press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

art030117

أذاعت قناة العربية يوم الخميس الموافق 29/12/2016م في نشرتها الإخبارية خبرا مفاده عقد اتفاقية بين الفصائل المقاتلة في سوريا ومنها أحرار الشام وفتح الشام وغيرها - قرابة 13 فصيلاً -، وبين النظام المجرم وعلى أساس أن الوسيط هو روسيا. فكيف لهذه الفصائل أن تجري اتفاقاً كهذا؟! اتفاقاً نعته أقل ما يمكن أنه مخزٍ وعار ويجلب لصاحبة الخسران في الدنيا والآخرة؟! فهل هذا لصالحها ولصالح الأمة والإسلام ولصالح الثورة التي كان شعارها الأبرز هي لله هي لله؟ أم لصالح الدول التي تغدق عليها بالمال القذر ومن ورائها الغرب الحاقد؟

ونحن نعيش هذا الخبر لحظة بلحظة نعيشه وكلنا أمل بما تم إنجازه من انتصارات عظيمة انتصار تلو الآخر، فيفاجئنا هذا الحدث العظيم ويفجعنا باتفاق أقل ما يوصف باتفاق الضلال لأنه يضل صاحبه فيخزيه في الدنيا والآخرة، فكان ما كان من نهاية للجولة الأولى وللأسف هزيمة ثم اتفاق وانسحاب. فهل هذا ما عاهدتم الله عليه يا أيتها الفصائل؟ وهل هذا ما بعتم أنفسكم لله فاشترى منكم أنفسكم الزكية، فكان حقا وعدلا على الله أن يدخلكم الجنة؟ فأين تذهبون بهذه التضحيات الجسام؟ وأين تذهبون بالدماء الزكية؟ وأين تذهبون بأعراض المسلمات التي انتهكت وأين وأين...؟

هذا هو عملكم فهل كنتم مع الأمة أم عليها؟ فقد كنتم تتقاضون الأموال الوسخة وتستمعون لحكام تركيا والسعودية وقطر وأسيادهم من الغرب الكافر وعلى رأسهم أمريكا، فضلوا وأضلوكم عن الطريق السوي، فكيف ترجون منهم النصر وهم أعداؤكم؟ فهل يؤتمن الذئب على الغنم؟ كيف تعقلون؟! قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ فكيف يرجى من الزبد المنفعة؟ فكيف تطلبون العون من العباد وتتركون رب العباد؟! هذا وقد نسيتم كلام ربكم وعدله من أن القوة لله جميعا فأين التقوى وأين الإيمان؟ وقد نسيتم كلام ربكم ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ فما لكم كيف تحكمون؟؟ هذا وقد نسيتم فعل رسول الله في إقامته لدولة الإسلام فلم يكن في إقامتها خبث؛ فلم يتوسل أو يتطرق بحرام، بل كل فعل حلال في حلال؛ فلم يقم دولة الإسلام وفق شروط الكفار، فلا أمر إلا أمر الله العزيز، فقد رفض شروط قبيلة عامر بن صعصعة وكذلك قبيلة بني شيبان فكان فعله كله طيبا، فهل كان عملكم خبثا أو طيبا؟ وهل ما قمتم به كان مما أقر به الشرع أو حتى لصالح الأمة؟ أم جرما فوق جرم؟؟؟

إن ما قامت به هذه الدول العميلة من طعن لثورتكم كان بلاءً عظيما، فكنتم الخنجر الذي طعن هذه الثورة وذلك بتلقيكم الأموال والأوامر بعدم التحرك نحو دمشق وعدم السيطرة على الساحل وعدم التوحد وعدم الخروج من أراضيكم بحجة خشية الاستيلاء عليها من الغير، فكنتم حقا خبثا على طيب وسما في دسم سواء أكان هذا كله بعلمكم أم بجلهكم فهذه هي النتيجة، فهل كانت هذه التصرفات نابعة عن جهل سياسي؟! ولا أظن ذلك لأن حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله كان لكم الناصح الأمين وكذلك كان حريصا عليكم كل الحرص وكان معكم في كل حركة فينصحكم ويوجهكم للحل وللحق وبالحجة وبالدليل دون كلل ودون ملل وأنتم تعلمون من هو هذا الحزب العريق بالإسلام و السياسة فيكشف خطط وتآمر الغرب وعملائه، فكيف لكم أن تتجاهلوا هذا كله؟؟ وقد تجسد هذا بالخطب والمظاهرات والمنشورات واللقاءات معكم لينصحكم ولينبههكم ولكنكم كنتم سادرين في غيكم، أما ماذا كان العذر؟ حب المال فما عند عند الله أجمل وأعظم وأغنى فلا مقارنة بين ما عند الغني وعبد الغني، فأخذتم الأوامر من العملاء وجنيتم المال الوفير تحقيقا لشهواتكم فكانت هذه النتيجة معصية وراء معصية وحتما هزيمة وراء هزيمة حتى كان المزيد من قتل المدنيين وتشريد الآلاف والتدمير والرجوع للخلف، وهذا كله هو في ذمتكم وفي رقابكم تتحملون وزره يوم الحساب، فهل أنتم جاهزون لدفع الفاتورة فاتورة أخطائكم؟ استعدوا لذلك اليوم العظيم، وها هي دول الغرب روسيا وتركيا و أمريكا تعقد لكم وباسمكم الهدن والاتفاقيات والصلح لتدخلوا في حلقة جديدة من حلقات التآمر على الشام المبارك بفرض حل سياسي تريده أمريكا لعميلها القادم بدولة علمانية وبوجه آخر للنظام، فلمصلحة من هذا كله؟ ألم تتعظوا من الهدن والاتفاقيات السابقة التي كانت وبالا عليكم وعلى ثورتكم فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين فهل كانت هذه الاتفاقيات لصالح أهل الإسلام؟ أم لأعدائه؟ وماذا جنيتم أنتم؟ الأموال متاع قليل ثم تردون إلى الله أو مناصب موعدون بها في الحكم القادم فهل أنتم ضامنوها؟ وحتى لو ضمنتموها فكم ستتمتعون بها؟

