينحصر مطلبهم في إسقاط النظام فقط، وهنا لا أنفي ما ابتدأت به من حقائق بل ألفت النظر كيف كان يكال المديح لهذه الحقائق..
واستمر الطرح الإعلامي الموجه على هذا المنوال حتى تشربته كثير من الأوساط الفكرية والشعبية، وصارت تتداول كلمة الأدلجة كنوع من الشتائم السياسية وأساليب الاتهام بالأنانية والابتعاد عن نقاء الثورة ..
وبعيدا عن التفصيل الدقيق والتأصيل التاريخي لهذه الكلمة، فهي باختصار مشتقة من الكلمة الإنكليزية (idea) يعني فكرة وبروز فكرة في مجال تغيير المجتمعات صار يدعى أيديولوجيا، أي أن من يشتم الآخر بهذه الكلمة فهو يشتمه بأنه حامل فكرة! عجباً!!
فهذا على خلاف ما هو شائع من أن العلم والإدراك فضيلة والجهل رذيلة، فقد قلبت المفاهيم بلمح البصر وصار الثائر يمدح بأنه لا يمتلك فكرة ولا رؤيا وهو متمسك بواقعه الذي كان عليه أول أيام الثورة، وصار ثائرٌ آخر يٌحطُّ من شأنه ويكون متهما لطرحه فكرة لكيفية التغيير وصورته كما يراها ويقال عنه (مؤدلج) ..
ومع فارق التشبيه صار الخطاب شبيها بخطاب قوم لوط (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) فصارت التهمة أن الناس مؤدلجون مفكرون بما عليهم أن يقوموا به وفق فكر يسبق العمل ..
طبعا هذه التهمة كانت توجه لمن يحمل الفكر الإسلامي فقط وذلك لصرف الثورة عن الطرح الإسلامي للتغيير و لكيفيته، ولم أسمع أن علمانيا دعا إلى علمانية أو ديمقراطية أو مدنية وصف بأنه مؤدلج مع أن طرحه هذا هو "أيديولوجيا" بالمفهوم السياسي وليس دعوة إلى فراغ يسع الجميع كما يتوهم ..
فكنا نسمع عن (أسلمة) الثورة ولم نسمع عن (علمنة) الثورة
وكان التركيز على أصحاب السمات الإسلامية شكلا أو مضمونا، وكانت المخادعة لتنفير الناس من المشروع الإسلامي تكمن في إبراز سلوكيات خاطئة لجماعات مسلمة على أنها ثمار تبني الأيديولوجيا أو (المنهج) صرفا عن التدقيق في أصل هذه السلوكيات أو صحتها، وكثيرٌ منها أساسا تنتمي لأيديولوجيات تتعارض مع ما يعلن عنه أصحابها ومع ما يرفعونه من شعارات،
فلم يكن يشار إليها على أنها ممارسات خاطئة ناتجة عن أفكار خاطئة ويجب استبدالها بأفكار صحيحة لتنتج ممارسات صحيحة، بل كانت الإشارة إلى أنها ممارسات ناجمة عن أفكار (أيديولوجية) فتجنبوا أهل الفكر يا ثوار واستمروا في انسياقكم بلا فكر ولا قائد ونحو أصدقاؤكم من الدول وممن يأتمر بأمرنا منكم نكفيكم عناء التفكير ونكفيكم متاعب القيادة
نحن من يحدد مطالبكم ونرسم طريقكم!!
وقد نالوا ذلك وحققوه للأسف وسيقت الثورة إلى حيث يريدون ويخططون بلا قائد منها وبلا مشروع سياسي يعبر عنها، حتى غاصت في الوحل وقيدت مفاصلها بقيودٍ كثيرة ولكن مفتاحها الوحيد هو مشروعٌ سياسي نقي وقائدٌ مخلص، وإلى ذلك ندعوا أهلنا ونضع بين أيديهم المشروع الإسلامي ورجاله مفتاحا لأقفال وتحقيقا لآمال، ونفخر أننا حملة فكر.. حملة (أيديولوجيا)
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
حسن نور الدين
- التفاصيل
يزداد الحديث، عقب كل حملة بربرية لنظام الطاغية أسد، مدعوماً بطيران الصليب الروسي، ومليشيات الحقد الإيراني وحزبها اللبناني، عن "حل سياسي" تسوقه أمريكا عبر بوابة الأمم المتحدة.
