press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

art280318

لا يخفى على أحد الحال التي وصلت اليها ثورة الشام من تراجع وانحسار على صعيد المناطق الجغرافية التي كانت تسيطر عليها، وأهم من ذلك على صعيد الإيمان بفكرة الثورة عند معظم الناس، وانحراف معظم الفصائل عن ثوابت الثورة وأهدفها. ولعل أهم أسباب ذلك حجم التآمر الذي انصب على ثورة الشام من قبل ما يسمى بأعداء الثورة وأصدقائها على حد سواء ولا يميزهم إلا اختلاف الأدوار الموكلة اليهم، وتعدد أساليب المكر وتنوعها.

وما كان لكل ذلك هذا التآمر والكيد والبطش أن يثمر على أرض الشام لولا أن بعضهم تعلق بحبائل هذه الدول المتآمرة الحاقدة، ورضي أن يكون مطية لتحقيق مخططاتها، وباع نفسه وتضحيات أهله ودماء رفاقه بعرض من الدنيا قليل.فكان فريسة سهلة تتخبط في شِراك تلك الدول المتآمرة الحاقدة، ولما كان هؤلاء هم من استلموا قيادة مركب الثورة، وقافلة الثائرين، كان طبيعيا أن تنحرف بوصلة المركب لتتقاذفها الأمواج العاتية، وأن تدور القافلة في صحراء التيه، كما تاه بنو إسرائيل عندما رفضوا أمر الله وأمر رسوله موسى عليه السلام بدخول فلسطين بحجة أن فيها قوما جبارين.

إن للنصر سننا وشروطا لا بد للمسلمين أن يحققوها كي ينالوا شرف النصر والتمكين الذي وعد الله به عباده المؤمنين المخلصين. وهذه الشروط ليست شعارات نرفعها، ولا أسماء بدون مضمون نطلقها على أنفسنا وعلى فصائلنا، ولا ادعاءات ندعيها، ولا هي حرف بنادقنا الى صدور إخواننا واستباحة الدم الحرام، والتخاذل عن نصرة بعضنا بعضا مع استمرار المحافظة على الخطوط الحمراء التي تحمي نظام الإجرام. بل هي إيمان بالله، ونصرة لدينه، واعتصام بحبله وحده، وسيرٌ على هدي نبيه ونهجه الذي ارتضاه لنا نتمسك بثوابته ونهتدي بمعالمه ونمضي فيه على بصير واثقين من صحة الطريق وموقنين بوعد الله لنا إحدى الحسنيين. قال تعالى: (ولَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، وقال تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).

ونصر الله يكون بنصرة مشروع الإسلام العظيم وليس بنصرة مشروع الدولة العلمانية المدنية، يكون بالعمل لتحكيم شرع الله ولو كان دون ذلك خرط القتاد والتضحية بالنفس والمال والولد، وليس بالهرولة الى مؤتمرات الذل الخنوع والخيانة لله ولرسوله، والسير لخدمة الحل الأمريكي الذي يهدف لإعادة انتاج نظام الإجرام، وفرض نظام علماني كافر عبر ما يسمى صياغة دستور جديد لسوريا.إنَّ نصر الله كما أخبرنا في محكم تنزيله لن يكون إلا للمؤمنين حقا، الذين يفوزون في اختبار التمحيص وابتلاء التصفية، لا يتزلزل أيمانهم بالله ولا تهتز ثقتهم بوعده، ولا تسقطهم المحن في براثن اليأس من نصر الله، ولا القنوط من وعده بل يبقى إيمانهم راسخا ويقنهم ثابتا وثقتهم عظيمة، يسيرون نحو تحقق أمر الله، ونفوسهم مطمئنة مهما تعاظمت الفتن واشتدت الصعاب وعربد الظلم، فإن أكرمهم الله بنصره فقد أثبتوا أنهم أهل لذلك، وإن أكرمهم بالشهادة قبل أن يروا موعود الله للمؤمنين فقد ماتوا على ما يُرضي الله وفازوا بما ادخره لهم من حسن الثواب. هذه هي سنة الله أخبرنا عنها في محكم تنزيله بقوله جل وعلا: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ). 

أما أولئك المدّعون الذين رفعوا الإسلام شعار واتخذ غيره منهجا فلن يخدعوا الله ولن ينالوا شرف نصره.من الطبيعي أن لا يتنزل نصر الله على من ترك الاعتصام بحبل الله وولى وجهه شطر الشرق والغرب يستجديهم دعمهم ويخضع لأوامرهم ويرضى بشروطهم ولو كانت على حساب أمر الله. 

