press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

2222

 

 

 

إنّ طيَّ صفحة المعاناة الطويلة التي خلّفها نظام أسد وسنوات القمع والانبطاح وفقدان السيادة يحتاج إلى قيادة مبدئية جريئة، تمتلك من الصلابة ما يؤهّلها لحمل تطلعات ثورة الشام التي انطلقت عام 2011 بشعارات "الموت ولا المذلة"، "لن نركع إلا لله"، و"إما نعيش بكرامة أو نموت".

وما زال تحقيق تلك الأهداف أمراً ممكناً، لا سيما في ظل الطاقة المعنوية الهائلة لأهل الشام، الذين أسقطوا أعتى طاغية في العصر الحديث، ولو استثمرت هذه الطاقة في الاتجاه الصحيح، لما وقفت في وجوههم الصعوبات. يكفي أن نُذكّر بانتفاضتهم العفوية الأخيرة ضد الفلول، حيث خرج ما يقارب نصف مليون ثائر في يوم واحد دفاعاً عن ثورتهم ومكتسباتها. هذه الروح وحدها كفيلة بأن تصنع مستقبلاً سياسياً حرّاً لو وُجِدت قيادة صادقة توظفها لصالح الثوابت، لا لصالح الحسابات الدولية والمصالح الشخصية.

لكن وعلى النقيض من ذلك، نجد انحرافاً متسارعاً في خطابات قيادة المرحلة الحالية، تنزاح يوماً بعد يوم عن جوهر الثورة ومبادئها. فخطاباتها الأخيرة لم تكتف بإعادة تدوير "نظام التطمينات"، بل تجاوزته نحو تبرير الاصطفاف مع أعداء الأمة، على حساب هوية الثورة واستقلال قرارها.

ففي مقابلة نشرتها صحيفة أمريكية يهودية، قال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية: "سنقيم شراكة أمنية مع (إسرائيل)، لوجود أعداء مشتركين. ترامب رجل سلام، والوحيد القادر على تصحيح المسار في المنطقة". وصرّح لرجل الأعمال الأمريكي جوناثان باس في صحيفة المجلة اليهودية بعزمه على دخول شراكة أمنية مع كيان يهود.

إن مجرد التصريح بوجود "أعداء مشتركين" مع كيان يهود هو انزلاق خطير، يعكس استعداداً للتخلي عن المبادئ العقائدية والثورية، مقابل كسب رضا واشنطن وتل أبيب. هذا الموقف لا يعبّر عن رؤية سياسية جريئة أو واعية، إنما هو تنكر للدماء، وقطيعة مع الموقف الشعبي الذي لم يتنازل يوماً عن حقه في تحرير فلسطين والجولان، ولم يقبل الاحتلال، لا بوعد بلفور ولا باتفاقيات أوسلو، فكيف يقبل بشراكة أمنية مع غاصب أولى القبلتين؟!

لقد كان الناس يعيبون على نظام الأسد الذليل تبجّحه الكاذب بالمقاومة، بينما هو يحرس حدود يهود ويقصف شعبه. واليوم تقف قيادة المرحلة في موضع أشد خطورة، إذ انتقلت من شعار "المقاومة" إلى طرح "الشراكة"، لتفقد الثورة ما تبقى من هويتها السيادية، وتذوب في مشاريع إقليمية مشبوهة تحت لافتات براقة مثل "البراغماتية"، و"المصلحة العامة"، و"إطعام الناس"!

نعم، أهل الشام يحتاجون إلى اقتصاد واستقرار، إلى تعليم وخدمات، ولكنهم لم يقدّموا ما يقرب من مليوني شهيد ليحصلوا على الخبز من سفارة! ولن تبنى دولة مستقلة برهن القرار لقوى أجنبية أو بالتماهي مع مشاريع تطبيعية. كما أن سعياً كهذا، حتى لو تحقق فيه بعض الاستقرار، لا يصح شرعاً، لأنه يقوم على بيع السيادة وإرضاء الأعداء وتضييع دماء الشهداء، والله تعالى يقول: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

أما اعتبار أمريكا رأس الكفر راعية للسلام، وترامب رجل سلام، فهو في أقل توصيف ارتهان سياسي خطير، بل انتحار سياسي. فهل نسي أحمد الشرع من دمّر حلب؟! ومن أتى بالروس لحماية الطاغية؟! ومن ساند نظام الأسد عبر الأدوات والأذناب والصنائع؟! ومن دمّر العراق وأفغانستان؟ ومن اعترف بالقدس عاصمة ليهود؟ ومن فرض التطبيع على أنظمة الاستبداد؟!