لقد عقدتم صلحا واتفاقية مع العدو فيه العار والخزي وبشروط مذلة لصالح الكفر وها أنتم تخرجون من حلب الشهباء حلب الشهداء جارين أذيالكم ليفصلكم الغرب تحت مسمى معتدل وغير معتدل؛ فالذين بقوا في حلب هم (الإرهاب) وتركتموهم ليستفرد بهم النظام وكأنكم أصبحتم في مأمن، فها هي حدثت عمليات اغتيال لثلاثة قادة بعبوات تفجير في إدلب وهي المنطقة التي نزحتم إليها، فالأمان عند الله لا غير، وأذكركم وأذكر نفسي بقوله تعالى ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا...﴾ فقد جاء في تفسير الطبري تفسير الآية: ذلك أن رسول الله ﷺ غزا غزوة تبوك فتخلف أبو لبابة وخمسة معه عن النبي ﷺ ثم إن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا وأيقنوا بالهلكة وقالوا: نكون في الكن والطمأنينة مع النساء ورسول الله والمؤمنون معه في الجهاد؟ والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله ﷺ هو يطلقنا ويعذرنا فانطلق أبو لبابة وأوثق نفسه ورجلان معه وبقي ثلاثة نفر لم يوثقوا أنفسهم فرجع رسول الله ﷺ من غزواته وكان طريقه في المسجد فمر عليهم فقال: من هؤلاء الموثقو أنفسهم بالسواري؟ فقالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عن رسول الله ﷺ فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى عنهم وقد اعترفوا بذنوبهم فقال رسول الله ﷺ والله لا أطلقهم حتى أؤمر بإطلاقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو يعذرهم وقد تخلفوا عني ورغبوا بأنفسهم عن غزو المسلمين وجهادهم فأنزل الله برحمته الآية فأطلقهم رسول الله ﷺ وعذرهم وتجاوز عنهم.

فيا أيتها الفصائل: فهل أنتم ممن تنطبق عليهم هذه الآية؟ فهل أنتم نادمون على ما حدث؟ فهل ربطتم أنفسكم بسواري المسجد ندما وحزنا على ما فرطتم في جنب الله؟ وهل تتحسرون في داخلكم وتناجون وتحدثون أنفسكم كيف نقعد مع القاعدين وإخواننا يقاتلون؟؟؟ وهل ستنتظرون رسول الله يفك قيدكم؟ فأنتم من قيدتم أنفسكم بقيد الذل والعار بهذه الاتفاقية التي تغضب الله ورسوله، فالله يغفر ويعفو لمن تاب وعزم على الإقلاع عن الذنب بل يبدل السيئات حسنات ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.

يا أيتها الفصائل المقاتلة فليكن مما حدث لكم عبرة وعظة، فاتعظوا واربطوا أنفسكم بحبل الله لا بحبل الشيطان وأوبوا إلى الله ورسوله ندما وقربا وابتغاء التغيير قولا وفعلا بترك المال القذر والتوحد والتوجه للمخلصين فما زالت الفرصة سانحة ﴿وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾، وإلا الخزي والعار سيلحق بكم أيها القادة عاجلا أو آجلا.

وأنتم أيها الأتباع لماذا ترضون بأن تكون قيادتكم مأجورة؟ «لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فيهم إن لم يسمعوها» فتقولون قول الحق فتغيرون على قياداتكم وتأطرونهم على الحق أطرا وتقصرونهم على الحق قصرا. ألا تستنصرون لأعراضكم ولإخوانكم ولأرضكم؟ وهل في هذه الاتفاقيات خير للإسلام والمسلمين؟؟ وهل للغرب عهد أو ذمة؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ...﴾ فلتموتوا في أرض الشهباء أرض الشهداء؛ فموتة في طاعة الله خير من حياة في معصية الله، وكونوا مثل أبو لبابة وتوبوا إلى الله توبة نصوحاً وعودوا إلى الله وصفوا نياتكم وأزيلوا واغسلوا عملكم السيئ بالعمل الصالح الذي يرضى عنه ساكن السماء والأرض والله غفور رحيم، وإلا سلتفظكم الأمة كلفظ النواة والقيامة أشد وأنكى، فقوموا لله واستغفروه وانصحوا قياداتكم بهذا؛ بأن يقطعوا وصالهم مع العملاء وغيروا خططكم وتعاملاتكم، فإن لم ينتصحوا فغيروا قادتكم إلى من هو فيه الخير والصلاح لإحياء الأمة من جديد بقيادات مخلصة تخشى الله ورسوله واعتصموا مع المخلصين من الأمة والواعين على اثنين هما الإسلام والسياسة لكي لا تكونوا ضحايا جهل أو غباء سياسي أو عمالة يلقى بكم في مكان لا يحمد عقباه! هذا هو واقعكم، فهل ترضون أن تكونوا حجرا من أحجار المؤامرة على ثورتكم؟؟ أم تكونوا أسودا تقلبون الموازين وتكونون اللاعب الرئيسي في ساحة المعركة لصالح الإسلام ونصرة لله ورسوله ودولته القادمة دولة الخلافة الراشدة التي حان بزوغها؟ وإن غداً لناظره لقريب قال تعالى ﴿قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو أحمد العامري - صنعاء

