press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

2242020raya

 

يزداد الحديث، عقب كل حملة بربرية لنظام الطاغية أسد، مدعوماً بطيران الصليب الروسي، ومليشيات الحقد الإيراني وحزبها اللبناني، عن "حل سياسي" تسوقه أمريكا عبر بوابة الأمم المتحدة.

فما المقصود بالحل السياسي، ومن أين جاءت فكرته، ومن يقف وراءه، وما هي أهدافه وغاياته، وهل هو لصالح الثورة وإنهاء لعذابات أهلها وتتويج لتضحياتهم وانتقام ممن قتل أبناءهم وهدم بيوتهم ومزق أطفالهم أشلاء، أم أنه خدمة لنظام الإجرام بدعم من أعداء الإسلام، الذين يخشون انتصار ثورة الشام؟!

إثر انطلاق ثورة الشام، أوعزت أمريكا لعميلها بشار باحتوائها وقمعها، ولكن مع اشتداد عودها وثبات أهلها، أدركت أمريكا أنها ثورة مختلفة عن باقي انتفاضات المنطقة، فعمدت إلى توزيع أوراقها وتقسيم أزلامها من الحكام، ما بين أعداء للشعب السوري، مهمتهم القتل والبطش والتدمير والتهجير، و"أصدقاء" له، مهمتهم احتواء الثورة والالتفاف على مطالب أهلها، حتى لا تتفلت وتستقل بقرارها، فتسقط نظام بشار المجرم، عميل أمريكا.

ومنذ بداية الثورة، بدأ الضغط على القادة الميدانيين والثوار المخلصين للقبول بجنيف، وبمبدأ التفاوض مع النظام، والقبول بأي اتفاق يبقي على الدولة العميقة، وعلى المؤسسات الأمنية والعسكرية جاثمة على صدور الناس، ويبقي الدولة تابعة لأمريكا، ويحمي نفوذها، سواء بقي رأس الهرم أو رحل، فأمريكا ليست متمسكة به كشخص، لكنها تنتظر نضوج البديل، حينها، يمكن أن تعمل مسرحية انتخابات لإزاحته عن المشهد، ليكون قد خرج بانتخابات ولم يسقط بثورة.

وبعد أن كان الجلوس مع النظام ومفاوضته بداية الثورة جريمة كبرى بنظر الثوار، عمل أعداء الثورة، عبر استخدام القوة الصلبة والقوة الناعمة، على تحويل المهادنة والتفاوض من خيانة إلى حنكة سياسية وحقن للدماء!

كل ذلك لاحتواء الثورة وخنقها قبل استفحال أمرها.

وراحت أمريكا تنادي بالحل السياسي القاتل الذي ينضح بسمومه، والذي بدأت فصوله في جنيف1 عام 2012، مع روافد لاحقة له في فينا والرياض وموسكو وأستانة وسوتشي، حلٌّ ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، يهدف إلى تصفية الثورة وتثبيت نظام الإجرام، مع تطعيمه ببعض شخصيات المعارضة الضفدعية التي تحتضنها دول ومخابرات دول، وتعديل في بعض مواد الدستور، ليبقى علمانياً خالصاً إلا من بعض القشور، يقصي شرع الله وحكم الإسلام، ويحارب كل من ينادي بتطبيقه في ظلال دولة.

وكانت تركيا، بحق، منذ انطلاق الثورة، وكر المؤامرات الدولية ضد ثورتنا اليتيمة، فكان أن اجتمعت فيها كل المخابرات الدولية الحاقدة على الإسلام والخائفة من انتصار ثورة الشام، تمكر بالثورة وتعمل على استقطاب القادة والمؤثرين فيها، لحرفهم عن مسارهم وشراء ذممهم.

أما سياسياً، فقد أوعزت أمريكا بتشكيل الائتلاف الوطني العلماني، برعاية تركية، لتمثيل الثورة سياسياً، كمقدمة لبيعها وتمييع قضيتها، عبر بوابة الحلول السلمية، والهدن، والمفاوضات، وخديعة الحل السياسي.

فالهدف من الحل السياسي المزعوم هو وأد الثورة، عبر الالتفاف عليها، وعزلها عن حاضنتها وتجريدها من كل مكامن قوتها، لتكرار تجارب مصر وتونس وليبيا واليمن المؤلمة، بتثبيت أركان أنظمتها، مع تغيير طفيف يطال بعض وجوه ساستها، وكلنا يعلم أن أنصاف الثورات قاتلة.

