- التفاصيل
أسدل مؤتمر الأستانة ستاره على حلقة جديدة من حلقات المسلسل الأمريكي الذي تشرف على إخراجه الولايات المتحدة الأمريكية؛ وتلعب دور البطولة فيه خادمتها روسيا وعملاؤها في المنطقة إيران و تركيا؛ بينما يكتفي قادات الفصائل بدور الكومبارس في مشهد درامي يرسم لنهاية مأساوية لثورة قدمت الغالي والنفيس في سبيل التحرر من الظلم والطغيان وإقامة حكم الإسلام، حيث صورت هذه الحلقة بأنه تم الوصول إلى تثبيت لوقف إطلاق النار بين طاغية الشام و الفصائل المقاتلة؛ بينما في الواقع لا يزال طاغية الشام ومليشياته وبغطاء روسي يقصف الريف الغربي للعاصمة دمشق؛ ويحشد قواته في محاولة للسيطرة عليها وإجلاء أهلها وحشرهم في محافظة إدلب في الشمال السوري، بالإضافة إلى استهداف بعض الفصائل ممن وصفت بالإرهابية في كافة المناطق المحررة شاركت فيه طائرات التحالف الأمريكي والطيران الروسي، مما أوجد حالة من الانقسام في الساحة الشامية؛ مهد لإشعال نار الفتنة بين الإخوة وخاصة بعد ما كشفته صحيفة الشرق الأوسط بأن هناك بنداً غير معلن في الاتفاق؛ يقضي بتثبيت وقف إطلاق النار وتثبيت القوى المنخرطة في الصراع، وهي النظام وحلفاؤه من جهة، وقوى المعارضة من جهة ثانية، في مواقع نفوذها، باستثناء التقدم على حساب (جبهة النصرة) و(تنظيم الدولة)، وهما الفصيلان المستثنيان من اتفاق وقف إطلاق النار، نعم لقد كان لمؤتمر الأستانة الدور الرئيس في إشعال نار الفتنة والاقتتال الذي حصل مؤخراً بين فتح الشام من جهة وبعض الفصائل من جهة أخرى، هذا الاقتتال الذي كاد أن يودي بالثورة إلى الهلاك، وخاصة بعد النفخ الشديد في نار الفتنة من بعض من يسمون أنفسهم علماء أهل الشام، الذين حرضوا على اقتلاع فتح الشام من خلال وصفها بالغلو تارة والبغي تارة أخرى؛ بدل أن يعملوا على نزع فتيل الاقتتال ويدعو الجميع لوقف سفك الدماء المحرمة ويعملوا على الإصلاح بينهم، ولست هنا في صدد الدفاع عن أحد؛ إلا أنه عندما كانت فتح الشام تتلقى الضربات الموجعة من طائرات التحالف الأمريكي لم نسمع لهؤلاء العلماء ولا كلمة تدعو الفصائل للتوحد والرد على طاغية الشام في خطوة تعبر عن وحدة الصف والمصير، وكأن فتح الشام لم يبغ النظام وأسياده عليها؛ وبالتالي لا يجب على الفصائل التوحد والرد عليه! بالإضافة إلى أنه عندما تقاتل جيش الإسلام مع فيلق الرحمن في الغوطة الشرقية لم نسمع أحدا من هؤلاء العلماء يصف أحد الفريقين بالبغي والغلو بل كان الخطاب لوقف هذا الاقتتال والصلح بين المتقاتلين، وهذا ما ينبغي فعله لمن أراد حقن الدماء والصلح بين المتقاتلين، ولكن ماذا تقول لمن ارتضى أن يكون عالماً من علماء السلاطين يشرعن لهم مخططاتهم وأفعالهم، ويدور مع سياستهم حيث دارت؟
لقد أوجد هذا الشحن الفصائلي جواً من الخوف والرعب فأحست بعض الفصائل بالخطر الداهم الذي يحيط بها مما دفعها إلى الاصطفاف والتخندق خلف بعضها بعضاً أدى إلى إعلان اندماج بين فصائل عدة تتزعمه حركة أحرار الشام، واندماج آخر تحت مسمى هيئة تحرير الشام يتزعمه كل من فتح الشام وحركة نور الدين الزنكي كأقوى فصيلين في هذا الكيان؛ مما أطفأ نار الفتنة ربما بشكل مؤقت حيث لا يزال الجمر تحت الرماد، فأسباب الفتنة لا تزال قائمة واشتعالها من جديد أمر محتمل، ولكن هذه المرة ستكون كارثية بكل ما تعني الكلمة من معنى.