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/41396

art020117

لا ريب أن أمريكا هي رأس الكفر والعدو الأول للإسلام والمسلمين وهي صانعة الإرهاب ومنتجة الأفكار الشيطانية في حربها على الإسلام والمسلمين؛ فهي التي تقود دول الكفر وعملاءهم في تلك الحرب القذرة في العراق والشام وليبيا واليمن ومن قبل ذلك في الصومال وأفغانستان وباكستان وغيرها. وقد بانت قيادتها لحلفائها وعملائها والأتباع والأشياع بشكل واضح في حربها المسعورة على ثورة الأمة في الشام رغم نفاقها السياسي بأنها مع الثورة لخديعة الثوار فيسقطوا في حبالها. فهي التي تدير المعركة فتنتج أفكارها وتنوع أساليبها وتوزع أدوارها؛ فقد أوكلت لروسيا وإيران وحزبها في لبنان مهمة إجهاض الثورة منذ انطلاقتها في 2011م. كما أوكلت مهمة حرف مسارها مع بقاء الطاغية في السلطة إلى تركيا والسعودية وغيرها، وكل فريق ينفذ المهمة المطلوبة منه كما رسمتها أمريكا. فقامت إيران وأحزابها ونظام الطاغية بأبشع أنواع القتل والتدمير وبمختلف أنواع الأسلحة المتطورة والفتاكة و البراميل المتفجرة فأوقعوا المجازر الرهيبة في مختلف المدن السورية فقتلوا مئات الآلاف وشردوا الملايين إلا أنهم عجزوا عن كسر إرادة أهل الشام وإجهاض ثورتهم، بل وأصبحوا في مأزق فتساقطت مدن كبيرة في يد الثوار كحلب وإدلب وغيرها. فسلطت أمريكا حليفتها روسيا على أهل الشام لإنقاذ الطاغية والمحافظة عليه من السقوط فكانت حرب روسيا الهمجية الوحشية التي تنتهج سياسة الأرض المحروقة، فظنت أن قوتها كفيلة بالقضاء على الثورة في شهور قليلة لكنها فشلت رغم وحشية حربها على الشام الذي كشف عن مخزونها الهائل من الحقد الدفين على الإسلام والمسلمين وهلعها الشديد من عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فشنت تلك الحرب التي أهلكت الحرث والنسل ومع ذلك فقد فشلت وأصبحت في مأزق، وكذلك أمريكا أصبحت هي الأخرى في مأزق لاعتمادها على روسيا في إجهاض الثورة ففشلت وأصبحت الثورة عصية على أمريكا وروسيا والأشياع والأتباع.

ولما كانت حلب قلعة الثورة في الشمال السوري وحصنها الشامخ وأمريكا تدرك أن بقاءها بيد الثوار يشكل خطراً على نجاح المفاوضات التي تنفذ أمريكا من خلالها الحلول التي تريدها ليبقى النفوذ الأمريكي هو السائد في بلاد الشام، كان نجاح الفصائل في حلب قبل أشهر في كسر الحصار الذي فرضه نظام الطاغية وإيران وأشياعها بدعمهم من روسيا بالغطاء الجوي فدب الرعب في قلوب الكفار والعملاء والمنافقين فشنوا حرب إبادة على حلب، ومع ذلك لم يستطيعوا كسر إرادة أهلها واصطدموا بصمودهم وثباتهم منقطع النظير. فأوعزت أمريكا لخادمها الغبي بوتين وعميلها المنافق أردوغان بالاجتماع في بطرسبورغ الروسية للاتفاق بينهما على تسليم حلب للطاغية المجرم بشار ومليشيات إيران لتهلك الحرث والنسل وتعيث فيها فساداً. فقام أردوغان بتنفيذ تلك الخطة الخبيثة و المؤامرة الدنيئة حسب الاتفاق فقام بدور زعيم المنافقين في المدينة المنورة عبد الله بن أبي الذي سحب ثلث الجيش في غزوة أحد فضعفت شوكة المسلمين وبمخالفة الرماة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم حلت بهم الهزيمة بعد النصر المؤزر في بداية المعركة. وهكذا فعل أردوغان فقد سحب أكثر من ثلث المقاتلين في حلب في مسرحية درع الفرات إلى جرابلس والباب بحجة قتال الأكراد ثم الانسحاب والتراجع إلى الوراء من بعض الفصائل بأوامره، فكان التخذيل والارتباك فسقطت حلب بفعل خيانته وتآمره مع صديقه عدو الله الملحد بوتين لتسقط في قبضة الطاغية وإيران، فكانت مجازرهم التي تشيب لها الرؤوس وتنفطر لها القلوب. فجريمة أردوغان في حق أهل حلب الشهباء أشد أثراً من جرائم الطاغية وإيران و روسيا التي رغم بشاعتها وهمجيتها وحقدها لم تستطيع كسر إرادة أهلها، أما أردوغان الذي أصبح النفاق سجية من سجاياه فقد كانت مؤامرته عليهم وخيانته لهم هي سبب نكبتهم وسقوط مدينتهم في قبضة المجرمين. إلا أن سقوطها كشف زيف الأقنغة التي أخفى أردوغان خلفها وجهه القبيح. فثورة الشام أسقطت أقنعة المنافقين و العملاء والخونة والمجرمين والمتسلقين. كما كشف سقوط حلب أن الركون إلى الكفار وعملائهم والقبول بحلولهم هو انتحار سياسي، فهو سم زعاف وشر محض وتثبيت للطاغية الذي ولغ في دما ء المسلمين بحقد فريد من نوعه.