إذاً، كل ما يتعرض له أهل الشام اليوم، من قتل وتدمير، وتكميم الفصائل للأفواه، وتضييق الحكومات، وعلى رأسها الإنقاذ، على الناس، ومحاربتها لهم في أقواتهم وأرزاقهم، وفرض الضرائب والإتاوات والمكوس عليهم، هو بهدف تركيعهم وإخضاعهم، ليقبلوا بحلول استسلامية يسمونها سياسية بأوامر الداعمين.

تسع سنوات، وأمريكا وأوروبا وتركيا وروسيا وإيران تقول إن الحل في سوريا حل سياسي! ولكن عن أي حل سياسي يتحدثون؟!

إنهم يقصدون الحل السياسي الذي يفرضه البطش العسكري لا غير، بطش الطائرات والمدافع والراجمات، بطش الصليب الروسي والحقد النصيري، المترافق مع المكر السياسي للنظام التركي، ولجمه لبنادق الفصائل بأمر من قادة مجرمين مرتبطين بالداعمين لا يعصون لهم أمرا، كل ذلك ليخضع الناس ويقبلوا بما تسعى أمريكا لفرضه على مسلمي الشام من حلول هي الموت الزؤام نفسه!

وعودة لتفاصيل الحل السياسي، فإنه قائم على قرارات مجلس الأمن رقم 2118 و2254 وما هو مرتبط بهما، والتي تتلخص بإعلان انتهاء الثورة، ومنع أي مواجهة بعدها ضد هذا النظام الدموي المجرم، مع البدء بترتيبات هيئة حكم انتقالية تشاركية بين النظام ووجهه الآخر من شبيحة الفنادق ومن زعموا الانشقاق عنه تمهيداً لهذه المرحلة، وهم الذين أزكمت رائحة فضائحهم الأنوف. هيئة يكون بشار موجوداً فيها رسمياً لمدة 18 شهرا، مع تشكيل لجنة لصياغة الدستور، أو تعديله، مع التأكيد على بقاء المؤسستين الأمنية والعسكرية جاثمتين على صدور الناس، توجههما الدولة العميقة المرتبطة بسيدتها أمريكا، وانتخابات مسرحية يشارك فيها الطاغية نفسه، كما صرح كيري عام 2015، أن "بشار سيترشح وعلى المعارضة أن تحاول أن لا ينجح"، وكلنا نعلم أن أمريكا والأمم المتحدة تعترف بالنظام، بل هي التي تحميه وتعطيه الشرعية وتمده بأسباب الحياة، بدليل وجود بشار الجعفري، كممثل لنظام أسد في الأمم المتحدة.

وطبعا هذا الحل يتطلب ضمناً القضاء على كل مظاهر الثورة وسحب السلاح من الناس، وحصره بتشكيلات معينة، تكون نواة للجيش الوطني بإدارة تركية، والذي يخطط له، مستقبلاً، أن ينخرط مع جيش النظام نفسه، بترتيبات شيطانية تهندسها أمريكا، ويشرف النظام التركي على تنفيذها على الأرض.

مع التأكيد أن قضيتنا ليست شخص بشار فقط، إنما النظام الذي يحكم به؛ نظام الكفر والقهر والجور، لإسقاطه بكافة رموزه وأركانه وتخليص الناس من شروره، وليس الاكتفاء بعمليات ترقيعية تجميلية، تعيدنا للمربع الأول، بعد تضحيات مليوني شهيد، وهذا بإذن الله لن يكون، ما دام في مخلصي الشام عرق ينبض.

وإنه، رغم كل ما حصل من انتكاسات وخسارة للمناطق، بمسرحيات ممجوجة وخيانات وتسليم واضحين، إلا أن الإمكانيات لا تزال موجودة، ومقومات النصر متاحة، وإرادة التغيير حاضرة، وفكرة الثورة متقدة، وما ينقصنا فقط هو استعادة سلطاننا وقرارنا من قادة الفصائل الذين رهنوا قرارنا للداعمين فضاعوا وأضاعوا، لعل الله يرضى بذلك عنا فينصرنا، فهو القائل سبحانه: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

بقلم: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي

عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

جريدة الراية: https://bit.ly/2VpQVEB

 

 

1542020syriahizb

 

 

 

انطلقت دعوة حزب التحرير إلى سوريا في السنين الأولى لبداية انطلاقة الدعوة، تقريبا في سنة 1955م، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تخلُ السجون السورية من شباب الحزب. لم يشارك الحزب في الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا بين أعوام 1979 – 1982م، لأن الأعمال المادية مخالفة لمنهجه في العمل المنضبط بطريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة الإسلامية الأولى. كان النظام السوري قد شن حملة اعتقالاتٍ واسعةٍ في خريف عام 1999م، طالت الكثير من أعضاء الحزب في سوريا. كما تعرّض الحزب لاحقاً لحملتي اعتقالٍ على الأقل، في كلٍّ من عامي 2004 و2006م.