فمن نسيَ حقد أمريكا فليعد قراءة تاريخ الثورة من جديد، وليتأمل شعارات الجُمع والتي كان أحدها "أمريكا ألم يشبع حقدك من دمائنا؟".

إن منطق "الشراكة الأمنية" مع كيان غاصب لم يقبل به حتى بعض الأنظمة المطبعة، التي رغم توقيعها اتفاقيات سلام لم تدخل في تعاون أمني معلن بهذا الشكل. فكيف بثورة كان عنوانها "التحرير"؟ وكيف بثوار قضيتهم المركزية فلسطين؟

ورغم ضغوط الاحتلال ومكر السياسة، أثبتت تجارب شعوبنا أن التطبيع لا يصنع الاستقرار، بل يخلق فجوة بين الحكام والشعوب. الأردن ومصر مثال، ولم يجنِ المطبّعون غير الغضب الداخلي والاستعباد للخارج.

إنّ المشروع السياسي للثورة يجب أن ينبثق من عقيدة، وينبغي أن يكون على قدر تضحياتها ودماء شهدائها، لا من دهاليز السياسة الدولية والسفارات الأجنبية.

ويجب أن تكون القيادة نابعة من حاضنتها لا من رجال الأعمال، وأن يعاد السلطان للأمة لا للممول، وأن تبنى الدولة على أساس الإسلام لا على مائدة المساومات!

إن الثورة التي خُطّت بدماء الشهداء لا تُختزل في مشاريع أمنية مشبوهة ولا تُختطف لمصالح دولية. فالثورات لا تُختزل، والسيادة لا تُباع، والكرامة لا تُقايَض.

نحن اليوم أمام مفترق طرق: إما أن نعيد ثورتنا إلى مسارها المبدئي الرافض للتطبيع والارتهان، وإما أن نتركها تتهاوى على أعتاب مشاريع أمريكا ويهود الخيانية.

الخلاصة: إن ثورة الشام المباركة انطلقت من درعا لا من واشنطن، وهي بإذن الله ستختم في القدس عقر دار الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لا في تل أبيب!

--------

كتبه: 
* لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

 

 

صورة واتساب بتاريخ 1446 12 19 في 11.01.57 e68d9b7f

 

 



في ظل استمرار السلطة الحالية لدمشق بتوزيع صكوك العفو عن كبار المجرمين منذ سقوط نظام البائد وإبقائها على الثوار والمجاهدين في سجون إدلب تستمر عمليات الإستفزاز لأهل الثورة ، وما حصل في الآونة الأخيرة وما لخصه مؤتمر السلم الأهلي الذي أقيم يوم الثلاثاء في العاشر من يونيو 2025 حيث ترأسه حسن صوفان عضو لجنة السلم الأهلي ونور الدين البابا المتحدث باسم وزارة الداخلية ، فكان عبارةً عن إبِر تخديرٍ منتهيةِ الصلاحية ، فما تم الحديث عنه هو ذرائع ومبررات لإطلاق سراح المجرمين والضباط للحفاظ على السلم الأهلي ريثما يتسنّى لحكومة دمشق أن تطبّق العدالة الإنتقالية ، معتقدين بذلك أن يخففوا غضب أهل الدماء والتضحيات الذين لاقوا ما لاقوه من إجرام النظام على مدى سنوات .
وهذا والله ما هو إلا تلاعب بمشاعر من قدّم وضحّى وبذل الدماء والمال والأنفس في سبيل تحكيم شرع الله ومحاسبة كل المجرمين ، واستهانة بدماء الشهداء واستفزازٌ لذويهم وخطوة خطيرة في تقديم اوراق اعتمادٍ يُرضون بها الشرق والغرب.

عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: ﴿من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس﴾. فإن ما يحصل طبيعيٌ نتيجة ابتعاد السلطة الحالية عن تطبيق شرع الله والتزام أمره وسيرها في ركاب الدول وتنفيذ متطلباتها تحت ذريعة درء المفاسد والمصلحة والسياسة الشرعية وما إلى ذلك من مبررات وهذا والله لخطر عظيم ستتوالى به الأخطاء والنكسات وتكون النتائج لا تُحمد عقباها.

لم تقدّم ثورة الشام ما قدّمته لإعادة تدوير نظام وضعي باختلاف شكل الحاكم ، وإنما خرجت لله ولتحكيم شرعه وكانت معيّة الله مرافقة لنا منذ انطلاقتنا وحتى انتصارنا على نظام المخلوع ولذلك لابد أن نكمل ما بدأنا عليه بإرضاء الله سبحانه وتعالى وتطبيق شرعه وإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة، بهذا وحده يرضى عنّا الله ، وبهذا وحده نكون أصحاب القرار والسلطان ونحاسب كل من أجرم بحقّ ثورتنا في الداخل والخارج أفراداً كانوا أم دولاً تدعمهم وتقف خلفهم ، وفي ذلك النجاة والفوز المبين .