إن سقوط حلب ليس نهاية للثورة المباركة بل هو بداية لتصحيح مسارها ليميز الله الخبيث من الطيب والعميل من المخلص والكاذب من الصادق والمنافق من المؤمن والخائن من الأمين. فيأتي نصر الله لعباده المؤمنين المخلصين الصادقين وإن كان عددهم قليلاً، قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾.

ونقول لأهلنا في الشام: لقد ضربتم بصبركم وتضحياتكم وثباتكم أروع الأمثلة في تاريخ الأمة كلها وأثبتم بحق أنكم أنصار الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله، وإن بلادكم هي بحق عقر دار الإسلام وعقر دار الخلافة، فنسأل الله أن يتغمد الشهداء الأبرار بواسع رحمته وأن يسكنهم الفردوس الأعلى في الجنة. إن توحد الكتائب المخلصة تحت قيادة سياسية واحدة واعية هو سفينة النجاة من الوقوع في شباك الكفار ومصائدهم ومكرهم ومخططاتهم ومؤامراتهم فتمسكوا بثوابت ثورتكم المباركة الثلاثة:

1- إسقاط النظام بكافة أشكاله ورموزه

2- رفض الدولة المدنية العلمانية

3- إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة

واعلموا أن النصر من عند الله وحده وارفضوا حلول الكفار ومشاريعهم ولا تضعوا أيديكم في يد عملائهم المجرمين كأردوغان و آل سعود وغيرهم، ولا تأخذوا مالهم السياسي القذر فهو المنزلق الذي به سقطت حلب. واعلموا أن النصر صبر ساعة وأن الخلافة قائمة؛ فالشام لن تبقى معقلاً للعلمانية بل ستكون قلعة الخلافة وحصنها الشامخ وعقر دارها؛ فهي عمود الكتاب وأرض المحشر والمنشر، وهي عصمة المؤمنين في زمن الفتن، وبها فسطاط المسلمين، وهي صفوة الله من أرضه، وهي مهبط عيسى عليه السلام، وهي غنيمة الإسلام، وبها يهلك الدجال. يا أهل الشام يا أبدال الأنبياء وخير الأتقياء، يا أهل طوبى: أنتم الطائفة المنصورة وصفوة الله من عباده وأنتم في كفالته، وأنتم جند الله في الملاحم، وأنتم طليعة هذه الأمة لإعادة خلافة الراشدين وتحقيق النصر المبين. والله غالب على أمره... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شايف صالح – اليمن

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/41380

art201216

تضج وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإلكتروني بالحديث عما جرى ويجري في مدينة حلب من تقدم كبير لقوات النظام الأسدي وسيطرته على معظم أحياء المدينة وخروج الأهالي والفصائل المسلحة منها باتجاه ريف حلب ومحافظة إدلب.

وفي حين يكاد النظام الأسدي يحكم قبضته على حلب نلاحظ التخاذل الكبير والصمت المريب لما يعرف بـ"المجتمع الدولي" حيال المجازر والانتهاكات المروعة التي ترتكبها قوات النظام والمليشيات المتحالفة معه بحق المدنيين من قتل وتدمير وتشريد، وهو ما يوضح مدى تواطؤ القوى المتحكمة في المشهد الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مع النظام الأسدي المجرم في محاولة يائسة لوأد الثورة وتركيعها وإرغامها على القبول بالحل السياسي الذي يقضي ببقاء النظام مع مساحيق و"ديكورات" تجميل من بعض قوى الثورة التي رهنت مصيرها وإرادتها لدول الغرب وبعض دول الإقليم في غباء منقطع النظير.

إن الصراخ والنحيب والعويل والتباكي كالثكالى والأرامل على ما جرى في حلب الشهباء لن يجدي نفعاً، ولن يغير من حقيقة الأوضاع على الأرض، فالوقت ليس للبكاء والمرثيات وتدبيج القصائد كأن ما حدث هو نهاية الثورة ونهاية التاريخ! فمعركة حلب ليست إلا مشهداً من مشاهد موقعة عظيمة مع قوى البغي والإرهاب العالمية بقيادة أمريكا وروسيا وأذيالها كالنظام السوري والإيراني ومن والاهم، فإن خسرت الثورة اليوم جولة فقد كسبت جولات من قبل؛ وإن كانت حلب قد سقطت في يد النظام فهناك العديد من المناطق في الجغرافيا السورية تسيطر عليها وتتحكم فيها قوى الثورة، وحينما خسر المسلمون في عهد النبي ﷺ موقعة أحد لم يقضوا الوقت في التباكي والتلاوم؛ بل قاموا بدراسة الواقع وأسباب الهزيمة لتلافيها لاحقاً في مقبل الأيام، ولم يمض وقت طويل حتى جاءت معركة الأحزاب ومن ثم فتح خيبر وفتح مكة وسيادة الإسلام على كامل جزيرة العرب.

