- التفاصيل
إنه لمن المؤسف والمؤلم أن نجد أنفسنا مضطرين للتنبيه والتحذير من خطورة السعي إلى الصلح أو التطبيع مع الكيان الغاصب، الذي أوغل في دماء أهلنا في غزة طيلة سنتين متواصلتين، في عدوان همجي لا يزال مستمرًا حتى اللحظة، يُضاف إلى سجله الأسود الملطخ بدماء المسلمين.
ورغم وضوح العدو وعدوانه، تتواتر في هذه الأيام التصريحات والتسريبات عن احتمالية اتفاق سلام أو صلح او تطبيع قد تشارك فيه سوريا وبعض الدول الأخرى، وهو أمرٌ خطير يُعد من أخطر ما يُعرض على الأمة في هذا الزمن العصيب.
إن الصلح مع هذا الكيان الغاصب المحارب هو خيانة لله ورسوله والمؤمنين، وهو تنازل عن واحد من ثوابت هذا الدين، لا يجوز بحال من الأحوال، ولا يُقبل تحت أي ذريعة من ذرائع الضعف أو الحصار أو الظروف السياسية.
فالإسلام جاء ليعلو لا ليُعلى عليه، ليُغير الواقع لا ليخضع له، والثوابت لا تقبل المساومة تحت ضغط الواقع.
إن السكوت عن هذه التسريبات موقفٌ مريب قد يفهمه الناس أنه تواطؤ أو رضا ضمني، والصمت في موضع البيان إقرار ومشاركة، والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ينتظرون موقفًا واضحًا لا لبس فيه، يُبرئ الذمة، ويجعل الحق بيّنًا، والباطل كذلك.
ونذكر بدماء إخواننا في غزة، وبأشلاء الأطفال والنساء، وبقوله تعالى:
(إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"
(الممتحنة: 9).
نحن في أرض الشام، أرض الجهاد والرباط، لا نعرف إلا سبيلاً واحدًا، هو سبيل الجهاد والتحرير، ونعلم أن يوم الانقضاض على هذا الكيان اللقيط آتٍ لا ريب فيه، نأخذ فيه بثأر الشهداء والمظلومين، ونُطهر فيه الأرض من دنس الغاصبين، بإذن الله العزيز الجبار.
وإن أهل الشام، أهل الحلقة والرباط، ورثناها عن آبائنا، ونورثها لأبنائنا، ولا نعرف الجبن، ولا نبيع ديننا بحطام الدنيا، نحب الموت في سبيل الله كما يحب أعداؤنا الحياة، ولا نرضى بأقل من التحرير الكامل، والثأر الكامل، وإقامة شرع الله خلافة تنزل بيت المقدس بإذن الله.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
وائل مسعود
- التفاصيل
أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع المرسوم رقم 66 لعام 2025 القاضي بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، حيث شمل القرار أربع مواد ومنها تشكيل لجنة باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب من عشرة أعضاء ورئيس، وتشرف هذه اللجنة على تشكيل هيئات فرعية ناخبة تنتخب ثلثي الأعضاء، ويعين الرئيس ثلث الأعضاء الباقين، كما يبلغ عدد الأعضاء ١٥٠ عضوا موزعين على جميع المحافظات.
إن قواعد الحكم في الإسلام ثابتة لا تتغير، ومنها أن السيادة للشرع والسلطان للأمة، فالإسلام هو النظام الذي جاء به محمد ﷺ من عند ربه إلى البشرية جمعاء لتطبيقه عليها، فالتشريع للخالق سبحانه وتعالى وليس للعباد، وللمسلمين الحق في اختيار من ينوب عنهم في تطبيق الإسلام، وحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وليس لهم الحق في التشريع مطلقا لا هم ولا الحاكم. فالتشريع حق للخالق فقط ولا دخل للمخلوق فيه ولا يمكنه أن يعترض عليه، بل ينفذ أوامر الله ويجتنب نواهيه، فخالق الإنسان هو أعلم بما يناسبه، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وعليه فإن مجلس الشعب في بلاد المسلمين بواقعه الحالي، يخالف ديننا الحنيف ويقر بجعل مجموعة من البشر المنتدبين من الناس على حد زعمهم يصبحون هم المشرعين من دون الله ويصوتون في بعض الأحيان على أحكام شرعية قطعية الثبوت قطعية الدلالة كما حصل في البرلمان التونسي وما يحصل في جميع الدول، والجميع يعلم أن هذه الأنظمة اغتصبت سلطان الأمة وفرقت جمعها. أما في ظل وجود دولة إسلامية تحكم بالإسلام كاملاً فإن مجلس الأمة موجود وله دوره وضوابطه بموضوع الشورى والمحاسبة ونقل هموم الأمة وصوت أبنائها، فلكل عضو من أعضائه الحق في التكلّم، وإبداء الرأي كما يشاء دون أي حرج، في حدود ما أحَلّه الشرع. فالعضو وكيل ينوب عن المسلمين في إعطاء الرأي، وفي المحاسبة وغيرها.