فما المقصود بالحل السياسي، ومن أين جاءت فكرته، ومن يقف وراءه، وما هي أهدافه وغاياته، وهل هو لصالح الثورة وإنهاء لعذابات أهلها وتتويج لتضحياتهم وانتقام ممن قتل أبناءهم وهدم بيوتهم ومزق أطفالهم أشلاء، أم أنه خدمة لنظام الإجرام بدعم من أعداء الإسلام، الذين يخشون انتصار ثورة الشام؟!
إثر انطلاق ثورة الشام، أوعزت أمريكا لعميلها بشار باحتوائها وقمعها، ولكن مع اشتداد عودها وثبات أهلها، أدركت أمريكا أنها ثورة مختلفة عن باقي انتفاضات المنطقة، فعمدت إلى توزيع أوراقها وتقسيم أزلامها من الحكام، ما بين أعداء للشعب السوري، مهمتهم القتل والبطش والتدمير والتهجير، و"أصدقاء" له، مهمتهم احتواء الثورة والالتفاف على مطالب أهلها، حتى لا تتفلت وتستقل بقرارها، فتسقط نظام بشار المجرم، عميل أمريكا.
ومنذ بداية الثورة، بدأ الضغط على القادة الميدانيين والثوار المخلصين للقبول بجنيف، وبمبدأ التفاوض مع النظام، والقبول بأي اتفاق يبقي على الدولة العميقة، وعلى المؤسسات الأمنية والعسكرية جاثمة على صدور الناس، ويبقي الدولة تابعة لأمريكا، ويحمي نفوذها، سواء بقي رأس الهرم أو رحل، فأمريكا ليست متمسكة به كشخص، لكنها تنتظر نضوج البديل، حينها، يمكن أن تعمل مسرحية انتخابات لإزاحته عن المشهد، ليكون قد خرج بانتخابات ولم يسقط بثورة.
وبعد أن كان الجلوس مع النظام ومفاوضته بداية الثورة جريمة كبرى بنظر الثوار، عمل أعداء الثورة، عبر استخدام القوة الصلبة والقوة الناعمة، على تحويل المهادنة والتفاوض من خيانة إلى حنكة سياسية وحقن للدماء!
كل ذلك لاحتواء الثورة وخنقها قبل استفحال أمرها.
وراحت أمريكا تنادي بالحل السياسي القاتل الذي ينضح بسمومه، والذي بدأت فصوله في جنيف1 عام 2012، مع روافد لاحقة له في فينا والرياض وموسكو وأستانة وسوتشي، حلٌّ ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، يهدف إلى تصفية الثورة وتثبيت نظام الإجرام، مع تطعيمه ببعض شخصيات المعارضة الضفدعية التي تحتضنها دول ومخابرات دول، وتعديل في بعض مواد الدستور، ليبقى علمانياً خالصاً إلا من بعض القشور، يقصي شرع الله وحكم الإسلام، ويحارب كل من ينادي بتطبيقه في ظلال دولة.
وكانت تركيا، بحق، منذ انطلاق الثورة، وكر المؤامرات الدولية ضد ثورتنا اليتيمة، فكان أن اجتمعت فيها كل المخابرات الدولية الحاقدة على الإسلام والخائفة من انتصار ثورة الشام، تمكر بالثورة وتعمل على استقطاب القادة والمؤثرين فيها، لحرفهم عن مسارهم وشراء ذممهم.