إن الوقت يجب أن يكون لدراسة الواقع جيداً، وتحديد مكامن الخلل والنقص والضعف، وتغطية الثغرات التي نفذت عبرها الهزيمة الأخيرة، وأبرز هذه الأسباب التي أدت لسقوط حلب هو رهن بعض الفصائل الثورية إرادتها لبعض دول الإقليم كقطر والسعودية والأردن و(تركيا-أردوغان) التي خذلت الثوار خذلاناً مبيناً ودفعتهم لمعركة انصرافية مع "تنظيم الدولة" في مدينة "الباب" بريف حلب تحت مسمى "عملية درع الفرات"، وذلك في الوقت الذي كانت فيه حلب تئن من وطأة الحصار والتدمير، ولم يحرك أردوغان ساكناً تجاه كل الانتهاكات التي حدثت واكتفي كعادته بالتصريحات خاوية المضمون التي لا تطعم أحداً من جوع، ولا تؤمن أحداً من خوف.

ولذلك يجب على قوى الثورة المخلصة قطع علاقاتها مع هذه الدول الإقليمية التي ما زادت الثورة إلا رهقاً، ولم تتحرك إلا بأمر أسيادها من دول الغرب لحرف الثورة عن مسارها وتوجيهها بما لا يتعارض مع مصالح الغرب وقيمه ووجهة نظره في الحياة بعد أن برز السمت الإسلامي بكل وضوح منذ الشهور الأولى للثورة المباركة في مشهد لا ينكره إلا مطموسو البصر والبصيرة، والحاقدون على الإسلام وأهله.

على الثوار رص الصفوف وتوحيد الفصائل على استراتيجية عسكرية واحدة، فهذا التشرذم لا يخدم إلا أعداء الثورة؛ ومن ثم التوجه إلى رأس الأفعى في دمشق فهي أم المعارك وفيها الحسم والنهاية لكل المعارك الأخرى.

كما يجب على قوى الثورة الالتفاف حول مشروع إسلامي مفصل منبثق من عقيدة الأمة والصدع والتمسك به دون مخافة أو محاذير من أحد، فما النصر إلا من عند الله، وهو يتنزل بعد أن تستوفى الشروط من إعداد العدة والاعتصام بحبل الله المتين وحده وقطع كل حبائل الأعداء الواهية، والتوكل عليه والتزام أوامره ونواهيه، وطلب العون والمدد منه عز وجل فهو خير ناصر وخير معين.

﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علي بابكر – السودان

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/41127

alraiah281216

بتاريخ 23/12/2016م خرجت آخر دفعة من مدينة حلب باتجاه ريفها الغربي وسط ذهول الجميع؛ ليعلن طاغية الشام سيطرته الكاملة على المدينة المنكوبة بعد أن دمرت طائرات روسيا بيوتها وجعلتها أثرا بعد عين وكومة من الأنقاض، رقد تحتها الأطفال والنساء والشيوخ دون أن يستطيع أحد مساعدتهم أو انتشالهم من شدة القصف الوحشي؛ فتركوا للموت البطيء دون أن يتحدث عنهم أحد.

سقطت حلب فسقطت بسقوطها كل الأقنعة التي تاجرت بها؛ والتي تركت خلفها كميات هائلة من مستودعات الأسلحة ومستودعات الغذاء؛ هذه المستودعات كانت كفيلة بمنع اقتحام حلب لسنوات عدة؛ بل وتحرير باقي المدينة من أيدي طاغية الشام ومرتزقته من مليشيات إيران و أفغانستان وحزب إيران وغيرهم من شذاذ الآفاق.

سقطت حلب وتركت خلفها تساؤلات عدة وإشارات استفهام كثيرة حول الذي جرى ومن يتحمل المسؤولية والدروس المستخلصة من سقوطها، سقطت حلب لكنها أيقظت بسقوطها العقول وألهبت القلوب لتعيد الحسابات من جديد.

وقبل أن أتحدث عن بعض الدروس والعبر لا بد من وقفة على الذي جرى في حلب؛ وهذا الانقلاب الرهيب في موازين القوى؛ بعد أن أطلقت قيادات الفصائل ملحمتها الكبرى لفك الحصار عن المدينة؛ واستطاعت في عدة أيام تحرير مناطق واسعة وشاقة رغم الإسناد الجوي الروسي لطاغية الشام؛ ورغم اتحاد العالم ضد هذه الثورة اليتيمة، لم يكن حصار حلب مستبعداً؛ وقد تجهزت المدينة بفصائلها لهذا الحصار، فكدست الغذاء والذخيرة وتجهزت للمواجهة، وفي الوقت نفسه كان طاغية الشام ومرتزقته يعدون العدة لاقتحام المدينة فلم يكن الاقتحام مفاجئاً أو على حين غرة، ودقت ساعة الصفر؛ وبدأ القصف الوحشي من كل جانب، وبدأت وسائل الإعلام تنقل ما يجري وسط صمت دولي مطبق، وكالعادة كان شعار محاربة (الإرهاب) هو سيد الموقف الدولي، وبدأت المناطق تسقط المنطقة تلو الأخرى؛ وبدا التخبط على كافة الأصعدة؛ وبدأ الانهيار التام والحديث عن إجلاء أهل حلب مع الفصائل كافة وهذا ما حدث، فأجلي أهل المدينة عن مدينتهم وسيطرت المليشيات عليها، فمن يتحمل مسؤولية ما جرى؟.

لا شك أن الذي يتحمل مسؤولية سقوط حلب والدماء التي سالت والأرواح التي زهقت هو المجتمع الدولي بالدرجة الأولى؛ الذي وقف مكتوف الأيدي دون حراك ليكشف عن تآمره وكذب ادعاءاته المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات المزعومة؛ وليكشف عن حضارته التي قامت على الجماجم والأشلاء، ولم يكن سكوته مستغرباً ولم يكن تحركه متوقعاً، ثم يتحمل المسؤولية حكام المسلمين الذين صمتوا صمت القبور وكأن الذي يموت وكأن الذي يقتل ليسوا مسلمين أو ليسوا بشراً حتى، وبقيت جيوش الأمة الإسلامية مقيدة في ثكناتها تنتظر الأمر للتحرك لكن هيهات هيهات لمن ثبتت عمالته أن يصدر الأوامر لنصرة أهل الشام!! ثم يتحمل المسؤولية قيادات الفصائل التي لم تطلق طلقة واحدة للتخفيف عن أهل حلب؛ ولم يكن ذلك من نقص في العدة والعتاد أو عجز عن نصرة المدينة؛ وإنما بصفقة بيعت حلب بموجبها في سوق اللقاءات التركي؛ بعد اللقاء الذي جمع بعض القيادات مع روسيا بوساطة تركية، وإلا كيف نفسر سقوط حلب في عدة أيام بينما تصمد داريا سنين عددا؛ وهي لا تشكل حارةً من حارات حلب؛ ولا تملك عشر معشار ما تملكه حلب من عدة وعتاد ومواد غذائية. أضف إلى ذلك التصريحات التي أدلى بها حكام تركيا الذين ارتبط بهم قيادات الفصائل وارتموا في أحضانهم بوجوب خروج المقاتلين من حلب؛ وسعيهم لوقف إطلاق نار دائم وتحول سياسي في سوريا، كل هذا يدل على أن المدينة لم تسقط نتيجة قتال وإنما سلمت تسليماً.

إن الذي جرى في حلب من تسليم لها هو جريمة كاملة الأركان بحق الإسلام أولاً؛ وبحق المسلمين ثانياً، وسيأتي يوم ليحاسَب مرتكبوها أمام الأمة جمعاء وما ذلك على الله بعزيز، وإن سقوط حلب ليس نهاية الثورة بل بداية مرحلة جديدة بإذن الله؛ بعد أن نستخلص الدروس والعبر فنتجنب الوقوع في الحفرة مرتين واللدغ من ذات الجحر مرتين.

يجب أن يتعلم الجميع أن الاعتماد على الغير بأي شكل من الأشكال هو انتحار سياسي؛ فالمال السياسي القذر والدعم العسكري الموهوم أصاب الثورة في مقتل، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وأن تركهم لواجب المحاسبة - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - والتخلي عن سلطانهم هو الذي أغرى ضعاف النفوس بالمتاجرة بدم الشهداء وبيعها بثمن بخس دولارات معدودة؛ مما نتج عنه هذا العذاب المهين ولم ينفع الدعاء حتى في تخليص أهلنا في حلب مما هم فيه، قال رسول الله ﷺ: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعونه فلا يستجيب لكم»، وقد ثبت أنه عندما تحرك الناس استطاعوا التأثير وبإمكانهم التغيير فالسلطان لهم وهم قوة لا يستهان بها، ويجب أن نعلم جميعاً أن تفرُّقنا وتنازعنا هو سبب ذهاب ريحنا، قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، وأن وضع قضيتنا بأيدي أعدائنا هو جريمة وأي جريمة؛ فقد ثبت أنه لا يوجد أصدقاء لنا وإنما الكل في خندق واحد ضد هذه الثورة اليتيمة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، هذه أهم الدروس والعبر التي يجب أن نستخلصها من سقوط حلب، وعليه؛ وحتى لا نقع في ذات الحفرة وحتى لا نلدغ من ذات الجحر مرتين؛ يجب علينا أن نقطع كل يد تعبث بمصير الثورة حتى نستطيع أن نملك قراراتنا؛ كما يجب أن نربط ثورتنا بخالقنا فهو الناصر وهو المعين ونتوكل عليه سبحانه وتعالى وحده ومن ثم على أنفسنا، قال تعالى: ﴿... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا & وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾، وبعدها نتوحد حول مشروع سياسي واضح يرضي الله سبحانه وتعالى (مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة) تحت قيادة سياسية واعية ومخلصة مستمسكة بحبل الله المتين، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا...﴾، فالتوحد إن لم يكن بحبل الله لا خير فيه، ومن ثم نوجه الضربات الموجعة لرأس النظام وخاصرته حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. هذا ما يجب فعله ولم يبق عذر لأحد؛ اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.


كتبه لجريدة الراية: أحمد عبدالوهاب / رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 28 كانون الأول\ديسمبر 2016م
المصدر: http://bit.ly/2hqWTBa

art1712167

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في عددها الصادر يوم السبت 22/9/2016 إن "ما يحدث في حلب أشبه بـ"يوم القيامة"، والحصول على مساعدة إغاثية مجرد ذكريات باهتة". كما ذكرت الغارديان أن "ما تتعرض له مدينة حلب من هجوم جوي من قبل طائرات نظام الأسد وحلفائه الروس هو "يوم القيامة"... مدينة حلب أصبحت مقبرة كبيرة ومكاناً يوحي بنهاية العالم"، وأضافت الصحيفة أن "سقوط مدينة حلب التي ظلت محاصرة طوال السنوات الماضية بيد قوات الأسد لن ينهي المأساة الإنسانية فيها، كما أنه يشكل عاراً على هذا الجيل". (12/12/2016)، كما نشرت البي بي سي "وصف الحال داخل حلب يرسم صورة عن أرماجدون (يوم القيامة)" (14/12/2016). بات العجز سيد الموقف أمام صورة ثمانين ألف شخص محاصرين في مساحة محدودة بدون خدمات أو ماء نظيف.