إن لفظة "برلمان" أو "مجلس الشعب" هي مصطلح غربي صُدرت لنا عقب هدم دولة الخلافة، وبعد أن مزق الغرب الكافر بلادنا وجعل عليها حكاما عبيداً نواطير له وولّاهم أمرنا عنوة، وجعل يزين هذه الفكرة بدخوله من باب الشورى في الإسلام وتمييع الحقائق واستغل ضعف الناس فكرياً في أواخر الخلافة العثمانية وبعد هدمها، فالشورى والبرلمان أو مجلس الشعب ضدان لا يلتقيان، فالشورى ليست تشريعا أو تصويتا على حكم، فهي في الأمور المباحة أو التي أجاز الشارع فيها أخذ رأي عامة الناس أو جعل السلطان لهم فيها مثل تنصيب الخليفة، فجعل القرار لهم في اختيار من ينوب عنهم في تنفيذ شرع الله، وعليه فالشورى ليست تشريعا، أما مجلس الشعب فإنه يقر التشريع من دون الله والعياذ بالله.
وعليه فإننا اليوم في سوريا وبعد أن منّ الله علينا بسقوط الطاغية وجب علينا أن نحافظ على إنجازاتنا وأن نتوّجها بحكم الإسلام، فهذا هو المطلب الأساسي الذي طالب به أهل الشام منذ أول يوم خرجوا فيه إلى الساحات ونادوا "هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه"، "قائدنا للأبد سيدنا محمد"، "الشعب يريد خلافة إسلامية". فهذه هي مطالب من ثاروا وقدموا التضحيات والدماء وقُتِلوا وهجروا في سبيل هذه الغاية وهم أصحاب السلطان وهم من يختارون من ينوب عنهم في الشورى والحكم، لا أن يتصدر المشهد بعض أزلام النظام السابق وأزلام الغرب عبر مجلس الشعب وغيره!
وعليه فإن رسم الخط المستقيم بجانب الخط الأعوج هو سنة النبي ﷺ في التغيير، وتطبيق الإسلام تطبيقا انقلابيا شاملاً هو الحل الوحيد للتخلص مما نحن فيه من الذل والهوان وتربص ومكر الأعداء بنا، فلا يتوج تضحياتنا إلا حكم الإسلام في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي صمام الأمان وبها يمكّن الله لدينه ويعز أهله، ويخرج البشرية جمعاء من ظلمات الحكم الجبري إلى نور الإسلام وعدله، وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾.
--------------
كتبه: الأستاذ إبراهيم معاز
- التفاصيل
قال الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف: 176].
فالقصص القرآني للتفكر والتدبر واستخلاص العبرة والموعظة، لأن فيها بعض النماذج العملية لما سيمر على المسلمين.
ولنأخذ مثلاً قصة ذي القرنين، قصة الملك العادل الذي مكنه الله تعالى في الأرض، وآتاه أسباب هذا التمكين.
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}.
في هذه القصة نقرأ كيف تعامل هذا الملك الصالح مع هذا التمكين، من حمل للدعوة وجعل العلاقات الخارجية تسير على هذا الأساس أي حمل الدعوة للأمم الأخرى، فلذلك قال الله تعالى: { فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 85].
كما أننا نرى في قصة ذي القرنين أن الله تعالى أخبرنا كيفية التعامل مع المجرمين، فذكر أسلوبين لذلك:
الأول: معاقبة المجرمين والمفسدين في الأرض.
الثاني: عزلهم عن المجتمع ومنعهم من الإفساد في الأرض.
والحاكم يتصرف وفق هذين الأسلوبين بما هو أنسب للمسلمين ولحمل الدعوة، وما هو أنفع لهم، وليس بتعويم هؤلاء المجرمين وجعلهم يسرحون ويمرحون في الأرض كيفما يشاؤون. فقد قال الله تعالى عن ذي القرنين {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا } [الكهف: 86 - 88].
فذو القرنين ذكر أنه سيعاقب المجرمين، وأخبر أنه سيعذبهم على جرائمهم، وهذا هو الأسلوب الأول في التعامل مع المجرمين، أي معاقبتهم على جرائمهم ومحاسبتهم على ما اقترفت أيديهم.
وأما إن كان هؤلاء المجرمون يشكلون قوة ضاربة، بحيث لا يمكن محاسبتهم جميعا ولا يمكن معاقبتهم كلهم، فلا يكون التعامل معهم بتعويمهم، ولا بجعلهم يسرحون ويمرحون بين الناس، ولا بجعلهم متنفذين وأصحاب قرار، بل الأسلوب الأمثل للتعامل مع هؤلاء المجرمين هو عزلهم عن المجتمع، ومنعهم من أن يعيثوا فيه فساداً، وهذا ما فعله ذو القرنين مع يأجوج ومأجوج.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } [الكهف: 93 - 97].
فيأجوج ومأجوج كانوا قوة ضاربة كبيرة، بحيث لا يمكن محاسبتهم ومعاقبتهم كلهم، فقام ذو القرنين ببناء السد لعزلهم ومنعهم عن الإفساد في الأرض، ولم يقم بتعويمهم بذريعة السلم الأهلي، ولم يقم بمسح جرائمهم بحجة التعايش والسلم الأهلي، بل عزلهم عن الناس ومنعهم من الإفساد في الأرض.
فأكابر المجرمين المفسدين في الأرض لا يكون التعامل معهم بإعادة تدويرهم مثل عملية تدوير النفايات، بل بمحاسبتهم على جرائمهم ومعاقبتهم على ما كسبت أيديهم.
وفي الختام نذكر بقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111].
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبد الرحمن
- التفاصيل
جاء في صحيح البخاري (6/ 2613) عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة).
وقد ذكر لنا الذهبي نموذجاً عجيباً لمن كان يحرص على الإمارة. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (38/ 3) يصف أحد حكام المغرب العربي:
كان طعامه وقوته من غزل أخته رغيفا بزيت، أو قليل سمن، لم ينتقل عن ذلك حين كثرت عليه الدنيا، رأى أصحابه يوما، وقد مالت نفوسهم إلى كثرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من أراد الدنيا، فهذا له عندي، ومن كان يبغي الآخرة، فجزاؤه عند الله، وكان يتمثل كثيرا:
تجرد من الدنيا فإنك إنما
خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد
وقال عنه الذهبي أيضاً:
كان خشن العيش، فقيرا، قانعا باليسير، مقتصرا على زي الفقر، لا لذة له في مأكل ولا منكح، ولا مال، ولا في شيء غير رياسة الأمر، حتى لقي الله تعالى.
لكنه دخل - والله - في الدماء لنيل الرياسة المُردية. انتهى.
فهذا الحاكم نموذج لكل طالب سلطة، ونموذج لكل من كان همه الوصول للحكم والجلوس على الكرسي، فشهوة السلطة فوق كل شهوة، فهو زاهد في الدنيا، وزاهد في النساء، وزاهد في الأموال، وزاهد في فاخر الثياب، ولكنه طامع أشد الطمع في أن يكون حاكماً، فلا يبالي بأي شيء في سبيل الكرسي.
فإذا كان هذا حال الزاهد العابد عندما يستولي عليه حب السلطة ويستولي عليه شهوة الجلوس على كرسي الحكم، فما بالك بمن هو يحب السلطة وليس بزاهد ولا قانع؟
فتجده في سبيل الكرسي يفعل كل ما تريده الدول الغربية للبقاء على هذا الكرسي، فتجده يقوم بتعويم الشبيحة، وتجده يعيد تدوير النفايات البشرية من المجرمين، وتجده يتهافت للصلح مع اليهود والتفاوض معهم، وتجده يتزلف لغير المسلمين بذريعة حقوق الأقليات، وتجده يفتح البلد على مصراعيه للشركات الاستعمارية الكبرى لتنهب البلد
وتجده يتعامل بالربا مع صندوق النقد الدولي، وتجده يهمل شؤون المسلمين،
كل هذا من أجل البقاء على الكرسي.
ما جاء في صحيح مسلم (6/ 9) أن عائذ بن عمرو - وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - دخل على عبيد الله بن زياد فقال أي بني، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم ».