أما سياسياً، فقد أوعزت أمريكا بتشكيل الائتلاف الوطني العلماني، برعاية تركية، لتمثيل الثورة سياسياً، كمقدمة لبيعها وتمييع قضيتها، عبر بوابة الحلول السلمية، والهدن، والمفاوضات، وخديعة الحل السياسي.
فالهدف من الحل السياسي المزعوم هو وأد الثورة، عبر الالتفاف عليها، وعزلها عن حاضنتها وتجريدها من كل مكامن قوتها، لتكرار تجارب مصر وتونس وليبيا واليمن المؤلمة، بتثبيت أركان أنظمتها، مع تغيير طفيف يطال بعض وجوه ساستها، وكلنا يعلم أن أنصاف الثورات قاتلة.
إذاً، كل ما يتعرض له أهل الشام اليوم، من قتل وتدمير، وتكميم الفصائل للأفواه، وتضييق الحكومات، وعلى رأسها الإنقاذ، على الناس، ومحاربتها لهم في أقواتهم وأرزاقهم، وفرض الضرائب والإتاوات والمكوس عليهم، هو بهدف تركيعهم وإخضاعهم، ليقبلوا بحلول استسلامية يسمونها سياسية بأوامر الداعمين.
تسع سنوات، وأمريكا وأوروبا وتركيا وروسيا وإيران تقول إن الحل في سوريا حل سياسي! ولكن عن أي حل سياسي يتحدثون؟!
إنهم يقصدون الحل السياسي الذي يفرضه البطش العسكري لا غير، بطش الطائرات والمدافع والراجمات، بطش الصليب الروسي والحقد النصيري، المترافق مع المكر السياسي للنظام التركي، ولجمه لبنادق الفصائل بأمر من قادة مجرمين مرتبطين بالداعمين لا يعصون لهم أمرا، كل ذلك ليخضع الناس ويقبلوا بما تسعى أمريكا لفرضه على مسلمي الشام من حلول هي الموت الزؤام نفسه!
وعودة لتفاصيل الحل السياسي، فإنه قائم على قرارات مجلس الأمن رقم 2118 و2254 وما هو مرتبط بهما، والتي تتلخص بإعلان انتهاء الثورة، ومنع أي مواجهة بعدها ضد هذا النظام الدموي المجرم، مع البدء بترتيبات هيئة حكم انتقالية تشاركية بين النظام ووجهه الآخر من شبيحة الفنادق ومن زعموا الانشقاق عنه تمهيداً لهذه المرحلة، وهم الذين أزكمت رائحة فضائحهم الأنوف. هيئة يكون بشار موجوداً فيها رسمياً لمدة 18 شهرا، مع تشكيل لجنة لصياغة الدستور، أو تعديله، مع التأكيد على بقاء المؤسستين الأمنية والعسكرية جاثمتين على صدور الناس، توجههما الدولة العميقة المرتبطة بسيدتها أمريكا، وانتخابات مسرحية يشارك فيها الطاغية نفسه، كما صرح كيري عام 2015، أن "بشار سيترشح وعلى المعارضة أن تحاول أن لا ينجح"، وكلنا نعلم أن أمريكا والأمم المتحدة تعترف بالنظام، بل هي التي تحميه وتعطيه الشرعية وتمده بأسباب الحياة، بدليل وجود بشار الجعفري، كممثل لنظام أسد في الأمم المتحدة.
وطبعا هذا الحل يتطلب ضمناً القضاء على كل مظاهر الثورة وسحب السلاح من الناس، وحصره بتشكيلات معينة، تكون نواة للجيش الوطني بإدارة تركية، والذي يخطط له، مستقبلاً، أن ينخرط مع جيش النظام نفسه، بترتيبات شيطانية تهندسها أمريكا، ويشرف النظام التركي على تنفيذها على الأرض.