تردد هذا التشبيه على مسامعنا في الأيام الماضية واستوقفني ربط أحداث حلب بنهاية العالم وما يعرف في الثقافة النصرانية اليهودية بأرماجدون (المعركة الفاصلة بين قوى الخير والشر في نهاية العالم قبل أن يرث الخالق الأرض وما عليها). ولعل ما يقرب هذا التشبيه الصور ولقطات الأقمار الاصطناعية لحلب والمقاطع التي نشرت بكثافة على وسائل الإعلام البديل وفي وسائل الإعلام العالمية لمأساة المحاصرين في حلب. شهد العالم كثافة وزخماً إعلامياً أشبه ببث حي متواصل لما يجري في شرقي حلب. نعم لم يعد هذا التشبيه بعيدا عن ذهن المتابع بعد صور الدمار الشامل والمشاهد القاسية التي يكاد أن يلتبس فيها الواقع بالخيال، كصورة الحشد وحوله حطام المباني وصور الناجين من تحت الأنقاض. سيل من الفيديوهات والصور الصادمة المتتالية تجسد حجم المأساة وتوقظك مرارا على صرخات الأيامى واليتامى ومنظر الدم وأشلاء الأطفال...

لقد تجاوز عدوان نظام بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا في بشاعته على حلب ما يعرف بسياسة الأرض المحروقة المعروفة بقسوتها ومنافاتها للإنسانية، فلم يكن القصف موجها لإحراق ما يمكن أن يستفيد منه الثوار وتدمير الوسائل اللوجستية والعسكرية بل تخطاه وتحول لهجمة تترية ثانية تهدف للدمار من أجل الدمار. التاريخ يعيد نفسه، فقد تعرضت حلب للدمار على يد بشار وروسيا وإيران ومن ورائهم أمريكا بعد أن تعرضت في السابق للمد المغولي الغاشم. ووقف أبطال حلب اليوم أمام الهجمة الانتقامية التي شنها بشار بدعم روسي إيراني وغطاء أمريكي كما تصدى أهل حلب لجيش هولاكو. لم يحنوا جباههم الشامخة للغوغاء ولم تلن شوكتهم بالرغم من الحصار والتجويع وضرب المدينة بالمنجنيق. نعم اقتحم المغول حلب في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير 1260م ولكن أهلها لم يهزموا وما أن دخل المغول حتى استباحوا الحرمات وسفكوا الدماء ولم يتركوها إلا كتلة من الدمار يعلوها اللهب والدخان، وقيل إن المغول قتلوا كل من في المدينة. ما أشبه غوغاء اليوم بالأمس!

بالرغم من أن حلب ليست المعركة الكبرى فما زالت دمشق والغوطة وغيرها، إلا أن الأضواء سلطت عليها وكأنها ستحدد نهاية الحرب الدائرة في الشام منذ أكثر من خمس سنوات. وخرج السفاح بشار إلى العالم يهنئ شبيحته بدخول حلب وانتصاره المزعوم مع أنه لم يدخلها إلا بعد أن دكها على رؤوس أهلها. خرج محتفلا بنصر مزعوم ملعون أتى على يد روسيا وإيران، واحتفل ليداري الفشل في السيطرة على سوريا وتوالي الهزائم خصوصا بعد خسارته لمدينة تدمر في يوم واحد بعد صراع دام 6 أشهر لاحتلالها.

وتتابع التغطية الإعلامية المكثفة وسيل التصريحات الرنانة والتعليقات تحت هاشتاغات (حلب تباد) و(حلب التهجير والمصير)... وغيرها، وتتكرر صور الدمار والقتل في وسائل الإعلام العالمية بشكل ينشر اليأس والإحباط ويهدف إلى التحضير لما هو قادم. إن مجرد التركيز على صور الحطام والدماء والأشلاء لا يخلق الوعي المنشود ولا يحرك الشارع في العالم الإسلامي أو يوجه الناس للتغيير واستعادة سلطان الأمة المغصوب من أيدي حكام ظلمة، أو يخلق رأيا عاما عالميا يطالب بحماية الأعراف الدولية والأخذ على أيدي من يرتكب جرائم الحرب ويدمر المدن ويصفي الخصوم في قارعة الطرق. إن التركيز على صور اليأس ومشاهد الرعب في الإعلام العالمي قد يخدم الحرب النفسية على الأمة الإسلامية ويفتح شهية الطغاة لارتكاب المزيد من المجازر والزحف لتدمير المدائن، خصوصا أن هذه الجرائم المدونة والموثقة تمر دون عقاب، بل إن العالم يستجدي الطغاة لإجلاء المدنيين وإدخال بعض المعونات فتصد الأبواب أمام المعونات والأدوية ويطلق الطغاة الرصاص على المدنيين العزل النازحين أمام عدسات التصوير.

سبق وأن وظفت هوليوود فكرة الأرماجدون لإثبات الهيمنة الأمريكية على العالم وتعزيز صورة أمريكا المسيطرة القادرة على إنقاذ البشرية في أحلك الظروف. ولكن التوظيف هنا مختلف، ويبدو أن السيناريو الموضوع سلفا هو أن تخلق مشاهد الأرماجدون والنهاية لتقرب الحل السياسي وتهزم روح المقاومة، خصوصا وأن الحرب طال أمدها وأنهكت من خاض فيها وشيبت أوباما وغيره. فكلما تكررت المقاربة بين واقع حلب ونهاية العالم تعمق الشعور بالعجز والإحباط والحيرة أمام الهمجية والحقد واستباحة الدماء.

ما سبق لا يشكك في مصداقية الصور والمشاهد وشهادات الناجين من مجازر بشار الأسد، بل يسلط الضوء على توظيف أمريكا وروسيا والأحلاف والأشياع والأتباع لهول ما يحدث في حلب. ولم يخرج المدنيون والثوار من أنقاض شرق مدينة حلب بشكل فاجأ المجتمع الدولي المتباكي عليهم، بل تم أمام أعينهم وبمتابعة مكثفة. فقد كتبت الواشنطن بوست في 14/12/2016م "الولايات المتحدة تعطي بوتين الضوء الأخضر لارتكاب أعمال وحشية"، وقد تعرضت في المقالة للتواصل والتنسيق الأمريكي الروسي بشأن حلب والأزمة السورية. أمريكا هي المحرك الرئيسي لنظام بشار الأسد وأعوانه والإخوة الأعداء الذين يظهرون الدعم للفصائل ويتباكون على حلب في مجلس الأمن بينما يشقون الصف ويضعفون من جبهة الثوار.

بالأمس أطفأت باريس أنوار برج إيفل تضامنا مع حلب وسكانها وقدم الإعلام الفرنسي تغطية مكثفة لما يحدث في حلب وجرائم بشار وأعوانه وحلفائه، وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر "علينا أن نقوم بكل ما هو ممكن لوقف إراقة الدماء وإجلاء السكان بأمان وتقديم المساعدة لمن هم بحاجة إليها". وتابع إن "أسوأ كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين تجري تحت أعيننا". وبعد فشل الأمم المتحدة وتآمرها على الثورة السورية وبعد أن تم تفريغ حلب وتهجير أهلها قصرا خرج دي ميستورا وكشف المستور منددا بأن إدلب ستلقى مصير حلب، ويعلن في مؤتمر صحفي مشترك مع السفير الفرنسي "نطالب بالمزيد من الجهود الدولية لإنقاذ حلب وتثبيت الاتفاق الأخير". المتباكون هنا خطرهم أكبر ممن يقصف، وغرضهم القضاء على ثورة الشام المباركة وجر جميع الأطراف بمن فيهم المجرم بشار لطاولة المفاوضات و الدولة المدنية.

توشحت حلب الشهباء بالسواد وخيم الحزن ولم يبق من العمران سوى الأنقاض والتراب ورماد على وجوه الناجين. وأظهر الإعلام عيوناً شاخصة يملؤها الرعب. وسلط الإعلام الضوء على مشاهد الدمار، ولم يُظهر بسالة الرجال وصمودهم ودفاعهم المستميت حتى اللحظات الأخيرة. لم يظهر الأبطال الذين تكالب عليهم الأشرار فلم يلينوا ولم يخضعوا. الحرب في حلب ظهر فيها توظيف الحرب النفسية وإظهار أن المعركة محسومة سلفا والخصم منتصر ومتفوق وأن الحصار أرهق الناس ومن لم يستسلم فستدك حصونهم، والقصد من هذه الحرب النفسية أبعد من حلب ذاتها والثوار المحاصرين داخلها، بل هي لتصفية القضية برمتها والرسائل المبعوثة عامة أكثر منها خاصة.

ختاما نقول: إن حديثهم المتكرر عن حلب ويوم القيامة يدق جرس إنذار في ذهن كل مسلم ويربط الحدث بهول يومٍ فيه يرث الله الأرض ومن عليها، فيستحضر المسلم آيات الساعة ويسأل نفسه ماذا أعددتُ لها؟ وإن ما يخلقونه من مشاهد مرعبة لا تساوي شيئاً أمام قَدر وقُدرة الله العزيز الجبار.

يقول الحق جل وعلا في سورة القمر بعد وصف أحوال اليوم الحق: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ * إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 44-49]

ورد في تفسير القرطبي: (قال مقاتل: ضرب أبو جهل فرسه يوم بدر فتقدم من الصف وقال: نحن ننتصر اليوم من محمد وأصحابه؛ فأنزل الله تعالى: ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾. وقال سعيد بن جبير: قال سعد بن أبي وقاص: لما نزل قوله تعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ كنت لا أدري أي الجمع ينهزم، فلما كان يوم بدر رأيت النبي ﷺ يثب في الدرع ويقول: «اللَّهُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا جَاءَتْكَ تُحَادُّكَ وَتُحَادُّ رَسُولَكَ بِفَخْرِهَا وَخُيَلَائِهَا فَأَخْنِهِمُ الْغَدَاةَ» ثم قال: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ فعرفت تأويلها. وهذا من معجزات النبي ﷺ؛ لأنه أخبر عن غيب فكان كما أخبر. وأخنيت عليه: أفسدت. قال ابن عباس: كان بين نزول هذه الآية وبين بدر سبع سنين؛ فالآية على هذا مكية. وفي البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: لقد أنزل على محمد ﷺ بمكة وإني لجارية ألعب: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ﴾).

اللهم أهلك الظالمين واجعل موعدهم سقر، ونجِّ عبادك المخلصين من شر أعدائك وأعداء دينك، وأعزنا يا رحمن بالنصر والتمكين كما نصرت المسلمين في بدر وحطين وعين جالوت.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هدى محمد (أم يحيى)

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/41069