وبينما تخيم على المشهد حالة الانقسام والاصطفافات بين الفصائل؛ تستمر روسيا في السير قدماً نحو إنهاء الثورة السورية، فتضع دستوراً جديداً للبلاد تنسف فيه أي وجود للإسلام، متجاهلة تاريخ الأمة الإسلامية عامة وأهل الشام خاصة، سعياً منها لمحو الهوية الإسلامية عن أهل الشام، فروسيا تريد دولة لا دين لها ولا لرئيسها، وتخطط لمستقبل أهل الشام ومرحلة ما بعد بشار على منهاج أمريكا، بينما قادة الفصائل يغرقون في صراعات داخل البيت الواحد، وأسمى أمانيهم إسقاط بشار متجاهلين البحث في مرحلة ما بعد بشار؛ وإلا لكانوا تبنوا مشروعاً سياسياً يحدد مستقبل أرض الشام؛ ويرسم شكل دولتهم ويضع الخطوط العامة لأنظمتها المنبثقة عن عقيدة أهل الشام الإسلامية، وهكذا نجد أن الغرب الكافر قد اتحد على إجهاض ثورتنا ووضع خططه لذلك بل ووضع خططاً أخرى لأي طارئ محتمل، وهو يسير بخطى ثابتة نحو هدفه المنشود، بينما قيادات الفصائل لا تزال تلتزم بخطوطه الحمراء التي وضعها لها، بينما تتجاوز الخط الأحمر الذي وضعه رب العزة والذي عصم فيه دم المسلم بل جعل حرمته أعظم من حرمة الكعبة الشريفة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم قدرة هذه القيادات على تحمل مسؤولياتها، فقد أثبتت على مدى سنوات ست من عمر الثورة السورية أنها ليست أهلاً للقيادة، ولو كانت أهلاً لذلك لما وصلت ثورة الشام إلى هذا المنحدر الخطير الذي يهدد وجودها، فلا بد لقادة الفصائل من أن تتبنى مشروعاً سياسياً واضحاً منبثقاً عن عقيدة الأمة الإسلامية، تزيل به الغموض الذي يخيم على أهدافها وغاياتها، وبذلك تنزع فتيل الاقتتال فيما بينها؛ وتقطع الطريق على العابثين بمصير الثورة، ولا بد لقادة الفصائل من قيادة سياسية واعية ومخلصة تجنبهم الوقوع في الفخاخ التي ينصبها لهم الغرب الكافر؛ وتقود سفينة الثورة إلى بر النجاة، وبذلك تعود الثورة إلى مسارها الصحيح ويقطف أهل الشام ثمار تضحياتهم بأنفسهم.
كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد عبدالوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 1 شباط/فبراير 2017م
المصدر: http://bit.ly/2kRYKxJ
- التفاصيل
منذ أن أعلنت أول صرخة في الشام المباركة في آذار لعام 2011، ومنذ أن أعلن أهلها كسرهم لقيود الولاء لسفاح العصر وعميل الغرب الكافر، ومنذ أن رسم أهل الشام مشروعهم والضربات تتواصل عليهم والمؤامرات تنهال والمكائد مستمرة وتنتقل ما بين تركيا و قطر
و السعودية و فينا وآخرها أستانة.
مكائد ومؤامرات جل همها واهتمامها كسر إرادة أهل الشام وحرفهم عن توجههم وفطرتهم الإسلامية، لم تفصح في بدايتها عما تحوك من خبث لأهل الشام بل كانت تظهر حرصا لها بالمحافظة على دمائهما وحقوق أهلها.
فمن بدايات تشكيل المجلس الوطني في 2 من تشرين أول لعام 2011 حتى الوصول لتشكيل ائتلاف قوى المعارضة السورية كانت محاولات لسرقة تضحيات أهل سوريا سياسيا.
وكان في حينها العمل بخفية من قبل المتآمرين بإظهار حرصهم أنهم مهتمون بمطالب أهل الشام وداعمون لهم والذي سرعان ما تغير بعد أن كشف أهل الشام كيد هذا الحرص بإظهار وعيهم بأنه ليس إلا لسرقة ثورتهم والتضحيات التي بذلوها في سبيل ما وصلوا إليه من اشتداد عودٍ وثقةٍ بأن نصرهم قد اقترب.
تطل حلقة جديدة من سلسلة التآمر على هذه الثورة اليتيمة كان مسرحها هذه المرة من عند من اعتبره الكثير من الثوار وعلى مر سنوات مضت بأبرز الداعمين لهم، والذي كانت خطاباته الرنانة وتباكيه على أهل الشام بارزة في كل ظهور له من تركيا التي كشر فيها النظام الأردوغاني الحاكم بأنه ليس إلا جزءاً من حلقات سلسلة التآمر التي يصوغها الغرب الكافر على أهل الشام وثورتهم.