ومعنى الحطمة أي الذي يحطم رعيته ويرهقهم، فتحطمه نار جهنم والعياذ بالله.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبدالرحمن
- التفاصيل
مقتطف من مقال في جريدة الراية بعنوان: يا غزة العزة.. سيذكر التاريخ
ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
سيذكر التاريخ أن دروس الطوفان أبلغ وأقوى من تجبر الطغيان.
سيذكر التاريخ ثباتاً أسطورياً لثلة صابرة محتسبة، آمنت بربها فتوكلت عليه، وكفرت بالأنظمة والحكام والنظام الدولي وأممه المتآمرة المتحدة، فمرغت أنوف نتنياهو وكيانه وجنوده في التراب، رغم قلة العدة والعتاد.
سيذكر التاريخ أن كتيبة واحدة من أمة الإسلام، في بقعة صغيرة محاصرة فعلت الأفاعيل بجيش مدجج بالسلاح، وقفت معه أمريكا والغرب وكفار الأرض، فكيف حين تتحرك جيوش الأمة بقيادة إمام واحد؟!
سيذكر التاريخ كيف أثبت أهل الملاحم أنه حين يستحكم الإيمان في نفوس أبناء الأمة، فإن التحرر من هيمنة الغرب وعملائه أقرب من رد الطرف، وأنه لن تقوى أي قوة، مهما عظمت، على مواجهتهم أو كسر إرادتهم.
سيذكر التاريخ كيف أثبت رجال غزة، وهم قلة محاصرة، عِظم القوة الروحية التي يمتلكها المسلمون حين تتغلغل مفاهيم العقيدة والجهاد في نفوسهم، تلك القوة الروحية التي جعلت منهم آساد حرب وجنود ميدان، لا يشق لهم غبار ولا تفتر لهم عزيمة في هذه المهمة العظيمة.
سيذكر التاريخ الذين فجروا طاقاتهم وذكرونا ببطولات الفاتحين، رغم الحصار وحمم النار، رغم الخذلان المر المريب وتآمر القريب قبل البعيد.
سيذكر التاريخ أن عملية الطوفان رفعت مستوى وعي الأمة إلى مستويات عالية، على الحل الجذري وعلى من هو في صف الأمة ومن هو في صفوف أعدائها.
سيذكر التاريخ أن زئير الأسود الجريحة أثبت يقيناً، أن كيان يهود نمر من ورق، يحكي انتفاخاً صولة الأسد، يومه آت ونفَسُه منقطع وحباله مقطوعة مهترئة.
سيذكر التاريخ ذكريات "روح الروح" في بقعةٍ طاهرة مباركة آن لها أن تطهر من دنس الغاصبين.
سيذكر التاريخ حكاماً عملاء، كبّلوا جيوش الأمة عن نصرة إخوانهم ومقدساتهم، رسّخوا حدوداً وأقفاصاً "وطنية" صنعها الكافر المستعمر بيديه ظناً منه أن سيمنع إعصار الأمة القادم الذي سيهدم العروش ويكسر القيود ويفتح الحدود.
سيذكر التاريخ أن بذور الطوفان ودماء الشجعان والأقمار التي ودعتنا إلى الواحد الديّان، بعد أن أثبتت هشاشة الكيان، ستنبت نصراً مؤزراً بإذن الله، يهدم عروش الطغيان ويوحد المسلمين جميعا تحت راية واحدة وإمام واحد، يخاطب من يؤذي مسلماً: "يا عدو الله، الجواب ما تراه لا ما تسمعه".
سيذكر التاريخ أن النار التي تستعر في صدور مخلصي الأمة من أهل القوة والمنعة، بسبب تكبيل حكامهم لهم عن القيام بواجبهم، ستدفع باتجاه واحد؛ حلٍ جذري وتغييرٍ حقيقيٍ قادمٍ يشفي الله به صدور قوم مؤمنين.
رحم الله شهداءنا الأبرار وأنزل الطمأنينة والأمن والوقار على أهلنا في غزة وكل فلسطين. اللهم آوِ مشرَّدهم وأمّن خائفهم وأطعم جائعهم واشف الجريح فيهم واجعل دماءهم وآلامهم منبعَ آمالٍ لهم ولنا جميعا، لغدٍ مشرق تشرق فيه شمس الإسلام في ظلال حكم الإسلام ودولته الخلافة، دولةٍ تُعز الإسلام وأهله وتنشر في ربوع المعمورة العدل والأمان، وتنسي المجرمين وساوس الشيطان، ونسأل الله أن يكون ذلك قريبا.
قال ﷺ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِيَ مِنْهَا».