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
علي معاز

 

photo 2025 06 16 21 55 25



من البديهيات في السياسة أن إقامة الدولة المبدئية تقوم على فكرة عقائدية شاملة لكل نواحي الحياة، على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي والتعليمي والثقافي ونظام الحكم والقضاء وتشريع القوانين.
والدولة المبدئية الوليدة لا تكون امتدادا للدولة السابقة لا بجزئيات ولا بكليات، بل تقضي على كل مايمت إلى الدولة السابقة من الرجال والأفكار والأوساط كرجالات الدولة السابقين والأفكار السائدة والأوساط السياسية والإقتصادية و الأدبية والإعلامية وغيرها التي استخدمها النظام السابق لدعمه و ترويجه و تبرير سلوكه. وعلى هذا فالحكومة السورية الوليدة انزلقت بمنهجية تبريرية في إرضاء المجتمع الدولي تحت ذريعة الحاجة والضعف الاقتصادي وعدم القدرة على مواجهة المجتمع الدولي. وتماهت معه بعيداً عن الإسلام وأحكامه وتشريعاته الشاملة مبتغية العزة والقوة عند أعداء الإسلام. قال تعالى:(ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).
ومن المصائب في إرضاء المجتمع الدولي العفو عن الشبيحة و المجرمين من النظام البائد و تصديرهم كشخصيات محترمة ووجهاء فيما يسمى (السلم الأهلي والعدالة الإنتقالية)، وهي مصطلحات فضفاضة رغم ما ارتكبوه من جرائم قتل وتعذيب ونهب واغتصاب للحرائر لن تمر على أهل الثورة.
والمصيبة الأكبر على الدولة وأهل الثورة أن يتم دمجهم في أجهزة الحكومة بحجة أنهم أهل خبرة ولم تتلطخ أيديهم بالدماء أو لم يرتكبوا جرائم كبرى وكأنه هناك جرائم كبرى وصغرى في قتل المسلمين واغتصاب أعراضهم وتدمير مدنهم.
ونحذر الحكومة السورية الإنتقالية بأن ما تقوم به من التسامح مع المجرمين و العفو عنهم و مصطلح السلم الأهلي والعدالة الإنتقالية ما هو إلا لتدوير نفايات النظام السابق وتطبيقاً حرفياً للقرار (٢٢٥٤) القاضي بنقل السلطة سلميا وهذا يؤدي إلى تقويض الحكم الحالي ليعود النظام السابق بحلة جديدة يعيد فيها جرائمه من قتل وتدمير و سجن واغتصاب وانتقام من أهل الثورة، فالأمر جد خطير، فاتقوا الله فيما أنتم فيه.
قال تعالى :( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ).

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مصطفى عتيق

 

 

 

photo 2025 06 16 21 59 00

مقتطف من مقال في جريدة الراية بعنوان:
شكل نظام الحكم في سوريا بين فرض رب العالمين ومكر المتربصين

ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

بعد أن منّ الله على أهل الشام بإسقاط أسد المجرم، ها هي الدول الكبرى في العالم وعلى رأسها أمريكا، تسارع في الكيد لهم كي لا تخرج سوريا عن السيطرة، وأن تكون امتداداً لنظام بشار، أي تبقى كما كانت دولة تابعة عميلة وحامية لحدود كيان يهود، فبدأت تلك الدول تضع الشروط والمواصفات لسوريا ما بعد الأسد، مُجْمِعَةً في تأكيدها على محاربة الإسلام، فراحت هذه الدول التي تتقاطر وفودها إلى دمشق تربط ملف رفع العقوبات باستجابة الإدارة الحالية للضغوطات الغربية ورؤيتها لشكل الحكم في سوريا، مدعومةً بإعلامٍ علماني يُسَوِّق أن مستقبل سوريا سيكون دولة ديمقراطية مدنية علمانية تقصي الإسلام عن الحكم والدولة والمجتمع، مع تشكيل حكومة لا تقصي أحداً، ويدّعون زوراً وبهتاناً بأنها مطالب الناس.

 photo 2025 06 18 13 41 26

 

أهلنا الذين صمدوا على مدار 13 عاماً في وجه آلة القتل والدمار وبذلوا الدماء والأشلاء وعظيم التضحيات لا يرون غير الإسلام والحكم بما أنزل الله مستقبلاً لسوريا، ومن أجل هذا الهدف العظيم جاد أهلنا بما يقرب من مليوني شهيد، صابرين ومحتسبين. لذلك، فإنه من الضروري تبيان شكل الحكم في الإسلام لتنتقل القضية من شعار يتوق المسلمون لعودته إلى واقع واضح في أذهانهم ومنضبط في أفكارهم، يبذلون كل جهد من أجل ترسيخه وتحقيقه.