واضعاً يده بيد الروس الحاقدين الذين أذاقوا أهل الشام حمم أسلحتهم الفتاكة ودعمهم المطلق لسفاح دمشق بمؤتمرهم الذين دعوا له بالعاصمة الطاجيكية أستانة، الذين قبل أن يُدعوا له مارسوا ألاعيبهم القذرة كل بحسب دوره المرسوم له لبدوّ المشهد كما يريدون حصرا منهم على إنهاء معاناة أهل سوريا وإيقاف مسلسل مآسيهم.
يأتي مؤتمر الأستانة في ظل اتفاق مسبق بين الأطراف الراعية لأزلامها في الداخل بهدنة كانت وكعادتها من قبل طرف واحد اكتفى بتسجيل خروقات الطرف الآخر والذي كعادته استغل تبعية الفصائل لداعميها ليزيد رقعة سيطرته على مزيد من الأرض والتي كانت الضحية هذه المرة وادي بردى الذي استخدم فيه نظام أسد كافة أنواع الأسلحة ليسيطر عليها والتي انتهت وكالعادة بمفاوضات قد تفضي إما لصلح وبتسليم السلاح الثقيل والعفو عن البقية بغية القضاء عليهم لاحقاً، وإما بإفراغ المنطقة من أهلها ونقلهم لمنطقة ثانية كما فُعل بباقي المناطق كداريا والمعظمية وغيرها، كما وأنه قد بدأ عملية واسعة بريف دمشق الشرقي والذي يعد أكبر تجمعات الجيش الحر مستغلا عامل عزل المناطق عن بعضها التي يستغلها عند عقد كل هدنة معه ليتقدم بذريعة وجود فصائل إرهابية مستثناة من الهدنة المفروضة.
تأتي كل تلك الأعمال في ظل تطمين مستمر من قبل الثعلب الأممي ستيفان دي مستورا لقوات أسد بأن تمارس عملها بكل راحة وطمأنينة بقضم المنطقة تلو المنطقة وأن الهدنة ما زالت قائمة لم يتخللها إلا القليل من الخروقات التي لا تؤدي لتكون سببا لإعلان فشلها، وأن جل قلقه ليس إلا من جهة المعارضة التي كانت سببا بمنع خبراء ومختصين معالجة مشكلة مياه الفيجة المغذية لملايين الناس في دمشق من خلال منعها قوافل خبراء أمميين ومهندسين من إصلاح الأعطال الفنية التي أصابت شبكة المياه والتي بفعلها هددت الناس بحرمانهم من مياه الشرب نتيجة المعارك التي يفتعلونها بمنطقة وادي بردى والفيجة والتي على إثرها تم عقد مؤتمرين في موسكو وتركيا الأطراف الداعمة للهدنة لدفع الأطراف لحل الأمر كي لا يتعكر صفو المجتمعين ولتبقى الهدنة سارية المفعول.
ويأتي عقد مؤتمر الأستانة بعد مسرحية حلب التآمرية والتي كان الهدف منها والغاية كسر شوكة أهل الشام بإسقاط أبرز معاقل ثورتهم المباركة، المسرحية التي كانت بعض الفصائل جزءاً منها؛ تلك الفصائل التي احتضنها أهل حلب وتحملوا فاتورة احتضانهم دماء سفكت وأعراض انتهكت ودور دمرت، فصائل بذل لأجلها الكثير، كل تلك المسرحية ما كانت إلا لتظهر للناس مدى قوة النظام وأحلافه وإمكانية استعادة أي معقل من معاقل المعارضة ودون أي جهد يذكر، ولكن أهل الشام وكعادتهم تجاوزوا محنة سقوط حلب كما غيرها بل كان سقوطها سبباً ليسقط خلفه كل خائن عميل مرتاب وسببا لإعادة روح الثورة لصدور أبنائها الذين خبت في صدورهم.
يأتي مؤتمر الأستانة في ظل ظروف إنسانية صعبة لا تتوفر فيها أدنى درجات العيش يعيشها أهل الشام يوميا وعلى كافة الصعد نتيجة الضغط الدولي عليهم ليكسر صمودهم ويجبرهم أن يخضعوا لما قرره الغرب الكافر كمصير لثورتهم بأنها يجب أن تنتهي سياسيا كما رسموا وخططوا لها بحسب مقررات مؤتمراتهم التآمرية التي عقدوها بدءاً من جنيف1 و جنيف2 و مؤتمر فينا وآخرها الأستانة.