مع التأكيد أن قضيتنا ليست شخص بشار فقط، إنما النظام الذي يحكم به؛ نظام الكفر والقهر والجور، لإسقاطه بكافة رموزه وأركانه وتخليص الناس من شروره، وليس الاكتفاء بعمليات ترقيعية تجميلية، تعيدنا للمربع الأول، بعد تضحيات مليوني شهيد، وهذا بإذن الله لن يكون، ما دام في مخلصي الشام عرق ينبض.
وإنه، رغم كل ما حصل من انتكاسات وخسارة للمناطق، بمسرحيات ممجوجة وخيانات وتسليم واضحين، إلا أن الإمكانيات لا تزال موجودة، ومقومات النصر متاحة، وإرادة التغيير حاضرة، وفكرة الثورة متقدة، وما ينقصنا فقط هو استعادة سلطاننا وقرارنا من قادة الفصائل الذين رهنوا قرارنا للداعمين فضاعوا وأضاعوا، لعل الله يرضى بذلك عنا فينصرنا، فهو القائل سبحانه: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
بقلم: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
جريدة الراية: https://bit.ly/2VpQVEB
- التفاصيل
تتطلع أمريكا سيدة نظام المجرمين من آل أسد إلى إطلاق رصاصة الرحمة على ثورة الشام عبر ما يسمى الحل السياسي وليس ذلك حرصا على دماء أهل الشام التي لا يشبع حقد أمريكا منها بل لأنها تريد عبر حلها السياسي القاتل انتزاع بذور الثورة من نفوس أبنائها.
و حتى يتم تطبيق ذلك قامت برسم الخطط وتوزيع الأدوار بين الدول الفاعلة على أرض الشام بين أصدقاء مخادعون وأعداء حاقدون ولا بد من مسلسل طويل من المؤتمرات والمفاوضات والقرارات التي تحفظ نظام الإجرام وتقويه وتحارب أبناء ثورة الشام وتروضهم للقبول بما يُملى ويفرض عليهم.
كان لا بد من تهدئة وهدنة يتلوها مفاوضات، وهكذا يتكرر المشهد مؤتمرات واتفاقيات ثم أعمال عسكرية وقضم تدريجي للمناطق المحررة.
أما بالنسبة للأدوار فقد تم توزيعها بين:
١_ تركيا عرابة الحل السياسي الأمريكي ومعها الجزرة (الدعم) وهو القيد الذي كبلت به قيادات الفصائل، ومعها أيضا السعودية وقطر كأصدقاء الشعب السوري زورا وبهتانا.
٢_ روسيا والصين وإيران وميليشياتها وحزبها كأعداء للشعب السوري.
وفي هذه المرحلة من المتوقع إذا لم يتم تسليم طريق حلب اللاذقية M4 وجنوبه على طول الاوتستراد من (الترنبة) إلى (عين الحور) في الساحل، سيبدأ العمل العسكري، وهو عبارة عن قضم مناطق جديدة كما كان سيناريو المناطق الماضية من أجل الضغط على أهل الشام ليرضخوا بشكل كامل لهذا الحل القاتل.
فهذا ما يدبره أعداء ثورة الشام وأصدقاؤها المزيفون وقادة فصائلها المتاجرون.
فماذا أنتم فاعلون يا أهل ثورة الشام ؟؟
ألم يأن الوقت حتى تهبوا هبة رجل واحد في وجه قادة الفصائل الذين ارتبطوا باعدائنا وتاجروا بدماء شهدائنا؟؟
ألم يحن الوقت كي تُخرجوا أبناءكم من تلك المنظومة الفصائلية المكبلة التي رأيتم بأم أعينكم كيف سلمت القرى والبلدات دون مقاومة تذكر وتعملوا على توحيد المخلصين من أجل تحقيق ثوابت ثورة الشام تحت قيادة مخلصة واعية ليعيدوها سيرتها الأولى كما بدأت ((هي لله)) وأن يمضوا بسفينة الثورة إلى بر الأمان.
ألم يأن الأوان كي نعتصم بحبل الله المتين ونقطع حبائل الداعمين كي يمن الله علينا بنصره المبين؟
إن طوق نجاتنا هو التمسك بحبل ربنا ونصرة دينه والعمل من أجل تحكيم شرعه في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة.
وها هو شهر رمضان المبارك على الأبواب شهر المعارك والانتصارات فهيا أيها المسلمون المخلصون في الشام إلى التجارة مع الله، حتى نحفظ أرضنا وعرضنا وديننا
وما ذلك على الله بعزيز يقول تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
عبدالرزاق المصري
- التفاصيل
انطلقت دعوة حزب التحرير إلى سوريا في السنين الأولى لبداية انطلاقة الدعوة، تقريبا في سنة 1955م، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تخلُ السجون السورية من شباب الحزب. لم يشارك الحزب في الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا بين أعوام 1979 – 1982م، لأن الأعمال المادية مخالفة لمنهجه في العمل المنضبط بطريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة الإسلامية الأولى. كان النظام السوري قد شن حملة اعتقالاتٍ واسعةٍ في خريف عام 1999م، طالت الكثير من أعضاء الحزب في سوريا. كما تعرّض الحزب لاحقاً لحملتي اعتقالٍ على الأقل، في كلٍّ من عامي 2004 و2006م.
رحّب الحزب بالربيع العربيّ، وبارك التحرّكات التي قام بها المنتفضون في كلٍّ من تونس ومصر وليبيا واليمن. ورأى أن هذه الأحداث بدأت ذاتية... وكان لها وقع إيجابي بأنها كسرت عند الناس حاجز الخوف من الحكام، وكانت تعلوها مشاعر إسلامية، فالناس يتحركون ويكبّرون دونما خوف من بطش الحكام، ولهذا فوائده في تحريك الناس... ولذلك فإنها من هذا الوجه كانت طيبة ومباركة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإنّ هذه التحركات بدأت مشاعرياً بصيحات عامة، ومثل هذه التحركات من السهل على القوى الدولية النافذة وعملائها في البلد اختراقها، ولذلك استطاعت القوى الأوروبية وأمريكا أن تخترق هذه التحركات عن طريق عملاء مدربين من هذه القوى اندسوا بين المنتفضين، ومن ثم تمكنت من المحافظة على بنية النظم الأساسية في بلدان الربيع العربي وعلى استمرار نفوذ تلك القوى مع شيء من الجراحة التجميلية.
وحين اندلعت الثورة السورية رحّب بها الحزب من المنظور نفسه، إذ رأى أنها انتفاضة أهل سوريا المؤمنين الثائرين الذين ينادون (لبيك يا الله) و(ما لنا غيرك يا الله)، بينما تحاول أمريكا أن تفرض عليها قيادةً من المعارضة العلمانية في الخارج، عبر المجلس الوطني، والائتلاف الوطني، وهيئة التفاوض، ثم حكومة الإنقاذ، لتكون بديلاً تنضجه عن بشار الأسد، بهدف إعاقة قيام الدولة الإسلامية.
فبعد عشرة أيامٍ من اندلاع الثورة في مدينة درعا أصدر الحزب بياناً دعا فيه إلى المواجهة مع النظام للتخلص منه ومن مآسيه. وطالب الحزب الأمة آنذاك أن يسجلوا لأنفسهم مكرمة إقامة حكم الله على أنقاض هذا النظام البائد، وليكن تغييرهم تغييراً يحبه الله ورسوله، وألا يجعلوه تغييراً ناقصاً، فليسجلوا لأنفسهم سابقة إعلانها خلافة إسلامية، ولا يستبدلوا بحاكم عميل حاكماً مثله، ولا بدستور دستورا مثله، ولا يستعينوا بالأجنبي الكافر في شؤون تغييرهم، ولا يدعوا أحداً يتكلم باسمهم خارج هذا التوجه. نعم طالب الحزب المنتفضين أن أعلِنوها خلافة إسلامية. وبرغم استغراب الكثير من المتابعين للحراك الثوري في سوريا من تلك الدعوات التي أطلقها الحزب في ذلك الوقت المبكر لانطلاقة الثورة، إلا أن الحزب ظل مصرا على دعواته وأتبعها بأعمال جماهيرية كان لها الأثر الكبير في ترشيد الثورة وتوجيهها نحو الهدف الصحيح؛ وهو إسقاط النظام بكل رموزه وأشكاله وقطع العلاقة مع الغرب الكافر وإقامة حكم الإسلام الممثل في إقامة دولة الخلافة.