 

 

 20

 أهلنا الثابتين على أرض الشام، أهل الملاحم والبطولات:
إن حزب التحرير قد وضع بين أيديكم التصور الواضح لنظام الحكم في الإسلام الذي حكم به أئمة الهدى سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وحريٌّ بكم الالتزام بما أمركم به ربكم الذي بيده وحده نصركم وعزكم، وقد رأيتم معيته سبحانه التي حملتكم إلى دمشق منتصرين، ولا يليق بكم أيُّ نظامٍ علماني يُطرح عليكم يُسخِط اللهَ ويشقي عباده، حتى ولو كان مُجمَّلَ الوجه مُزكّىً من القنوات الفضائية المسيّسة، وحتى لو تمسّح بذكر الإسلام ما دام مضمونه هو الديمقراطية والحكم بغير ما أنزل الله. قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

 

21

 

نسأل الله لأهلنا في سوريا وكل بلاد الإسلام الثبات على الحقّ، والعزةَ بحكم الإسلام ودولته الخلافة التي بشرنا النبي ﷺ بعودتها على أنقاض الحكم الجبري حيث قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، فبها وحدها نستعيد عزنا المفقود وقدسَنا من يهود، وبها وحدها نعيد كتابة التاريخ من جديد ونعود بحقٍ خيرَ أمة أخرجت للناس، وما ذلك على الله بعزيز.

 

 

 

photo 2025 06 16 21 42 46


مما تذكره كتب الأدب واللغة العربية أن قوماً خرجوا إلى الصيد، في يوم حار، فبينما هم كذلك إذ عرضت لهم أم عامر وهي الضبع، فطردوها حتى ألجؤوها إلى خيمة أعرابي، فاقتحمتها. فخرج إليهم الأعرابي فقال: ما شأنكم؟
فقال: صيدنا وطريدتنا.
قال: كيف وقد دخلت بيتي واستجارت بي؟ كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي، فرجعوا وتركوه، فقام إلى شاة له فحلبها وقرب إليها ذلك، وقرب إليها ماء، فأقبلت مرة تشرب من هذا ومرة تشرب من هذا حتى عاشت واستراحت، فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته، إذ وثبت عليه فبقرت بطنه، وشربت دمه، وأكلت حشوته وتركته.
فجاء ابن عم له فوجده على تلك الصورة، فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال في ذلك:
ومن يصنع المعروف في غير أهله . . . يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر.
وأم عامر هي كنية الضبع،
فلأجل هذا قالت حكماء العرب: إن المعروف إلى الكرام يعقب خيراً، وإلى اللئام يعقب شراً، ومثل ذلك مثل المطر، يشرب منه الصدف فيعقب لؤلؤاً، وتشرب منه الأفاعي فيعقب سماً. وقال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: وجدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام.
ولعمري لا نرى شبهاً لهذه الأمثال العربية إلا ما نراه اليوم ممن يسمون أنفسهم لجنة السلم الأهلي.
فهم مثل ذاك الأعرابي الذي أجار الضبع من القتل، ثم أطعمها وسقاها، فقامت بقتله وأكله. فقد أطلقوا الشبيحة والمجرمين والوالغين بالدماء والهاتكين للأعراض، يبتغون عندهم العزة والمنعة، ويبتغون رضى الدول الغربية عنهم في التعامل مع ما يسمى بالأقليات، وقد غفلوا عن قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10].
ألا يدركون أن ما يفعلونه معناه أن الحاضنة الشعبية الثورية ستنفض عنهم وتتركهم ولن تقف معهم وستتخلى عنهم!
ألا يدركون أنهم إن فعلوا ذلك فإن هؤلاء الشبيحة سيكونون هم المعول الذي يهدم بنيانهم!
ألا يدركون أنهم يتزلفون للقتلة المجرمين على حساب دماء الشهداء التي ستلعن من ضيعها وساوم عليها وباعها في سوق النخاسة!
ألا يدركون أنهم قد فعلوا جريمة شنعاء ستكون وصمة عار عليهم إلى يوم الدين!!
ألا يدرك هؤلاء أن هذه السياسة تجاه الشبيحة والقتلة والمجرمين هي مثل قول العرب قديماً: سمّن كلبك يأكلك!

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبدالرحمن