press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

2


بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
سيذكر التاريخ أن دروس الطوفان أبلغ وأقوى من تجبر الطغيان.
سيذكر التاريخ ثباتاً أسطورياً لثلة صابرة محتسبة، آمنت بربها فتوكلت عليه، وكفرت بالأنظمة والحكام والنظام الدولي وأممه المتآمرة المتحدة، فمرغت أنوف نتنياهو وكيانه وجنوده في التراب، رغم قلة العدة والعتاد.
سيذكر التاريخ أن كتيبة واحدة من أمة الإسلام، في بقعة صغيرة محاصرة فعلت الأفاعيل بجيش مدجج بالسلاح، وقفت معه أمريكا والغرب وكفار الأرض، فكيف حين تتحرك جيوش الأمة بقيادة إمام واحد؟!
سيذكر التاريخ كيف أثبت أهل الملاحم أنه حين يستحكم الإيمان في نفوس أبناء الأمة، فإن التحرر من هيمنة الغرب وعملائه أقرب من رد الطرف، وأنه لن تقوى أي قوة، مهما عظمت، على مواجهتهم أو كسر إرادتهم.
سيذكر التاريخ كيف أثبت رجال غزة، وهم قلة محاصرة، عِظم القوة الروحية التي يمتلكها المسلمون حين تتغلغل مفاهيم العقيدة والجهاد في نفوسهم، تلك القوة الروحية التي جعلت منهم آساد حرب وجنود ميدان، لا يشق لهم غبار ولا تفتر لهم عزيمة في هذه المهمة العظيمة.
سيذكر التاريخ الذين فجروا طاقاتهم وذكرونا ببطولات الفاتحين، رغم الحصار وحمم النار، رغم الخذلان المر المريب وتآمر القريب قبل البعيد.
سيذكر التاريخ أن عملية الطوفان رفعت مستوى وعي الأمة إلى مستويات عالية، على الحل الجذري وعلى من هو في صف الأمة ومن هو في صفوف أعدائها.
سيذكر التاريخ أن زئير الأسود الجريحة أثبت يقيناً، أن كيان يهود نمر من ورق، يحكي انتفاخاً صولة الأسد، يومه آت ونفَسُه منقطع وحباله مقطوعة مهترئة.
سيذكر التاريخ ذكريات "روح الروح" في بقعةٍ طاهرة مباركة آن لها أن تطهر من دنس الغاصبين.
سيذكر التاريخ حكاماً عملاء، كبّلوا جيوش الأمة عن نصرة إخوانهم ومقدساتهم، رسّخوا حدوداً وأقفاصاً "وطنية" صنعها الكافر المستعمر بيديه ظناً منه أن سيمنع إعصار الأمة القادم الذي سيهدم العروش ويكسر القيود ويفتح الحدود.
سيذكر التاريخ أن بذور الطوفان ودماء الشجعان والأقمار التي ودعتنا إلى الواحد الديّان، بعد أن أثبتت هشاشة الكيان، ستنبت نصراً مؤزراً بإذن الله، يهدم عروش الطغيان ويوحد المسلمين جميعا تحت راية واحدة وإمام واحد، يخاطب من يؤذي مسلماً: "يا عدو الله، الجواب ما تراه لا ما تسمعه".
سيذكر التاريخ أن النار التي تستعر في صدور مخلصي الأمة من أهل القوة والمنعة، بسبب تكبيل حكامهم لهم عن القيام بواجبهم، ستدفع باتجاه واحد؛ حلٍ جذري وتغييرٍ حقيقيٍ قادمٍ يشفي الله به صدور قوم مؤمنين.
رحم الله شهداءنا الأبرار وأنزل الطمأنينة والأمن والوقار على أهلنا في غزة وكل فلسطين. اللهم آوِ مشرَّدهم وأمّن خائفهم وأطعم جائعهم واشف الجريح فيهم واجعل دماءهم وآلامهم منبعَ آمالٍ لهم ولنا جميعا، لغدٍ مشرق تشرق فيه شمس الإسلام في ظلال حكم الإسلام ودولته الخلافة، دولةٍ تُعز الإسلام وأهله وتنشر في ربوع المعمورة العدل والأمان، وتنسي المجرمين وساوس الشيطان، ونسأل الله أن يكون ذلك قريبا.

قال ﷺ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِيَ مِنْهَا».

 

كتبه: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

المصدر: https://tinyurl.com/3mkzfnp8

photo 2025 02 15 18 06 07

 

 

 

تشتهر بين المسلمين مصطلحات كثيرة، ذات مدلولات خبيثة؛ في ظاهرها النجاة، وفي باطنها الهلاك، ولعل الضرر يكمن، في عدم وعي كثير من الناس على ما يُراد من ترويجٍ لهذه المصطلحات المسمومة.

ومن هذه المصطلحات الرائجة التي يردّدها الناس عن وعي أو بغير وعي؛ مصطلح الوطنية الخبيث. ولا يُقال: إن الرابطة الوطنية من الوطن بالمعنى اللغوي، وهو مكان الإقامة في المدينة أو القرية، فلا يُقال ذلك: لأنّ الكلمة إذا أصبح لها مدلول اصطلاحي، أي حقيقة عرفية خاصة، وصار لاستعمالها واقع، ففي هذه الحال يُسلَّط الحكم الشرعي على معناها الاصطلاحي، وليس على المعنى اللغوي لها، وذلك مثل كلمة (رَاعِنَا)، فهي كلمة عربية بمعنى انتظرنا وأمهلنا، وهي نفس كلمة (انْظُرْنَا)، ولكن اليهود استعملوا (رَاعِنَا) في معنى السب والشتم، واستغلوا استعمال المسلمين لها في مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستعملوها في ندائه بقصد السب والشتم، لذا نزلت الآية بالنهي عن استعمال كلمة (رَاعِنَا)؛ لأن معناها اللغوي اختلط باصطلاح له مدلول جديد، وله حقيقة عرفية خاصة، فكان الحكم الشرعي لمثل هذه الكلمات يُسلَّط على المعنى الاصطلاحي لا على المعنى اللغوي، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم)] البقرة 104]. قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله: (وهم يُرِيدُونَ بِـ {رَاعِنَا} كَلِمَةً في العِبْرانِيَّةِ تَدُلُّ عَلى ما تَدُلُّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الرُّعُونَةِ في العَرَبِيَّةِ، وقَدْ رُوِيَ أنَّها كَلِمَةُ ”راعُونا“ وأنَّ مَعْناها الرُّعُونَةُ فَلَعَلَّهم كانُوا يَأْتُونَ بِها، يُوهِمُونَ أنَّهم يُعَظِّمُونَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَمِيرِ الجَماعَةِ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ أنَّ اللَّهَ نَهى المُسْلِمِينَ عَنْ مُتابَعَتِهِمْ إيّاهم في ذَلِكَ اغْتِرارًا فَقالَ في سُورَةِ البَقَرَةِ {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وقُولُوا انْظُرْنَا})[ تفسير التحرير والتنوير].

وفي مثل هذا يُقال: في كلمة الوطنية، فلا نبحث عن المعنى اللغوي من أجل معرفة الحكم الشرعي، بل نبحث عن المعنى الاصطلاحي؛ أي الحقيقة العرفية الخاصة، المُصدَّرة إلينا من الكافر المستعمر، الذي هدم دولة الخلافة، وأبدلنا بدويلات هزيلة تعزز هذا المصطلح الخبيث.

وحتى نتبين الحكم الشرعي فيها، يجب أن نعلم معناها عند أهلها، فهم سَمَّوا الوطنية بهذا الاسم، لجعل ارتباط الإنسان بغيره بناء على الشعور الغريزي المتعلق بالموطن الذي تحدده الحدود.
وهذا الرابط لا يصلح لربط الإنسان بأخيه الإنسان وهو يسير بطريق النهوض. لأنه رابط مؤقت يظهر في حالة وجود عدو او خطر خارجي، وهذا الشعور الغريزي موجود في الحيوان والطير كما هو موجود في الإنسان. والوطنية تنشأ بين الناس كلما انحط الفكر، فبحكم عيش هؤلاء الناس في أرض واحدة والتصاقهم بها، تظهر عندهم غريزة البقاء في مظهر الدفاع عن النفس، والدفاع عن البلد الذي يعيشون فيه، والأرض التي يعيشون عليها، وتختفي في حال الاستقرار، ومع مرور الوقت أصبحت الوطنية عصبية، يلتصق الكثير من أهل بلد معين بسببها، حتى لو كانوا إخوة في العقيدة، مما يفرق أبناء الأمة الواحدة، و يجعل أخوتهم لمن هم ضمن حدود دويلات سايكس بيكو التي خطها أعداء الأمة.