مؤتمر كشفت التحضيرات له واقع الداعين والمشاركين فوضح دور تركيا كمتحكم بقرارات الفصائل ودور مالها السياسي بمصادرة القرار، وأنها لم تعدُ عن كونها تستغل ذلك لتنفذ أجندة سيدتها وربيبتها أمريكا وأنها لا تستطيع تعدي الدور المكتوب لها، وأوضح أن الفصائل المدعومة من قبلها لا تملك سوى أن تنفذ ما يختاره داعمها، وبان ذلك خلال تصريحات رئيس الاستخبارات التركي الذي اجتمع بالفصائل وقرر عنها الحضور دون شروط، وأوضح دور روسيا كرجل مقاولات ينفذ فقط المخططات التي تصله ولا يملك من أمره التعديل عليها ومدى وضاعة نظام الأسد الذي لم ينبس ببنت شفة عما قرره المقاول ومن خلفه سيده، وأظهر أنه لا دور للمعارضة السياسية إلا الموافقة والقبول بما سيتم التوصل إليه.
يأتي عقد مؤتمر الأستانة بعد كل الذي مر على أهل الشام من قصف وتدمير وقتل وتشريد والذين لا ترى فيهم إلا صمود الجبال الرواسي وكأنه لم يمر عليهم شيء، نعم إنها الثورة الكاشفة الفاضحة التي لم تبق من الخائنين المرتابين أحداً إلا وأظهرت سريرته وكشفت زيغ حرصه عليهم.
كل ذلك الذي حصل على مر ست سنوات كان في ظل معارضة عميلة هزيلة لا تملك من أمرها إلا السمع والطاعة بعد ممانعة مصطنعة علها تنجح بإلباس خداعها على أهل الشام، ولكن أمرها بات مكشوفا واضحا بعبوديتها لسيدتها الراعية أمريكا.
وفي ظل فصائل امتلكت وامتهنت ومارست دين المصلحة والمفسدة لتبرر للناس أفعالها فضح الله سريرة ما يدعون وعراها، أما أهل الشام فأسقطوا عنها الشرعية وأرفقوها في صف أعدائهم.
كل أولئك تم دعوتهم للأستانة ليقرروا مصير ثورة أهل الشام؛ من سفاح لا يرتوي إلا من دماء أطفال الشام، إلى معارضة هزيلة عميلة ذليلة، إلى فصائل مكشوفة مفضوح واقعها، إلى دول عميلة تنفذ أوامر أسيادها، إلى منظمة أمم ومبعوثين قد أخذوا دورهم بمسلسل التآمر، إلى دول حاولت أخذ نصيبها من معاناة أهل الشام ففشلت فآثرت الحضور لتحافظ على ما بقي من ماء وجهها، حتى الوصول للاعب الأول بالمشهد السوري أمريكا المخطط والراعي والموجه.
كلهم سيجتمعون ليقرروا مصير أهل الشام وشكل نظام حياتهم الذي سيعيشون وفقه.
ولكن لأهل الشام رسالة يوجهونها للمؤتمرين أن تبا لكم ولمؤتمراتكم وللمقررات التي ستصدرونها فقد أعلنا هويتنا وحددنا نظامنا أن لن يكون إلا خلافة راشدة على منهاج النبوة مهما حاولتم تشويهها ومهما صدحت حناجر زعمائكم بمحاربتها كما ذكر لافروف، فهذه هويتنا التي مات تحت رايتها أجدادنا والتي بذل لأجلها رسول الله ﷺ حياته لتكون، فلم يخضع لضغوط ولم ينثن لمغريات ولم يحرف لمصلحة، هي هويتنا التي لن نتخلى عنها حتى نوجدها حقيقة على أرض الشام، فاعقدوا مؤتمراتكم وأعدوا سياسييكم وارسموا مشروعكم فقد كفرنا بهم جميعا ووجهنا وجهنا لله فاطر السماوات والأرض، فهي إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيض العدى.