من الطبيعي أن لا يتنزل نصر الله على من يسعى لإرضاء الغرب الكافر ويجعل ثورته لا تعمل إلا وفق أوامرهم وتوجيهاتهم وتحت سقف ما يسمحون به من مطالب. مُعِرضا عما طلبه الله منه وأمره به. من الطبيعي أن لا ينصر الله من جعل المصلحة إله من دون الله يدور معها حيث دارت وقد رأينا الى أي درك وصلنا ونحن نلهث نحو المصلحة بعقولنا بعيدا عن شرعنا.كل هذه الأصناف وغيرها سقطت في اختبار التمحيص فكان من البديهي ألا يكرمها الله بالنصر، بل كان مصيرها أن سقطت في ذلك الاختبار ففضحها الله من خلال ثورة الشام الكاشفة الفاضحة.لقد رفض بعض قوم موسى عليه السلام أمر الله فعاقبهم بالتيه أربعين سنة، وعصى بعض الرماة يوم أحد رسول الله فكانت خسارة المعركة في أحد، واغتر بعضٌ من جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرتهم في حنين فعاقبهم بالهزيمة أول المعركة وتنزل في آخرها على رسول الله والصادقين من أصحابه. فكيف نطمع بالنصر وهذه حالنا التي لا تخفى على أحد.ولكن هل انتهت المعركة وماتت الثورة وانتصر الطغاة والمجرمون وما علينا إلا قبول الهزيمة والسقوط في مستنقع اليأس والقنوط.لقد خسر المسلمون معركة أحد ولكن الإسلام والمسلمين لم يفقدوا عزتهم ولم يتخلوا عن دينهم فها هو رسول الله يأمر من معه من الصحابة أن يردوا على مقولة أبي سفيان عندما قال "أعل هبل" بأن يجيبوه بكل عزة وتحد (الله أعلى وأجل) وها هو أنس بن النضر أحد أنصار رسول الله عندما رأى من تملَّكه اليأس وألقى السلاح بعد أن بلغه إشاعة مقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد يخاطبهم بقول: (ما تصنعون في الحياة بعده، قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله) إنه أدرك المعنى الحقيقي لحياة المؤمنين، إنها من أجل نصرة دين الله واتخاذ ذلك قضية مصيرية من أجلها نحيا ومن أجلها نموت. إن طريقا خلاصنا ونصرنا وعودتنا من زمن التيه واضحة جلية قد بينها لنا ربنا عز وجل وقد أشرنا اليها سابقا، ولا نجاة لنا إلا بحسبها، ولكننا يجب أن نمر بمرحلة التمحيص والابتلاء والامتحان ليختبر الله صدق إيماننا ونصرتنا لدينه والتوكل عليه وحده (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).

إننا في وقت المفاصلة بين الحق والباطل، وزمن التمايز بين فسطاط الإيمان وفسطاط النفاق، زمن الاختبار والابتلاء، والواجب علينا أن نختار لأنفسنا ما يرضاه الله لنا و ينقذنا ونحن نقف بين يدي ربنا، ويحقق نجاتنا في الدنيا والآخرة، وذلك بأن نكون أنصارا لله، ومناصرين لمن يحمل مشروع الإسلام الذي يرضيه جل وعلا، منحازين الى فسطاط المؤمنين، نتخذ نصرة الإسلام قضية مصيرية نتخذ تجاهها إجراء الحياة أو الموت، أما نتيجة ذلك فهي بيد الله وحده، ولن يخلف الله وعده.إننا نموت ونقتل ونشرد في الأفاق وتتكالب علينا أمم الكفر، وكل ذلك من أجل القضاء على ديننا، فليكن ذلك في سبيل الله و نصرة لدينه، فعندها لن يخلفنا الله وعده وسيكرمنا بنصره وسينال القتلة والمجرمون والمتآمرون جزاءهم القريب العادل بإذن الله.

(وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).


للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
حنين الغريب

art260318

إن عدم وجود ثوابت شرعية لدى كل من الفصائل والحاضنة الشعبية وتبنيهم لها واجتماعهم عليها بحيث تكون أساسا يحاسب عليه كل من خالفها هي من أبرز الأسباب التي أوصلت ثورتنا إلى ما هي عليه، وجعلها تتردى في سلم التنازلات وتعيش زمن المتغيرات حتى باتت مهددة بالفناء، وحيث أن قيادات الفصائل اتخذت لنفسها ثوابت تخالف ما خرجت من أجله بل تناقضه؛ والتي من أهمها التزامهم بالخطوط الحمراء التي وضعها الداعم؛ كالحفاظ على المناطق الحيوية للنظام في الساحل و دمشق؛ حيث لم تتعرض هذه المناطق - على أهميتها - لأعمال جادة كان بإمكانها خلخلة أركان النظام وإسقاطه، فينبغي علينا أن نحدد ثوابت للثورة؛ تكون منبثقة عن عقيدة المسلمين ولا تخالف أحكام الله عز وجل، بحيث تكون أحكاماً شرعية ثابتة متفق عليها، ولعل من أهم هذه الثوابت التي لا يصح الاختلاف عليها:إن عدم وجود ثوابت شرعية لدى كل من الفصائل والحاضنة الشعبية وتبنيهم لها واجتماعهم عليها بحيث تكون أساسا يحاسب عليه كل من خالفها هي من أبرز الأسباب التي أوصلت ثورتنا إلى ما هي عليه، وجعلها تتردى في سلم التنازلات وتعيش زمن المتغيرات حتى باتت مهددة بالفناء، وحيث أن قيادات الفصائل اتخذت لنفسها ثوابت تخالف ما خرجت من أجله بل تناقضه؛ والتي من أهمها التزامهم بالخطوط الحمراء التي وضعها الداعم؛ كالحفاظ على المناطق الحيوية للنظام في الساحل و دمشق؛ حيث لم تتعرض هذه المناطق - على أهميتها - لأعمال جادة كان بإمكانها خلخلة أركان النظام وإسقاطه، فينبغي علينا أن نحدد ثوابت للثورة؛ تكون منبثقة عن عقيدة المسلمين ولا تخالف أحكام الله عز وجل، بحيث تكون أحكاماً شرعية ثابتة متفق عليها، ولعل من أهم هذه الثوابت التي لا يصح الاختلاف عليها:

1- إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه. وليس فقط إسقاط رأس النظام مع الإبقاء على أجهزته الأمنية والعسكرية التي تعتبر آلة القتل والتدمير والإجرام.

2- الانعتاق من التبعية لدول الغرب والأنظمة الحاكمة لبلاد المسلمين. فقد كان للارتباط بالغرب والدول الداعمة الأثر المدمر على ثورتنا؛ حيث جعل الفصائل رهينة قرارات الداعم مما أفقدها القدرة على الحركة الذاتية النابعة عن القرار الذاتي. 

3- التوحد على مشروع واضح منبثق من عقيدتنا الإسلامية (مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة)، يصون تضحياتنا ويحفظ الثورة من الانحراف. حيث أن التوحد على هذا المشروع يضمن لنا الدعم من الله عز وجل؛ واستحقاق النصر منه فما النصر إلا من عند الله سبحانه وتعالى، وضم قوته إلى قوتنا وتأييده لنا حتى لو لم يؤيدنا المجتمع الدولي، فتأييد المجتمع الدولي موهوم؛ ولا يكون إلا إن تخلينا عن شرع ربنا وأدرنا ظهرنا له ومنعنا شرعه ودينه أن يكون ظاهراً في الأرض على الدين كله، وهو القائل سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، فنحن أمام مشروعين لا ثالث لهما، إما أن نتبنى مشروع الخلافة العظيم فنستحق بذلك نصر الله ودعمه وتأييده، وإما أن نتبنى مشروع الدولة المدنية الديمقراطية الذي يفصل الإسلام عن الحياة ويقصي شرع الله عن الحكم؛ فيكلنا الله عز وجل إلى أعدائنا ويرفع يده عن نصرتنا بل ونستحق بذلك مقته وغضبه فنخسر بذلك الدنيا والآخرة وفي ذلك الخسران المبين. 


للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أ‌. أحمد عبدالوهاب
 رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا

alraiah210318

لم يعرف  التاريخ وحشية ترقى لوحشية  النظام الرأسمالي؛ الذي شن حملته المسعورة على البشرية جمعاء، فأباد البشر الحجر والشجر؛ وحول الإنسان إلى عبد لشهواته وأهوائه يلهث لإشباعها، بعد أن صور له الحياة تصويراً نفعياً؛ ولم يراع قيمة سوى القيمة المادية التي جعلت من الإنسان آلة قتل وتدمير، محطماً بذلك كل  القيم الإنسانية والروحية والخلقية، وقد كان للمسلمين عامة ولأهل الشام خاصة الحظ الأوفر من هذه الوحشية؛ حيث تصدرت المشهد جثث أطفالهم التي قضت تحت ركام منازلهم المدمرة؛ في بث حي ومباشر أمام ملايين المشاهدين، حيث لم توقظ هذه المشاهد إنسانية  المجتمع الدولي الميتة؛ ولم تحرك صرخات نساء  أهل الشام نخوة حكام مردوا على العمالة، ولم تعد مشاهد الدماء تقلق  الأمم المتحدة وأمينها العام.لم يعرف  التاريخ وحشية ترقى لوحشية  النظام الرأسمالي؛ الذي شن حملته المسعورة على البشرية جمعاء، فأباد البشر الحجر والشجر؛ وحول الإنسان إلى عبد لشهواته وأهوائه يلهث لإشباعها، بعد أن صور له الحياة تصويراً نفعياً؛ ولم يراع قيمة سوى القيمة المادية التي جعلت من الإنسان آلة قتل وتدمير، محطماً بذلك كل  القيم الإنسانية والروحية والخلقية، وقد كان للمسلمين عامة ولأهل الشام خاصة الحظ الأوفر من هذه الوحشية؛ حيث تصدرت المشهد جثث أطفالهم التي قضت تحت ركام منازلهم المدمرة؛ في بث حي ومباشر أمام ملايين المشاهدين، حيث لم توقظ هذه المشاهد إنسانية  المجتمع الدولي الميتة؛ ولم تحرك صرخات نساء  أهل الشام نخوة حكام مردوا على العمالة، ولم تعد مشاهد الدماء تقلق  الأمم المتحدة وأمينها العام.
لقد أيقن  أهل الشام أن ثورتهم ثورة يتيمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ثورة وقعت بين أنياب وحوش ضارية لا تعرف الرحمة، فكان لا بد من المواجهة؛ فالاستسلام للوحوش المفترسة يعني الموت المحقق، إلا أن عدم وجود قيادة سياسية واعية ومخلصة؛ جعل من المواجهة عبارة عن حركات مضطربة تفتقد إلى التوجيه الصحيح، وخاصة مع وجود جهات عدة لبست ثوب الحمل الوديع فأظهرت صداقتها لأهل الشام وأبطنت عداءها لهم، مما عقد الأمر وزاد المشهد ضبابية؛ حتى كادت الرؤية الصحيحة أن تنعدم...

وفي خضم هذه الأحداث دأب حزب التحرير منذ انطلاقة ثورة الشام على ترشيد الثورة؛ وتبديد الظلام الحالك الذي أراد الغرب الكافر أن يخيم عليها، فأخذ الحزب على عاتقه كشف المؤامرات التي حيكت بأياد دولية وإقليمية ومحلية، فكان الناصح الأمين والرائد الذي لم يكذب أهله، وصل الليل بالنهار ساعياً لتوجيه الدفة في الاتجاه الصحيح، محاولا تحطيم جميع الأدوات التي يستخدمها الغرب الكافر من خلال كشفها لأهل الشام، كما عمل على كشف جميع الأساليب القذرة التي يستخدمها الغرب الكافر للقضاء على ثورة الشام، فحذر من المال السياسي القذر؛ ومن الهدن والمفاوضات بكافة أشكالها وأنواعها؛ ومن  الحل السياسي الأمريكي؛ ومن المؤتمرات الدولية انطلاقاً من مؤتمر جنيف بكافة حلقاته مروراً بمؤتمر أستانة بكافة حلقاته و  مؤتمر الرياض وفينا وليس انتهاءً بمؤتمر سوتشي؛ كما حذر من الدور القذر الذي يلعبه نظام تركيا أردوغان؛ ودعا أهل الشام لأن يتخذوا لهم قيادة سياسية واعية ومخلصة؛ وبين لهم أن النصر يكون بالعمل على إقامة حكم الله في الأرض، فبه وحده نستحق النصر؛ وحدد لهم ثوابت منبثقة من عقيدة الإسلام تمثلت في إسقاط  النظام بكافة أركانه ورموزه؛ والتحرر من دول الكفر وإنهاء نفوذها؛ وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة؛ وحاول توجيه أهل القوة من الفصائل في الاتجاه الصحيح نحو رأس النظام في دمشق وخاصرته في الساحل؛ وحذر قيادات الفصائل من الاقتتال فيما بينها؛ مبينا أن هذا الاقتتال هو بمثابة التدمير الذاتي لها، ودعاها إلى الاعتصام بحبل الله المتين والتوحد على مشروع سياسي واضح ومحدد يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض.

وقد استخدم حزب التحرير في ذلك كل الوسائل والأساليب الشرعية الممكنة؛ فسير آلاف المظاهرات لتوجيه الرأي العام، وليست آخرها المظاهرات التي شهدتها المناطق المحررة نصرةً للغوطة وللضغط على قيادات الفصائل المرتبطة بحبل الداعم لفتح كافة الجبهات للتخفيف عن أهلنا في  الغوطة الشرقية، كما أصدر مئات البيانات الصحفية والورقات السياسية التي تكشف وتبين أساليب الغرب في القضاء على ثورة الشام وإجهاضها وترسم طريق الخلاص، وأطلق العديد من الحملات، وألقى شباب حزب التحرير مئات الخطب والكلمات في المساجد التي تحث أهل الشام على كسر حاجز الصمت وتحذرهم مغبة السكوت وبأن البلاء سيعم الجميع و  الفتنة ستصيب الكل، كما عمل الحزب على نشر الملصقات التي تدعو لذلك؛ واللقاءات المتواصلة مع الفعاليات المدنية والعسكرية...