أما في الإسلام، فقد جعل الرابطة هي رابطة العقيدة الإسلامية وجعل الأخوة الإسلامية هي التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان وهو يسير في طريق النهوض.
و ليس للوطن الأصلي او اللون أو العرق أي دور في الرابطة الحقيقية.
أما لوثة الوطنية التي ابتليت بها الأمة الإسلامية فهي رابطة قهرية جبرية، فرضتها دول الكفر لتمزيق الأمة الإسلامية، وساعدهم في ذلك كثير من أبنائنا المضبوعين بالغرب الكافر أو الذين اصطنعهم عملاء له. لذلك لا تصلح الرابطة الوطنية للربط بين أبناء الأمة، بل تزرع بينهم العصبية والطبقية والعداوة والبغضاء، التي ذمها النبي صلى الله عليه وسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: كنا في غَزَاةٍ فَكَسَعَ رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين. فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: « مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ؟». قالوا : يا رسول الله ، كَسَعَ رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار. فقال صلى الله عليه وسلم: « دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»[صحيح البخاري]. ومعنى كَسَعَ: (الْكَسْعُ: أَنْ تَضْرِبَ بِيَدِكَ أَوْ بِرِجْلِكَ بِصَدْرِ قَدَمِكَ عَلَى دُبُرِ إِنْسَانٍ أَوْ شَيْءٍ) [ معجم لسان العرب لابن منظور].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ»[ أخرجه الإمام مسلم].

إن دولة الخلافة، عندما كانت رابطتها رابطة العقيدة الإسلامية، كانت أعظم دول العالم وأكثرها قوة، وعندما حلَّت الوطنية محلها، حطمتها وقسمتها إلى دويلات هزيلة مستجدية، وبسبب الرابطة الوطنية أصبحت لُقَماً سائغة للكافر المستعمر؛ فهي رابطة رجعية تفرق ولا تُوحِّد.

ولا يوجد في القرآن أو السنة، ولا في ما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس القائم على العلة الشرعية، ما يأمر بهذه الرابطة أو يسمح بوجودها، بل النصوص الشرعية تدل على أن رابطة العقيدة الإسلامية هي الرابطة الوحيدة شرعاً، فكل مسلم مهما كانت أرضه، يستطيع أن يحمل التابعية لدولة الخلافة، وينعم بظلالها، وحتى غير المسلمين يكونون من رعايا الدولة الإسلامية، تحكم بينهم بالعدل. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات 13]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى»[أخرجه الإمام أحمد في مسنده]، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء 58].

أما الوطن بالمعنى اللغوي، وهو كما ورد في القاموس المحيط للفيروز أبادي: (منـزل الإقامة ومربط البقر والغنم، الجمع أوطان، ووطَنَ به يَطِنُ وأوطَنَ: أقام، والإقامة قد تكون في قرية أو مدينة وبذلك تصلح المدينة أو القرية لأن تكون وطناً).

فكل مدينة أو قرية في العالم تصلح أن تكون وطناً للمسلم، ولا موانع شرعية دون ذلك، إلا في حالة الاستضعاف، الذي يمنعه من أداء واجباته الدينية، الذي يفرض عليه الانتقال والهجرة إلى وطن آخر؛ مدينة أو قرية، يتمكن فيها من القيام بالتكاليف الشرعية، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[النساء 97].
فالوطن لا يعني أكثر من مكان الإقامة، وليس له أُيُّ اعتبار آخر، ولا قدسية له، يقيم فيه المسلم مختاراً، ويرحل عنه إلى غيره متى يشاء. ومحبة الوطن ليست من الإيمان، وما يُنسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنّ حب الوطن من الإيمان! ما هو إلا الزور
والبهتان.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمد صالح

 

إضاءات قرآنية تخص الثورة

 