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾
كتبه لجريدة الراية: عبدو الدلي، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 18 كانون الثاني\يناير 2017م
المصدر: http://bit.ly/2jHD9s3
- التفاصيل
كان سقوط حلب المهين الخطوة الأولى للنظام التركي بعد أن أسفر عن وجهه القبيح الذي كان يغطيه بقناع من التصريحات الجميلة؛ واستكمالاً للدور الذي يلعبه لإجهاض ثورة الشام؛ سعى لإلزام قيادات الفصائل بالجلوس مع الروس الذين حصدت طائراتهم أرواح عشرات الآلاف؛ ودمرت البيوت وهجرت المسلمين من مدينتهم في ظروف قاسية، وانبثق عن هذا الاجتماع استدعاء النظام التركي لبعض قيادات الفصائل للتوقيع على مشروع قرار وقف إطلاق النار الذي جرى الاتفاق عليه بين تركيا و روسيا بتاريخ 29/12/2016م؛ تمهيداً لإجراء مفاوضات سياسية بين النظام السوري و المعارضة في "أستانة" عاصمة كازاخستان برعاية روسية تركية. ويتضمن هذا الاتفاق نقاطاً عدة بضمانة تركيا وروسيا في خطوة غريبة عجيبة، إذ كيف يكون القاتل ضامناً وكيف يكون الخصم حكماً، بل كيف يلتزم من لا عهد له بعهده؟!! وكيف يؤتمن من لا أمان له؟! والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾. نعم لقد أرضوهم بأفواههم ولكن أبت قلوبهم، فبعد يوم واحد فقط من توقيع الاتفاق أكد طاغية الشام على التزامه بالقصف والتدمير ونقض العهد مثل كل مرة، فقصف وقتل المسلمين في الريف الغربي لمدينة دمشق وفي غوطتها وهذه عادة أعداء الله؛ وهذه حقيقتهم التي غفل أو تغافل عنها قادة الفصائل، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ﴾، كما أكد قادة الفصائل من جانبهم على الالتزام بوقف القتال؛ واكتفوا بتعداد الخروقات التي لن يكون آخرها قصف مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي صباح 1/1/2017م بالصواريخ الفراغية. وبعد التوقيع على الاتفاق خرجت علينا تصريحات متضاربة منها ما تقول بأن وقف إطلاق النار يشمل كل الفصائل وكل المناطق؛ وأخرى تستثني فتح الشام و الغوطة الشرقية من الاتفاق، وثالثة تؤكد أن نسخة الاتفاق التي وقعت عليها الفصائل مختلفة عن النسخة التي وقعها النظام، وما ذلك إلا لتسليط الضوء على تفاصيل الاتفاق وإشغال الناس بها؛ وصرف أنظارهم عن أصل الاتفاق الذي يعتبر استسلاماً وهزيمة؛ والذي قال عنه وزير خارجية النظام وليد المعلم "الاتفاق يعكس ثقة الدولة السورية والجيش والقوات المسلحة بالنصر على المعارضة"، فإن كانت قيادات الفصائل لا تعلم أن الغرب الكافر سيستثني فتح الشام فتلك مصيبة وإن كانت تعلم فالمصيبة أعظم لأنها ستضع المنطقة أمام اقتتال يدفع ثمنه أهل الشام مزيداً من الدماء ومزيداً من الأسى.
وبعد تقديم نسخة الاتفاق إلى مجلس الأمن انتهى المطاف بدعم مجلس الأمن لنسخة معدلة ليخرج بقرار يحمل الرقم 2336 الذي لم يتطرق لوجود استثناء فتح الشام من الاتفاق أو عدم استثنائها ويمهد لمحادثات تجري بين طاغية الشام وقيادات الفصائل في أستانة عاصمة كازاخستان في وقت لاحق ويؤكد القرار أن "الحل المستدام الوحيد للأزمة الحالية في سوريا، هو من خلال عملية سياسية شاملة وبقيادة سورية، استناداً إلى بيان جنيف في 30 حزيران/يونيو 2012م"، وقرارات مجلس الأمن والبيانات ذات الصلة الصادرة عن المجموعة الدولية لدعم سوريا وبتسهيل من الأمم المتحدة، ويتبين من القرار المدعوم من قبل مجلس الأمن أن ما ينفذ من اتفاقات بين طاغية الشام وقيادات الفصائل هو عين ما تريده أمريكا مهما حاولت هذه القيادات ادعاء التحفظ أو المراوغة سعياً منها لإيهام أهل الشام باستقلال سيادتها وامتلاك قراراتها، وهنا لا بد من الإشارة إلى أس المشكلة في المشروع الأمريكي وحلها السياسي، إذ يعتمد هذا الحل ويؤكد على علمانية الدولة التي تفصل الدين عن الحياة ضارباً عرض الحائط بعقيدة المسلمين التي توجب عليهم أن يكون نظام حياتهم منبثقاً عنها وتجعل نظام حكمهم نظاماً فريداً لا يشبه أي نظام ولا يشبهه أي نظام، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، كما يؤكد الحل الأمريكي على المحافظة على أدوات الإجرام العسكرية والأمنية، كيف لا وهي الأداة الضامن لتحقيق مشروعها!
نعم إن أمريكا تحاول أن تخدع أهل الشام منذ بداية الثورة عن طريق تسليط الضوء على شخص طاغية الشام؛ فمرة تصرح بأنه يجب عليه أن يرحل ومرة تقول بأن لا حل في سوريا بدونه، لتوجد تصوراً عند أهل الشام أن ثورتهم انتصرت وذلك بعد أن تقوم بإزالته، والحقيقة أن المشكلة الأساسية ليست في شخص بشار فحسب، وإنما المشكلة الأساسية في النظام المطبق على المسلمين؛ فأي نظام لا تكون العقيدة الإسلامية مصدره الوحيد هو نظام شيطاني يؤدي إلى الشقاء وضنك العيش بغض النظر عن القائم عليه، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾، هذا هو أس المشكلة وهذا أساسها فقضية أهل الشام ليست استبدال زيد بعمرو! وإنما القضية هي استبدال نظام رباني فيه السعادة والهناء بنظام جاهلي شيطاني مجرم فيه الضلال والشقاء قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
نعم لا شك أن الغرب يدرك هذه النقطة جيداً وسوف يقوم بإزالة شخص طاغية الشام ويعتبر إزالته نصراً للثورة، ولكن بعد أن يرتب أوراقه ويثبت أركان نظام حكمه العلماني فتعود أرض الشام إلى سابق عهدها مزرعة له بنواطير جديدة وهذا هو الخسران المبين.