وظلت بيانات الحزب المتتالية عن الثورة السورية تسير وفق هذه الأسس:
الترحيب بالثورة.
الإصرار على التوجّه الإسلامي لها وصولاً إلى إقامة الخلافة.
التحذير الدائم من سرقتها من الأطراف الخارجية المتآمرة التي اصطنعت معارضة علمانية ووطنية في الخارج.
رفض التدخل العسكريّ الخارجي.
ومما لا شك فيه أن ما جرى ويجري في سوريا هو صراع بين الحق والباطل، في وقت تآمر فيه الغرب والشرق على ثورة الشام خوفاً من توجهها الإسلامي السائر بثبات نحو دولة الخلافة، والذي كان للحزب فيه دور كبير، وقد لفتت هذه النشاطات الأنظار وجذبت اهتمام وسائل الإعلام، التي حاولت أن تلصق بالحزب أعمالا مسلحة أو تدعي أن للحزب جناحا عسكريا، ولكن الحقيقة أنه لم يكن أبدا للحزب جناح عسكري، بل كان الحزب يقوم بدعوة القوى العسكرية القائمة إلى تبني أفكاره، وأن يكون هدفها بعد إسقاط النظام هو إعلان قيام الخلافة على منهاج النبوة.
وفي جواب سؤال أصدره أمير الحزب العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة عن الثورة السورية ومدى انخراط الحزب فيها، قال: (إن عملنا هو هو لم يتغير في كل مكان لنا فيه إمكانية عمل... هذا ما نقوم به قبل الثورات وخلالها وبعدها... غير أن أحوال الثورات أوجدت مجالاً أوسع لجعل الناس يستمعون كلمة الحق دون خوف من الأجهزة الأمنية كما كان في السابق حيث كانوا يبتعدون عنا خشية الأجهزة الأمنية، ولهذا يلاحظ اليوم التفاف الناس حولنا وإقبالهم علينا، ومن هنا جاءت ملاحظتُك عن قوة حركتنا وازديادها في الأمة عن ذي قبل. أما إن كنت تقصد بكلمة "الانخراط في الثورة" أن جناحاً عسكرياً أصبح لنا، فهذا خطأ وغير وارد، فليس لنا جناح عسكري لا سابقاً ولا لاحقاً، فنحن حزب سياسي مبدؤه الإسلام، لا يقوم بالأعمال المادية في مرحلة الدعوة، وإنما يطلب نصرة أهل القوة ليمكنوه من إقامة الدولة).