السلطان للأمة: كما أن للإيمان أركاناً (قواعد) وكما أن للإسلام قواعد خمس بني عليها، فكذلك للنظام السياسي في الإسلام قواعد أربعة تم استنباطها من القرآن والسنة. نذكر منها اثنتين.
القاعدة الأولى: أن السيادة تكون للشرع وهذا مصداق قوله تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). وقوله سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِىٓ أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا).
القاعدة الثانية: السلطان للأمة. ومضمونها أن الحق للأمة في اختيار من تراه الأنسب لتوكل إليه مهمة رعايتها وحكمها بأحكام الإسلام. فواجب الحاكم أن يحكم رعايا الدولة بالإسلام، وواجب الأمة السمع والطاعة والمحاسبة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). وقد بين المفسرون أن طاعة أولي الأمر مرتبطة بطاعتهم لله، وهذا ما أوجزه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضوان الله عليه عندما قال: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.
فالإسلام كما حرم على المسلم العيشَ إلا وفق أحكام الإسلام، فإنه نفسه أعطاه حقَّ اختيار الحاكم وأوجب عليه محاسبته. قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).
وليس في الإسلام شيء مماثل لنظرية التفويض الإلهي التي تعطي الحاكم قداسة تجعل أعماله خارج نطاق المراجعة والمحاسبة.

------------
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مرعي الحسن

 

2



بعد أن منَّ الله سبحانه على أهل الشام بنصر عظيم على الطاغية أسد، حيث كان حدثاً تاريخياً بكل معنى الكلمة، وقف حياله الحكام مذهولين يراقبون عن كثب ما يحدث على أرض الشام...

واليوم، وبعد مضي حوالي شهرين على سقوط بشار المجرم، نرى كيف تتوالى الوفود السياسية تترى من كل حدب وصوب لتلتقي بإدارة المرحلة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، لفهم توجهاتها ورؤيتها حول مستقبل سوريا الجديدة، وفي الوقت ذاته لتقدم مشاريعها وتتفاوض معها حول عدة ملفات، سواء على الصعيد السياسي من حيث نظام الحكم وكتابة الدستور، أو على الصعيد الاقتصادي وملف إعادة الإعمار، ورفع العقوبات الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة المتدني مع إطلاق مشاريع البنية التحتية، وكذلك على الصعيد الأمني، ومحاسبة المجرمين ممن شاركوا في قتل الشعب السوري، وتوفير الأمن والأمان لأهل الشام، وتشكيل جيش موحد لسوريا الجديدة، ولا ننسى قطاع التعليم والصحة والطاقة والتنمية وغيرها الكثير من الملفات التي تشكل في واقعها تحديات وصعوبات كبيرة ليست بالسهلة أبداً.

ويمكن أن نستشف ملامح سوريا المستقبل لدى الإدارة الجديدة، مما صرّح به وزير خارجيتها الشيباني في مواطن عدة منها حديثه لصحيفة فايننشال تايمز، حيث كشف عن رؤية الحكومة لسوريا ما بعد الأسد، مؤكداً أن البلاد "لا تريد العيش على المساعدات"، وأن الحل يكمن في تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية، وأن الحكومة لا تخطط لتصدير الثورة أو التدخل في شؤون الدول الأخرى، في إشارة إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية. كما أشار في الحديث نفسه عن نية خصخصة الموانئ والمصانع المملوكة للدولة وجذب الاستثمار الأجنبي.

وضمن محاولة الإدارة الجديدة لتحقيق تلك الرؤية عن طريق توثيق علاقاتها السياسية والاقتصادية على الصعيد العربي والإقليمي، سعياً منها لرفع العقوبات الثقيلة، قام الأسبوع الفائت أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني بأول زيارة رسمية للسعودية وناقش مع ابن سلمان، الأحداث في سوريا، ومد يد العون لها لدعم أمنها واستقرارها، فكان من أهم الملفات التي نوقشت هو الملف الاقتصادي، حيث أوضح الشرع في بيان له: "عملنا على رفع مستوى التواصل والتعاون في الصعد كافة، لا سيما الإنسانية والاقتصادية، حيث ناقشنا خططاً مستقبلية موسعة، في مجالات الطاقة والتقنية والتعليم والصحة لنصل معاً إلى شراكة حقيقية تهدف إلى حفظ السلام والاستقرار في المنطقة كلها، وتحسين الواقع الاقتصادي للشعب السوري".

فيما أبدى الشيباني في مؤتمر دافوس إعجابه برؤية السعودية 2030 مشيراً إلى أنه يمكن الاستفادة منها كنموذج في مستقبل سوريا، وفي السياق نفسه صرّح علي كدة الذي يشغل منصب وزير الداخلية قائلاً: "حريصون على الاستفادة من رؤية السعودية 2030، ونتطلع لأن تكون سوريا محط أنظار للمستثمرين السعوديين، كما أن زيارة الرئيس الشرع للسعودية تعد نقطة انطلاق جديدة للعلاقات، وسيبحث الوضع الاقتصادي خلال زيارته للسعودية، إضافة إلى ملف إعادة الإعمار والذي يعتبر ضمن أجندة الرئيس الشرع في السعودية".

وبعد زيارة السعودية تابع أحمد الشرع جولته السياسية إلى تركيا بعد دعوة تلقاها من أردوغان، وقد كشفت تسريبات رئاسية عن توقيع اتفاقية دفاع مشترك، تتضمن إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا وتدريب الجيش السوري الجديد، وبحسب رويترز فقد تضمن اتفاق الدفاع المشترك عدة نقاط منها: أن الاتفاق قد يسمح لتركيا بإنشاء قواعد جوية جديدة في سوريا واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية وتولي دور قيادي في تدريب الجيش السوري الجديد، وأوضحت المناقشات أنها قد تشمل إنشاء قاعدتين تركيتين في البادية السورية، وأن تلك القواعد ستسمح لتركيا بالدفاع عن المجال الجوي السوري في حال وقوع أي هجمات مستقبلية، وعن مكانها فقد أشارت بأن القواعد المتوقعة قد يتم إنشاؤها في مطار تدمر العسكري وقاعدة T4.

طبعاً لا يخفى على المتابعين ارتباط النظام السعودي بأمريكا المجرمة، فهو لا يستطيع أن يحرك ساكناً دون أوامرها، فقد استخدمته أمريكا في مواجهة أهل الشام وثورتهم المباركة حيث كان دعمه المسموم والأموال التي قدمها حبلاً كاد يخنق الثورة وأهلها، ناهيك عن دعمه لمؤتمرات التآمر التي كان الهدف منها تصفية ثورة الشام وسوقها لحضن النظام المجرم، ومن هنا لا بد من التحذير من النظام السعودي الذي يجري التنسيق معه من جديد وفتح الباب أمامه للدخول باسم المشاريع الاقتصادية وإعادة الإعمار، كي لا تكبل سوريا المستقبل وتتعرض لضغوطات خضوع لما تريده أمريكا.

وأما دور النظام التركي فهو لا يخفى على أحد، فالمتتبع للمرحلة الماضية أبصر بشكل لا لبس فيه كيف كانت سياسته تقود الثورة نحو التطبيع والمصالحة مع النظام المجرم، جهاراً نهاراً، سعياً منه لتطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤ الذي رسمته أمريكا ليكون حلّاً تجهز به على ثورة الشام وتحافظ من خلاله على نظام الإجرام في دمشق.

أما اليوم وبعد سقوط النظام المجرم فإننا نرى ملازمة النظام التركي للإدارة الجديدة ومحاولته توجيهها والضغط عليها، بحيث لا تخرج عن الخط الذي تريده أمريكا لسوريا بعد أسد، وهو أن تكون سوريا دولة علمانية لا مكان فيها للإسلام وحملته، بينما يُترَك الباب مفتوحاً لدعاة العلمانية ورجالاتها سعياً منهم ليكونوا رجالات النظام الجديد بعد تلميعهم والترويج لهم إعلامياً وسياسياً.