كتبه لجريدة الراية: أحمد عبدالوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 4 كانون الثاني\يناير 2017م
المصدر: http://bit.ly/2hPK03J
- التفاصيل
إن ثورة الشام تعيش مرحلة خطيرة من عمر الثورة، فقد وصلت بها الحال إلى درجة التآمر المفضوح، والكيد المكشوف، فلم يعد النظام التركي يخفي وجهه وراء تصريحات جذابة، ولا كلمات براقة، ولا خطبٍ رنانة، بل أصبح يصف تسليمه حلب للنظام المجرم، بأنه عمل ناجح وصفقة رابحة، وبعد أن أنجبت العلاقة بين النظام التركي والروسي اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة، قام النظام كعادته، حيث لا عهد له ولا ذمة، قام بخرق ما عُرف بالهدنة، وهذا الخرق تمثل باستمراره بالمعارك على منطقة وادي بردى، وكذلك حاول أن يشدد حصاره على منطقة محجة في ريف درعا، وكذلك فإن القصف لم يتوقف عن عدة مناطق متفرقة، يُضاف إلى ذلك ما قام به التحالف الدولي من استهداف عدة مقرات لجبهة فتح الشام، وقيامه بمجزرتين في مناطق سيطرة تنظيم الدولة.
كل هذا يؤكد أن ثورة الشام هي الكاشفة الفاضحة، ولم يقتصر كشفها على أعداء الأمة المتربصين بها، الواضحين في عداوتهم، بل كشفت أيضاً من يدعي صداقتها ونصرتها، فها هو النظام التركي يكشف عن وجهه ويسفر عن وقوفه في صفِّ أعداء الأمة، وكذلك فقد كشف الغطاء عن قيادات الفصائل التي غرقت بمالها السياسي، هذه القيادات التي لم ترعوِ عن استمرارها في غي الهدن و المفاوضات فهي تأمن جانب النظام المجرم، بعد تجريبهم له في عدة هدن سابقة، وها هو حتى في الهدنة الأخيرة، لم يلتزم ببنودٍ ولا بشروط، بل ظهر لهم أن ما وقعوا عليه من بنود تختلف عما وقع عليه النظام المجرم، ورغم ذلك لم نشهد تصريحاً بإلغاء الهدنة والرجوع عنها، علاوة على أن القبول بفكرة الهدن والمفاوضات يُعد انتحاراً سياسياً للثورة، ووقوفاً بها في منتصف الطريق، بل الحقيقة أن الهدن هي الخطوة الأولى بالعودة عن ثورة الشام والارتماء فيما بات يُعرف بحضن الوطن الأسدي.
إن المدقق في وقف إطلاق النار الأخير يُدرك أنه أحد خطوات الحل السياسي الأمريكي، والتي سعت له أمريكا منذ انطلاقة ثورة الشام، وذلك بهدف الحفاظ على نظام أسد العميل لها، ولم يكن دخول روسيا إلى سوريا، لتخريب خطط أمريكا أو إفشالها بل جاء تدخل روسيا المجرمة لإتمام عملية الحل السياسي؛ فقد صرح بوتين أكثر من مرة منذ دخوله سوريا وأكد أن الهدف هو الوصول لحل سياسي، وهذه الأيام جاء إعلان روسيا البدء بسحب قواتها من سوريا فقد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، بصفته القائد العام الأعلى للقوات المسلحة الروسية، ببدء عملية تقليص قوات بلاده في سوريا، وأعلنت رئاسة الأركان العامة الروسية سحب حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف"، وطراد "بطرس الأكبر"، ومجموعة السفن المرافقة لهما من منطقة تمركزهما قبالة الساحل السوري. وهذا يؤكد أن حربهم على (الإرهاب) يقصدون بها ثورة الشام، وما إن وُضعت اللمسات الأولى للحل السياسي حتى بدأت روسيا بسحب قواتها، أو الإعلان عن سحب قواتها.
فإذا كانت أمريكا هي من يسعى للحل السياسي في سوريا، وهي التي استخدمت حلفاءها وأدواتها لتحقيق هذا الحل، فالسؤال الذي يُطرح الآن، هل حقاً تمكنت أمريكا من ثورة الشام؟، وهل أهل الشام اليوم ينتظرون ما سيؤول إليه مؤتمر الأستانة؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم أولاً أن صراع أمريكا مع أهل الشام مرّ في خطوات كثيرة أثبت فيها أهل الشام أنهم لن يُمكنوا أمريكا من بلادهم من جديد، وأثبتت كذلك أن أمريكا اضطرت لفضح أدواتها وعملائها أمام ثبات أهل الشام، وقد تمكنت فعلاً من شراء ذمم كثير من قادة الفصائل، إلا أن ثورة الشام اليوم تقف أمام تحدٍّ عظيم وعليها أن تُثبت أنها ثورة أمة لا ثورة فصائل متناثرة، والواجب اليوم يقع على عاتق أهل الشام بأن يستعيدوا سلطانهم المسلوب من هذه الفصائل، ويتخذوا قرارهم بعيداً عن إملاءات الداعمين، وتوجيهات الممولين، فأهل الشام يدركون أن الذي يفاوض عنهم وباسمهم لا يمثلهم، ولم يأخذ رأيهم ولا يهمه أن يأخذ رأيهم، لأنه يفاوض ويُهادن لتحقيق مصالحه ومصالح داعميه ومموليه.
هذا التحدي الذي يواجه الثورة اليوم يجب أخذه بقوة والعمل عليه بشكل جاد لقطع الطريق على كل من يعبث بهذه الثورة، أو يحاول النيل منها أو حتى المستفيد من استمرار هذه الثورة كتجار الدماء والأزمات، وهذا يكون بأن يقوم أهل الشام بتحديد ممثليهم لإسكات كل من يدعي تمثيل هذه الثورة، وقد رأينا كيف أن المجلس الوطني وبعده الائتلاف بعد أن تشكلا، كيف أنهما حاولا أن يؤكدا أنهما يمثلان الثورة، واليوم هيئة المفاوضات وقادة الفصائل التي ستفاوض في الأستانة، هل يمثلون أهل الشام؟ هل هناك من فوضهم؟ هل من أحد وكلهم أو أوكل إليهم التفاوض باسم أهل الشام؟، هذه الأسئلة جوابها واحد وهو أنه لا أحد من المفاوضين يمثل أهل الشام حقيقة، فهؤلاء لا يمثلون حتى أنفسهم، بل يمثلون إرادة داعميهم، فلم نر منهم يوماً موقفاً يخالف ما أرادته أمريكا، فكانوا أول المهرولين إلى مؤتمر الرياض، وكانوا المسارعين لعقد الهدن، والمصفقين للمفاوضات، فكيف يُؤتمن هؤلاء على ثورةٍ كثورة الشام؟!
إن المرحلة التي تمر بها الثورة اليوم تتطلب رجالاً لا يخشون في الله لومة لائم، ولا تغرهم دولارات أمريكا، ولا وعودها الزائفة، رجالاً يعيدون بوصلة الثورة نحو هدفها، فتسقط النظام وتقيم حكم الإسلام خلافة راشدة على منهاج النبوة، وبهذا تقطع يد الغرب الكافر وكل العابثين عن بلاد المسلمين.
كتبه لجريدة الراية: منير ناصر، عضو لمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 11 كاون الثاني\يناير 2017م
المصدر: http://bit.ly/2idvPCu
- التفاصيل
إن هذه الأيام تذكرنا بأيام مضت علينا كانت أشد اسودادًا وأكثر صعوبة، ولكننا وقفنا على أقدامنا وتحدينا كل الصعوبات والعقبات واستعدنا مكانتنا واستحقينا رضا الله علينا ونصره وتمكينه. ليس ما يحدث هذه الأيام بجديد، فمنذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، و الحق و الباطل في تنازع وجولات لا تنتهي إلا بانتهاء الخليقة. بل إن الملائكة قد قالتها قبل الخلق نفسه، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾، فقد حكمت الملائكة على البشر بأنهم سوف يفسدون في الأرض ويخربون، والجواب كان واضحًا من الله بأنه يعلم ما لا يعلمون وهو الخبير. وتخبرنا غيرها من الآيات أن من الناس من سوف يستمع لمن رفض السجود لهم ويتبعون خطواته، وها نحن نرى كيف أن الشيطان وأولياءه من دون الله يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، وليست أي دماء، بل دماء أولياء الله تعالى الذين نذروا أرواحهم من أجل أن يعلو الحق وأهله ويهزم الباطل وأهله، وقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم في كتابه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾، وهؤلاء المؤمنون الصادقون الذين أُخرجوا من أرضهم ودُمرت بيوتهم على رؤوسهم وانتُهكت أعراضهم على يد أعداء الدين وأعوان الشياطين، لم يخرجوا راضين مولّين، بل مغلوب على أمرهم مسلّمين حالهم لله تعالى، وذلك الرسول الكريم ﷺ قد أُخرج هو وأصحابه كارهون، قال تعالى في محكم التنزيل: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾. وهذا الإخراج كان رغمًا عن بعض المؤمنين، ومنهم من خرج ذلًا وتفريطًا. فليس خروج المسلمين المستضعفين في حلب خروجَ متخاذلين، بل كان بفعل خيانة الخائنين وتفريط المفرطين. والغريب أنك عندما تخاطب من خان وتخاذل وفرط في أهله وأعراضه والشهداء يجادل ويناقش ويدافع وحتى يتّهمك بالجهل وعدم القدرة على التقييم الصحيح للواقع والارتكان للحديث السياسي الخالص! وهم يعلمون أنهم يكررون ما فعل من سبقهم في نفس الحال، الذين جاؤوا الرسول ﷺ يجادلونه، قال تعالى: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾. أليس هذا حالهم بل الأسوأ على مدار التاريخ كله؟! فقد اشتروا الضلالة بالهدى وباعوا دينهم بدنيا غيرهم وأوكلوا أمرهم لمن خانهم ويخونهم ليلاً نهاراً، أفبعد هذا الذنب ذنب؟!
لقد قال لهم حزب التحرير ما قال الحق وكلامه الحق، إن الأمر لا يكون إلا أحد أمرين؛ إما العزة لهذا الدين وتطبيقه وحمل رسالته للبشرية، وإما الذل والهوان لمن يسلك غير طريق الصواب، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾. هذا ما نستند إليه نحن من وعدٍ وعده الله إيانا والله مولانا، أما ما يعدكم الشيطان وأعوانه فهو الغرور، ولا يعدل شيئًا مما عند الله وأعده للصادقين المخلصين.
إن الأمور لا تسير كما يحب الظالمون، بل تسير حسب سنة الله في خلقه، التي لا تتغير ولا تتبدل، إنما تصدق بالحال وتظهر في الأحوال، قال تعالى: ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾، والحق هو ما ندعو له، وهو تطبيق شرع الله واتخاذ طريقة الشرع في الوصول إلى ذلك، وسوف يظهر الله هذا الدين ولو كاد الكافرون، وسيظهر الحق ورجاله الصادقون. وقد بشر بهذا الله تعالى المخلصين - ونحسب أننا منهم - حين قال: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. أفبعد هذه الآيات التي أُنزلت من فوق سبع سماوات نرجو من غير الله ونسأل غيره عز وجل أن يعيننا وينصرنا على من عادانا وعادى الله ورسوله وشاقوا الناس وأفرطوا في الخذلان وباعوا ما قدمه الأبطال في سوق النخاسة بأرخص الأثمان؟! لا والله لستم منا، فأنتم اتخذتم الكافر صديقاً، أما من أراد بكم الخير وأخلصكم الرأي وأراد لكم عز الدنيا والآخرة فاتخذتموه عدوًا.
إن خطابنا هو خطاب الخالق الباري وليس الظالم الكافر، وقد حاججناكم بكتاب الله، وأنتم بما تصرحون به وتفعلون تشاقون الله ورسوله عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. فالعقاب واقع على من يشاقق الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فبأي وجه ستقفون أمام الله عندما يسألكم عن الأمانات التي فرطتم بها وحقوق العباد التي ضيعتموها ودنياكم التي أفسدتموها؟ ثوبوا إلى رشدكم وعودوا إلى خالقكم الذي خلقكم، وتذكروا قول رسول الله ﷺ: «يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي». فاستغفروا وتوبوا إلى الله قبل فوات الأوان واعلموا صديقكم من عدوكم ومن هم منكم ومن ليسوا منكم. إن حزب التحرير لكم ناصح أمين، وهو يعرض عليكم الصعود إلى سفينة النجاة لكم وللأمة التي تنظر إلى ثورتكم بلهفة وحب، فلا تضيعوها وتردوا ناصح الخير لكم، فالأمر جد لا هزل وحان وقت الفصل بين أهل الحق والباطل، فاختاروا فريقكم قبل أن لا يعود لكم فريق تنحازون إليه أو مأوى تلجئون إليه، فالأمة والمخلصون منها فيهم النجاة، والآخرون هم الهلاك لكم، فعودوا إلى الله تائبين صادقين مع أمتكم، وأمسكوا بيدي حزب التحرير حتى نسير معا على خُطا التمكين والنصر والعزة لهذا الدين، ونعيد دولتنا وحكم الشرع وعدل ربنا لتنعم به البشرية كلها. فهل أنتم مستجيبون أم إنكم تؤثرون الضلال على الهدى؟
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح – أمريكا
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/41457