ولا زال الحزب يحاول أن ينتشل هذه  الثورة اليتيمة من الأوحال التي أوقعها بها الغرب الكافر؛ وأن ينقذها من التردي في أوديته السحيقة، وسيبقى حزب التحرير صابراً على أمر الله؛ ثابتاً على الحق؛ وشعلة تنير للأمة الإسلامية طريقها؛ حتى يصل معها وبها إلى موعود الله سبحانه وتعالى في الاستخلاف والتمكين والأمن؛ وحتى تتحقق بشرى رسول الله ﷺ بإقامة  الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعندها ستقطع اليد التي ستمتد على أي مسلم في أي بقعة من بقاع الدنيا وستصبغ الحياة صبغة إسلامية كما يريدها الله سبحانه وتعالى، وسينعم المسلمون بخيرات بلادهم، بل سيحيا العالم أجمع عندما يستظل بظل حكم الإسلام حياة كريمة سعيدة بعد حياة الشقاء التي أخضعه النظام الرأسمالي لها؛ فما رسالة الإسلام إلا رحمة للعالمين.

وأخيراً وبعد سبع سنين من القتل والتدمير والابتلاء والتمحيص؛ آن لأهل الشام أن يتبين لهم العدو من الصديق، فهذه الثورة ثورة كاشفة فاضحة، وآن لهم أن يدركوا أن حزب التحرير هو الرائد الذي لم يكذب أهله قط، وآن لهم أن يعملوا معه لما هو خلاصهم في الدنيا والآخرة بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وآن لهم أن يسلموه قيادتهم السياسية فهو الناصح الأمين وهو الواعي على مخططات  الغرب وأذنابه؛ وهو ابن هذه  الأمة الإسلامية البار، والخلافة التي يسعى لإقامتها هي تاج الفروض وهي ليست فرضاً عليه فقط بل فرض على جميع المسلمين؛ وهي ليست دولته الخاصة بل هي دولة المسلمين جميعاً ولا وجود للإسلام في معترك الحياة إلا بها ولا حل لمعاناة المسلمين بدونها، قال تعالى: ﴿...فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾.


 كتبه لجريدة الراية: أ. أحمد عبدالوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 21 آذار/مارس 2018م
المصدر: http://bit.ly/2u8lenP

alraiah2103181

تدخل ثورة الشام عامها الثامن في ظل أوقات عصيبة مخضبة بالدماء التي يعيشها أهل الشام هذه الأيام، وخاصة في الغوطة الشرقية المحاصرة التي يراد لها أن تستنسخ سيناريو حلب، مع تكرار الأسباب نفسها التي خسرنا بسببها حلب، في مشهد تتفطر له القلوب وتشيب له الولدان؛ حرق وتدمير وتهجير، وآلاف من الحمم والقذائف، وقصف بشتى أنواع الأسلحة "المحرّمة" المفضلة دولياً، وحصار فوق حصار، وتمزيق الغوطة نفسها إلى أجزاء، وارتفاع عدد الشهداء وتناثر أشلاء الأبرياء، وحركة نزوح قسري لعشرات الآلاف ممن افترشوا الأرض والتحفوا سماءً ماطرة بالرصاص وهواءً تلوثه الأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام بضوء أخضر أمريكي أممي للمرة الخامسة في أقل من أسبوعين... كل ذلك على مرأى ومسمع العالم المتخاذل منه والمتآمر، وصمت الناس و الفصائل في باقي المدن المحررة وكأن الأمر لا يعنيها أو كأن الدور لن يصل يوماً إليها، وما كان سلاحها ليصدأ ولا بنادقها لتخرس لولا سحر أموال الداعمين القذرة التي أوردتنا المهالك. وثالثة الأثافي ما أعلنته فصائل الغوطة في بيان مشترك من استعداد لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكدةً "التفاعل الكامل لتنفيذ القرارات الأممية والانخراط الكامل في العملية السياسية"!تدخل ثورة الشام عامها الثامن في ظل أوقات عصيبة مخضبة بالدماء التي يعيشها أهل الشام هذه الأيام، وخاصة في الغوطة الشرقية المحاصرة التي يراد لها أن تستنسخ سيناريو حلب، مع تكرار الأسباب نفسها التي خسرنا بسببها حلب، في مشهد تتفطر له القلوب وتشيب له الولدان؛ حرق وتدمير وتهجير، وآلاف من الحمم والقذائف، وقصف بشتى أنواع الأسلحة "المحرّمة" المفضلة دولياً، وحصار فوق حصار، وتمزيق الغوطة نفسها إلى أجزاء، وارتفاع عدد الشهداء وتناثر أشلاء الأبرياء، وحركة نزوح قسري لعشرات الآلاف ممن افترشوا الأرض والتحفوا سماءً ماطرة بالرصاص وهواءً تلوثه الأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام بضوء أخضر أمريكي أممي للمرة الخامسة في أقل من أسبوعين... كل ذلك على مرأى ومسمع العالم المتخاذل منه والمتآمر، وصمت الناس و الفصائل في باقي المدن المحررة وكأن الأمر لا يعنيها أو كأن الدور لن يصل يوماً إليها، وما كان سلاحها ليصدأ ولا بنادقها لتخرس لولا سحر أموال الداعمين القذرة التي أوردتنا المهالك. وثالثة الأثافي ما أعلنته فصائل الغوطة في بيان مشترك من استعداد لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكدةً "التفاعل الكامل لتنفيذ القرارات الأممية والانخراط الكامل في العملية السياسية"!

أعداؤنا يرموننا عن قوس واحدة، ولا غرابة، سواء من جاهر منهم بالعداء أو لبس ثوب الأصدقاء. فالنظام ومن ورائه الروس بطائراتهم وبوارجهم ومليشيات إيران وحزبها في لبنان يتقاسمون أقذر الأدوار على الأرض، ودعم أمريكي سافر لنظام الإجرام عبر الضغط على فصائل الجنوب لالتزام الصمت و"ضبط النفس" ريثما ينهي النظام مهمته في اقتحام الغوطة، أما القوات التركية وأرتالها المتحركة في الشمال، فما إن أخذت مواقعها في مناطق معينة في الداخل السوري دون غيرها بحجة مراقبة "خفض التصعيد" ودفعت بالفصائل المرتبطة بها المنشغلة ببسط السيطرة والنفوذ لإشعال نار الاقتتال فيما بينها وسفك الدم المحرم في هذا الوقت الحرج بالذات، حتى سحب النظام أرتاله، متبختراً مطمئناً، من حماة وما حولها نحو الغوطة الجريحة للبطش بأهلها لإعادتهم إلى حظيرة الطغيان من جديد، مع نشاط دائم للمكر الأردوغاني الذي بات لا يبدأ حملة عسكرية في الشمال إلا بالتزامن مع حملة مسعورة مقابلة لنظام أسد بغية قضم مدينة محررة جديدة، وبات على كل لسان أنه كما كانت حلب مقابل مدينة الباب أيام درع الفرات، كذلك فإن "غصن الزيتون" وعفرين مقابل الغوطة وغيرها مما يردده الناس عن شرقي السكة وغربها، أما آلاف المقاتلين الذين سحبهم أردوغان إلى عفرين فهذا دورهم المنوط بهم دون أن يعلموا أن الدور لا بد يوماً قادم إليهم إن كان فيهم بقايا عزة!

وإمعاناً منه في النفاق وتنفيذ ما يمليه عليه ساسة البيت الأبيض، فقد عبر أردوغان، كدأبه دوماً، عن استعداده لاستقبال من تبقى من أهالي الغوطة، وهو الذي على دمائهم وأشلائهم يقتات عرشه وسلطانه المخضب بدماء الأبرياء الذين يشكون إلى الله من قتلهم ومن خذلهم.

كما كان لأحداث عفرين وما سببته من ضغط اقتصادي هائل على الناس من حصار وغلاء متعمد في المحروقات الأثر الكبير في نفوس الناس الذين يراد لهم أن يصلوا إلى مرحلة من اليأس والقنوط ومعاناة شظف العيش ليكونوا مهيئين للقبول بما يمليه علينا أعداء الإسلام، والرضا بالحل السياسي الأمريكي الذي يبقي المؤسسات الأمنية والعسكرية جاثمة على صدور العباد مع تغيير شكلي في الوجوه الكالحة المجرمة لا غير.

ولا يفوتنا التذكير بالخدمات الجليلة التي قدمتها الهدن الكارثية (من طرف واحد) لصالح نظام الإجرام، والتي كانت متنفسه كي يسحب أرتاله ويستفرد بالمناطق واحدة تلو الأخرى ويقضمها تباعاً وسط استخذاء من أسكرتهم أموال الداعمين من قادة و"شرعيين" باتوا سبَّةً ولعنةً على الثورة وأهلها إلا من رحم ربي، وهم من حاولوا القيام ببعض المعارك الاستعراضية تنفيساً لمشاعر الأمة الغاضبة ونفوس أبنائها المحتقنة.

ونخاطب هنا المخلصين من إخواننا في الفصائل أنكم بيضة القبان إن حملتم الأمانة بحق، وإن سكوتكم عن ارتباط قادتكم هو الذي يبدد جهودكم وعظيم تضحياتكم ودماء مليون شهيد من أعز أحبابكم، فالله الله في دينكم وعرضكم ودماء شهدائكم كي تلقوا الله يوم القيامة بصحائف عز بيضاء وهو عنكم بإذن الله راض.

وختاماً، فإننا نؤكد، بعد كل ما سبق، أن الكرب شديد بحق وأن القادم أعظم ما لم يتدارك مخلصو أهلنا الموقف، فيأخذوا على أيدي الظالمين والمجرمين الذين أوصلوا ثورتنا إلى ما وصلت إليه؛ ليضبطوا البوصلة من جديد ويصححوا المسار ويلتزموا بثوابت ثورة الشام ويلتفوا حول مشروع سياسي واع ومخلص من صميم عقيدتنا، يسير بالأمة ومعها بثقة وثبات نحو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام، قبل أن يأتي يوم نبكي فيه دماً، يوم لا ينفع بكاء أو نحيب على أطلال ثورة نعوذ بالله أن نفرط بها. ونؤكد أيضاً أن نصرة الحق وأهلهشرف عظيم لا يحوزه إلا رجال يرفعون الصوت عالياً، يبيعون أنفسهم لله، يبايعونه على ما يرضيه سبحانه من خلع ثوب الركون والمهانة ومن تسبب بها من قادة الضرار، والسير بخطا ثابتة لضرب النظام في عقر داره كي تعود غوطة الشام من جديد عقراً لدار الإسلام ولو كره المجرمون، بعد توحيد الجهود خلف قيادة سياسية تتقي الله في دين أهل الشام ودمائهم، وتسير بهم إلى حيث عزهم ورفعتهم، لعل الله يرضى بذلك عنا فينصرنا بفضله، فهو القائل في محكم التنزيل: ﴿فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وهو القائل سبحانه: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.


 كتبه لجريدة الراية: أ. ناصر شيخ عبدالحي، عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 21 آذار/مارس 2018م
المصدر: http://bit.ly/2ptELJT

alraiah1403181

تختم ثورة الشام عامها السادس بجراح نازفة أدمت أطرافها، وظهر لأعدائها وكأنها القاضية، فتراهم فرحين بما أنجزوه، شامتين بمَن ضحى خلال هذه السنوات، ظانّين أن لا غالب لهم، ولكنهم لم يعلموا أنها سنّة الله في التغيير، ولن تجد لسنّة الله تبديلاً ولا تحويلاً، فلم يبقَ من فرعون إلا العبرة لمن اعتبر، وبقي موسى عليه السلام بنصر ربّه مُخلّداً في كتاب الله.

إن الثورة اليوم تئن من جرح في غوطتها حيث أقرب نقطة إلى معقل النظام دمشق، فبعد سلسلة من الهدن المُذلة والتي فرّغت الطوق عن العاصمة دمشق، قرر أعداء الثورة الإجهاز على آخر قلاع هذا الطوق، فبعد تهجير أهالي داريا، ومن ثم الزبداني و مضايا حسب اتفاق المدن الأربع، وبعد تهجير قرى وادي بردى، بقيت الغوطة الشرقية شوكة في حلوقهم يريدون اقتلاعها.

وبذرائع واهية وأسباب تُقنع المجرمين في هذا العالم قررت روسيا المجرمة ومن ورائها أمريكا، وباستخدام عميلهم المجرم بشار، أن تستأصل أهل الغوطة وتبعد شبحهم عن نظام بشار، فبدأت حملتها بحجة محاربة (الإرهاب)، فانعقد مجلس الأمن في الـ 24 من شباط ليُقرّ بالإجماع على إعطاء الضوء الأخضر لروسيا المجرمة باستمرار حملتها في الغوطة، حيث كان القرار بوقف إطلاق النار مدة 30 يوماً ما عدا المناطق التي فيها (إرهابيون) حسب وصفهم.

في المقابل فإن أهل الغوطة قرارهم لم يتغير فهو الثورة وما تقتضيه من الدفاع عن أنفسهم وأرضهم فهم الآن ينقلون للعالم ثباتاً وصموداً فريدا، مستمداً من إيمانهم بربهم، رغم أنه ما زال فيهم سمّاعون لهم، فيرون في تصنيف أعدائهم حقّاً فيُخرجون إخوة لهم يُسمّون (إرهابيين) حسب تصنيف الأعداء، ورغم ذلك لم تتوقف مجازر المُجرمين، ولن تتوقف لأنهم يرون في كل من ثار على نظام بشار المجرم (إرهابياً) وإن وضعوا لهم أولويات في القتل.

لم يكن مؤلماً لأهل الغوطة أن هاجمهم النظام مدعوما بروسيا وغيرها، فهم لا ينتظرون غير ذلك منهم، لكن الذي يؤلمهم هو تخاذل من يُشاركهم هذه الثورة، فالجبهات مع النظام في غير الغوطة أصبحت تُشبه جبهة الجولان طيلة أكثر من أربعين عاماً مع كيان يهود، ففي الجنوب تقف فصائل درعا مُتفرجة بعد أن كُبّلت بالمال السياسي، لا تُحرك ساكناً، وإلى شمال الغوطة فما زالت بعض مناطق القلمون مُحاصرة كالغوطة، لكنها تنتظر دورها بفعل الارتباط والارتهان لقرارات الداعم.

وكذلك ريف حمص الشمالي المُحاصر، فبعد تهجير أهالي مدينة حمص قبل ثلاث سنوات، ومن ثم تهجير حيّ الوعر قبل سنة تقريباً، بقي ريف حمص الشمالي خاضعاً لقرارات الهدن التي لطالما خرقها النظام، دون أن يُدرك القائمون على أمر الريف أن سكونهم هذا سيُوصلهم إلى الندم في يوم لا ينفع فيه الندم، حيث سيقولون أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

وأما أكبر المناطق التي تحت سيطرة الثوار حيث إدلب وريفها وريف حلب الغربي، فقد أخذ منهم الارتهان للداعمين مأخذاً عظيماً، فبعد سيطرة النظام على مناطق واسعة جنوب إدلب، لم يدفعهم ذلك لرصّ صفوفهم وتوحيد كلمتهم وقطع دابر الداعمين، بل كانت نُصرة الغوطة باقتتال دامٍ أُشعل بينهم بعد أن ركّزت تركيا نقاط مراقبتها على جبهات النظام، وبينما تُدكّ الغوطة بشتى أنواع الأسلحة فإن فصائل الشمال تتناوب في السيطرة على المناطق المُحررة.

وهؤلاء المتقاتلون قسمٌ أدخل الأتراك ليُثبتوا نقاطهم، وقسمٌ يُشارك الجيش التركي في عمليته "غصن الزيتون" والتي تهدف للسيطرة على عفرين وما حولها، تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي التركي، متناسين جميعاً دور تركيا في القضاء على ثورة الشام، بالاشتراك مع أمريكا التي تدعم قوات "قسد" التي سيطرت على شرق سوريا بعد طرد تنظيم الدولة هناك، فتركيا بعمليتها هذه وباشتراكها في تثبيت نقاط المُراقبة المُتفق عليها في أستانة، تريد الإحكام على الثورة بعد إنهاك فصائلها بالاقتتال، مما يُمهد الطريق أمام الحل السياسي الأمريكي.

وبنظرة خاطفة إلى واقع الثورة تجد أن كلّاً من روسيا وتركيا يسيران باتجاه تثبيت الحل السياسي الأمريكي والذي صاغته في جنيف1 والذي يُقرر إنهاء الثورة عبر حكومة مشتركة تجمع فتات المُعارضة العلمانية مع رجالات النظام سواء برحيل أسد أو ببقائه، فروسيا تستخدم إجرامها لكسر إرادة أهل الشام وإبعاد خطرهم على النظام، وتركيا تستخدم مالها لشراء الذمم لافتعال الاقتتال وتسليم المناطق للنظام المجرم.

وتحت أزير رصاص الاقتتال، ومن بين الركام الذي خلّفته جرائم بشار، تبقى صيحات أهل الشام رافضة لكل هذا التآمر، ويبقى أهل الشام المُخلصون مُصرين على ثورتهم التي ترنو لإسقاط النظام، فها هم أهل الغوطة يُثبتون للنظام المجرم ومِن خلفه روسيا وأمريكا أن غوطتهم عصيّة عليهم، وأنهم لن يُسلموا رقابهم لأعدائهم، وكذلك في الشمال فقد استطاع كثير من الأهالي تحييد مناطقهم عن الاقتتال، وعبّروا عن رفضهم لكلّ أشكال الاقتتال ورفضهم للمنظومة الفصائلية كما يؤكدون على حرصهم على وجوب نُصرة الغوطة بفتح جبهات الساحل.

لذلك فإن ثورة الشام ستبقى عصية أمام تآمر أعدائها إذا ما التزمت أمر ربّها، ونصرته لتستحق نصره الموعود والمشروط قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ ونصرة الله بنصرة دينه بتبنيه كمشروع سياسي بديل عن نظام بشار المجرم، وبإعطاء قيادة الثورة للثلة الواعية التي تحمل هذا المشروع العظيم وتسعى لإيجاده في واقع الحياة، مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لينعم المسلمون بالعيش في ظلّه، وتُنقذ البشرية من ضنك العيش في ظل الرأسمالية الظالمة.


 كتبه لجريدة الراية: أ. منير ناصر، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 14 آذار/مارس 2018م
المصدر: http://bit.ly/2peNMGe