وكان ما كان من قيام تنظيم الدولة بإعلان خلافته المزعومة التي كانت سببا في تشويه فكرة الخلافة، التي كادت أن تكون هي الفكرة الطاغية على الثورة السورية برغم التغطية على ذلك من خلال وسائل الإعلام كالجزيرة وغيرها، التي كانت تتجاهل أعمال الحزب ونشاطه في الثورة وكانت تركز على ما أسمته التحول الديمقراطي والدولة المدنية والحرية وما شابه. ولقد بين أمير الحزب على صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك، جواباً على عددٍ كبيرٍ من السائلين؛ (أن إعلان الخلافة هذا باطلٌ لأن أيّ تنظيم يريد إعلان الخلافة في مكان ما فإن الواجب عليه أن يتبع طريقة رسول الله ﷺ في ذلك، ومنها أن يكون لهذا التنظيم سلطان ظاهر في هذا المكان يحفظ فيه أمنه في الداخل والخارج، وأن يكون هذا المكان فيه مقومات الدولة في المنطقة التي تعلن فيها الخلافة... والتنظيم الذي أعلن الخلافة لا سلطان له على سوريا ولا على العراق، وليس محققاً للأمن والأمان في الداخل ولا في الخارج، حتى إن الذي بايعوه خليفة لا يستطيع الظهور فيها علناً، بل بقي مختفياً كحاله قبل الإعلان! وهكذا فإعلان التنظيم للخلافة هو لغو لا مضمون له. إن الخلافة دولة ذات شأن، بيَّن الشرع الإسلاميّ طريقة قيامها وكيفية استنباط أحكامها في الحكم والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية... وليست هي إعلاناً يُطلَق في المواقع الإلكترونية أو وسائل الإعلام. ولذلك فإن الإعلان الذي تمّ هو لغو لا يقدم ولا يؤخر في واقع تنظيم الدولة، فالتنظيم هو حركة مسلحة قبل الإعلان وبعد الإعلان، شأنه شأن باقي الحركات المسلحة). بل ذهب أمير الحزب إلى القول (إن الذي يستحق الوقوف عنده هو الخشية من أن يترتب على هذا الإعلان أثر سلبي بالنسبة لفكرة الخلافة عند البسطاء، فتسقط عندهم من مركزها العظيم وأهميتها الكبرى إلى فكرة هشة أشبه بمجرد التنفيس عن مشاعر قلقة عند بعض الأشخاص، فيقف أحدهم في ساحة أو ميدان أو قرية فيعلن أنه خليفة ثم ينزوي ويظن أنه يحسن صنعاً! مما يرسم علامة استفهام حول توقيت هذا الإعلان دون سلطان ظاهر مستقر لأصحابه يحفظ أمن هذه الدولة الداخلي والخارجي، بل هكذا على الفيسبوك أو الإعلام).
إن إعلان تنظيم الدولة إقامة الخلافة في ذلك الوقت المشبوه كان إعلانا لتشويه الخلافة في أذهان الذين بدأوا بالالتفاف حول دعاتها الحقيقيين! لأنه لا يعدو كونه حلقةً جديدةً في سلسلة أعمالٍ هدفها القضاء على مشروع الخلافة، بعد أن تطوّر الوضع الثوريّ في سوريا إلى المطالبة العارمة بها، وضمور مشروع العلمانيّين، ولم تبقَ للقلّة القليلة المتبقّية منهم أيّ شعبيّةٍ تذكر.
وبرغم أن الكثير من الناس استغرب موقف الحزب من هذا الإعلان المشبوه للخلافة على يد تنظيم الدولة، إلا أنه قد تبين للقاصي والداني بعد ذلك صواب موقف الحزب هذا، وذلك بعد الأعمال التي قام بها التنظيم التي ساهمت في تشويه فكرة الخلافة، وبعد القتال الدامي الذي خاضه التنظيم مع الفصائل المسلحة المعارضة للنظام، بينما ترك النظام في مناطق سيطرته آمنا مطمئنا، وبعد أن كانت القضية أن هناك نظاما مجرما يخوض حربا شرسة ضد شعبه لإخضاعه والسيطرة عليه، أصبح الشعار المرفوع أنه يخوض حربا عالمية ضد الإرهاب!
لقد استطاع الحزب أن يفضح المخطط الأمريكي في سوريا، برغم انخداع البعض بالموقف الأمريكي الذي كان يرى فيه البعض وقوفا ودعما للثورة، بينما هو في الحقيقة دعم لنظام البعث الإجرامي، وكانت الخطة الأمريكية تقوم على التالي:
– إيجاد معارضة علمانية تساعدها في فرض حلها على الناس وليكونوا جزءاً من هذا الحل.
– إسقاط (الإسلام السياسي) وفكرة الدولة الإسلامية من نفوس المسلمين، وتغيير اتجاه بوصلتهم باتجاه قبولهم بالدولة المدنية العلمانية.
– إفقاد المشروع الإسلامي حاضنته الشعبية وذلك عن طريق توريط أصحابه بالاقتتال الداخلي، أو ارتكاب بعض أعمال القتل المنفِّرة، وغير ذلك من الأعمال المرفوضة شرعاً، والتي تدين مرتكبها ولا تدين الإسلام في شيء، ومن ثم استغلالها إعلامياً، حتى إذا ما آن أوان الحل الأمريكي كان قرار ضرب المشروع الإسلامي والتخلص من القائمين عليه أمراً ميسوراً.
– إنشاء جيش وطني جديد يضم الموثوق بهم أمريكياً من ضباط وجنود الجيش السابق الذين انشقوا عنه، يضاف إليه بعض المجموعات القتالية التي تم استيعابها بالوعد بتغيير وجه النظام وبتلبيس الحقائق عليهم، ووعدهم ببعض المكاسب، هذه هي نواة القوة التي ستفرض بها أمريكا مشروعها.
– إرسال قوات دولية تكون كالقوات الدولية في أفغانستان للمساعدة في الحفاظ على العملية السياسية التي ترعاها أمريكا، وتثبيت حاكم سوريا الجديد، وتكون لهذه القوات مهمات قتالية فاعلة، ويكون من مهماتها منع إقامة دولة الخلافة، والتركيز على مقاتلة المسلمين.
– رعاية عملية انتقال السلطة رعاية تامة بحيث توجد لها هيئة حكم تجمع عدداً من عملائها من الطرفين: طرف الحكم الحالي العميل التابع لها، وطرف المعارضة العميلة التابعة كذلك لها.
لقد وعى الحزب على ما تخطط له أمريكا وما زال يعمل على توعية الأمة والثوار على هذا المخطط للوقوف في وجهه ومحاولة إفشاله برغم ما يلاقيه الحزب من تضييق ومن ملاحقة حتى ممن يدعون أنهم معارضون للنظام، والذين تورطوا من خلال المال السياسي القذر، والذين يستعملهم النظام التركي لتنفيذ المخطط الأمريكي في سوريا. وقد لعبت هيئة تحرير الشام دور الشرطي التابع لتركيا في إدلب فعملت على كتم الصوت الفاضح للدور التركي القذر الذي أوصل الثورة إلى ما هي عليه اليوم في إدلب، فاعتقلت قرابة الأربعين شاباً من حزب التحرير ومعهم العديد من الوجهاء وأصحاب المواقف في إدلب وحماة وحلب. ولذا فالحزب يدعو المخلصين من الثوّار لربط أنفسهم بقياداتٍ نظيفةٍ ونبذ قياداتهم العسكريّة المرتبطة بالخارج، وتشكيل هذه القيادات النظيفة مجلساً عسكرياً قوياً كفؤاً يجمعهم ويقودهم إلى النصر على البر والتقوى، وإعطاء من سبق ذكرهم من قادة الثوار وأهل القوة النصرة لحزب التحرير وقيادته.
إن تآمر كل الدول على ثورة الشام ومحاولتها إعادة تأهيل نظام بشار وفرض الدستور العلماني، واعتبار كل المخلصين إرهابيين يجب القضاء عليهم... ما كان إلا لمنعهم من إقامة دولة الخلافة التي هي فرض ربهم، ومظهر وحدتهم، ومصدر قوتهم، ومبعث عزَّتهم، والتي ستنهي تسلط دول الغرب الكافر المستعمر عليهم، وستنهي مآسي المسلمين في كل بلادهم نتيجة البعد عن التحاكم لشرع الله وحده، والتي ستعيد أمة الإسلام أمة واحدة، ولتعود دولة الخلافة كما كانت الدولة الأولى في العالم، تطبق نظام الإسلام، وتحمله رسالة هدى ونور إلى العالم.
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حامد عبد العزيز
المصدر: https://bit.ly/3emFKUH