وقد صرح وزير الخارجية التركي منذ أيام بعد زيارته لقطر حيث قال: "مباحثاتي في قطر تناولت التطورات في سوريا وفلسطين، ورفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا وبسط الأمن". وأضاف بأنه "لا مجال لدينا لأن تكون هناك مساحة للإرهاب في سوريا". وإذا ما نظرنا في مضمون هذا التصريح إضافة لبنود اتفاق الدفاع المشترك نجد تكاملاً في الهدف الذي يسير عليه النظام التركي بشكلٍ واضحٍ في خدمة مصالح أمريكا في المنطقة، أي محاربة مشروع الإسلام ودعاته تحت مسمى (الإرهاب)، وشرعنة وجوده رسمياً في سوريا ضمن اتفاقية الدفاع المشترك وبالتالي إبقاء قواته بل وإمدادها بقواعد جوية بحيث تُضيّق الخناق على أهل الشام، وليكون جيش سوريا الجديدة تحت بصرها تُعده وتدرّبه كما تريد.

ختاماً لا بدّ من التذكير بأن الله سبحانه وتعالى قد أكرمنا ونصرنا بعد أن كشف لنا في سنوات الثورة العدو من الصديق، وأن هذه الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين لم نرَ منها طوال سني الثورة سوى المكر والخداع والتآمر على ثورتنا، والأصل الحذر منها، مع توثيق علاقتنا مع صاحب الفضل علينا فيما وصلنا إليه اليوم وهو الله سبحانه، فنحمده على نصره الذي أكرمنا به دون منة أو فضل من أي دولة كانت، وينبغي أن نزيد في شكرنا وحمدنا له فنحمل الإسلام مشروع خلاص لأهل الشام والعالم أجمع، ليزيدنا من توفيقه ومعيته في إقامة شرعه في الأرض، ليكون الإسلام هو النظام البديل الذي نقيمه على أنقاض النظام البائد، فيقام العدل بين الناس وتحفظ به الحقوق، وتصان به تضحيات أهل الشام. ولا ننسى أن نذكر أيضاً بأن الحاضنة هي صاحبة السلطان وهي خير قوة بعد الله سبحانه يستمد الحاكم منها قوته وشرعيته فتدافع عنه في أصعب المواقف وأشدّها، وإن الله سبحانه وتعالى ينظر كيف نعمل هل نطلب رضاه ونحكّم شرعه أم نسعى لرضا الدول الداعمة ونستجيب لدعواتها في إقامة دولة علمانية وطنية ترضي الغرب وتغضب الرب سبحانه.

--------
كتبه: الأستاذ شادي العبود

 

 

المصدر: https://tinyurl.com/2p8f2nc

من خاننا بالأمس لن يكون صديقنا اليوم

 



تهافت دولي عربي وأجنبي عقب سقوط طاغية الشام أسد المجرم في محاولة منهم لملء الفراغ السياسي في سوريا وعدم وصول الإسلام للحكم وتطبيق الإسلام كاملاً كنظام حياة في كافة جوانبها. هذا ما تسعى إليه دول الغرب الكافر ومعها حكام الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين، الذين وقفوا في صف أعداء الثورة ومكروا بها وحاكوا أقذر المؤامرات على أهلها برعاية أمريكا والغرب. فكلٌ كان له دوره في المؤامرة على الشعب السوري في محاولة بائسة للقضاء على الثورة المباركة التي انتصرت رغم مكرهم بقوة الله ومعيته ثم بصبر الثائرين وثباتهم على أهدافهم. فهناك أمور ثابتة في السياسة أنه من خان مرة يخون ألف مرة، وأن العميل لا يرتجى منه إلا خدمة أسياده، فما الذي سنجنيه من حكام تآمروا على ثورتنا وخاصة بعد أن كشفهم طوفان الأقصى ومن قبله ثورة الشام!
نعم، لا يرتجى من الشوك العنب، فالحذر الحذر من هؤلاء الثعالب، فمكرهم اليوم أكبر من أي وقت مضى، وتحصين أنفسنا لا يكون بمداهنتهم و السعي لإرضائهم مهما كانت الذرائع بل يكون بالمواقف المبدئية التي نتمسك بها بثوابت ثورتنا التي نسعى من خلالها لإرضاء ربنا وحده و الثائرين الصادقين من إخواننا.
وعلى رأس هذه الثوابت قطع يد الكافر المستعمر وإقامة حكم الإسلام عبر خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة القريبة بإذن الله، وما ذلك عليه سبحانه بعزيز.

-----------
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
إبراهيم معاز