رحّب الحزب بالربيع العربيّ، وبارك التحرّكات التي قام بها المنتفضون في كلٍّ من تونس ومصر وليبيا واليمن. ورأى أن هذه الأحداث بدأت ذاتية... وكان لها وقع إيجابي بأنها كسرت عند الناس حاجز الخوف من الحكام، وكانت تعلوها مشاعر إسلامية، فالناس يتحركون ويكبّرون دونما خوف من بطش الحكام، ولهذا فوائده في تحريك الناس... ولذلك فإنها من هذا الوجه كانت طيبة ومباركة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإنّ هذه التحركات بدأت مشاعرياً بصيحات عامة، ومثل هذه التحركات من السهل على القوى الدولية النافذة وعملائها في البلد اختراقها، ولذلك استطاعت القوى الأوروبية وأمريكا أن تخترق هذه التحركات عن طريق عملاء مدربين من هذه القوى اندسوا بين المنتفضين، ومن ثم تمكنت من المحافظة على بنية النظم الأساسية في بلدان الربيع العربي وعلى استمرار نفوذ تلك القوى مع شيء من الجراحة التجميلية.

وحين اندلعت الثورة السورية رحّب بها الحزب من المنظور نفسه، إذ رأى أنها انتفاضة أهل سوريا المؤمنين الثائرين الذين ينادون (لبيك يا الله) و(ما لنا غيرك يا الله)، بينما تحاول أمريكا أن تفرض عليها قيادةً من المعارضة العلمانية في الخارج، عبر المجلس الوطني، والائتلاف الوطني، وهيئة التفاوض، ثم حكومة الإنقاذ، لتكون بديلاً تنضجه عن بشار الأسد، بهدف إعاقة قيام الدولة الإسلامية.

فبعد عشرة أيامٍ من اندلاع الثورة في مدينة درعا أصدر الحزب بياناً دعا فيه إلى المواجهة مع النظام للتخلص منه ومن مآسيه. وطالب الحزب الأمة آنذاك أن يسجلوا لأنفسهم مكرمة إقامة حكم الله على أنقاض هذا النظام البائد، وليكن تغييرهم تغييراً يحبه الله ورسوله، وألا يجعلوه تغييراً ناقصاً، فليسجلوا لأنفسهم سابقة إعلانها خلافة إسلامية، ولا يستبدلوا بحاكم عميل حاكماً مثله، ولا بدستور دستورا مثله، ولا يستعينوا بالأجنبي الكافر في شؤون تغييرهم، ولا يدعوا أحداً يتكلم باسمهم خارج هذا التوجه. نعم طالب الحزب المنتفضين أن أعلِنوها خلافة إسلامية. وبرغم استغراب الكثير من المتابعين للحراك الثوري في سوريا من تلك الدعوات التي أطلقها الحزب في ذلك الوقت المبكر لانطلاقة الثورة، إلا أن الحزب ظل مصرا على دعواته وأتبعها بأعمال جماهيرية كان لها الأثر الكبير في ترشيد الثورة وتوجيهها نحو الهدف الصحيح؛ وهو إسقاط النظام بكل رموزه وأشكاله وقطع العلاقة مع الغرب الكافر وإقامة حكم الإسلام الممثل في إقامة دولة الخلافة.

وظلت بيانات الحزب المتتالية عن الثورة السورية تسير وفق هذه الأسس:

الترحيب بالثورة.

الإصرار على التوجّه الإسلامي لها وصولاً إلى إقامة الخلافة.

التحذير الدائم من سرقتها من الأطراف الخارجية المتآمرة التي اصطنعت معارضة علمانية ووطنية في الخارج.

رفض التدخل العسكريّ الخارجي.

ومما لا شك فيه أن ما جرى ويجري في سوريا هو صراع بين الحق والباطل، في وقت تآمر فيه الغرب والشرق على ثورة الشام خوفاً من توجهها الإسلامي السائر بثبات نحو دولة الخلافة، والذي كان للحزب فيه دور كبير، وقد لفتت هذه النشاطات الأنظار وجذبت اهتمام وسائل الإعلام، التي حاولت أن تلصق بالحزب أعمالا مسلحة أو تدعي أن للحزب جناحا عسكريا، ولكن الحقيقة أنه لم يكن أبدا للحزب جناح عسكري، بل كان الحزب يقوم بدعوة القوى العسكرية القائمة إلى تبني أفكاره، وأن يكون هدفها بعد إسقاط النظام هو إعلان قيام الخلافة على منهاج النبوة.

وفي جواب سؤال أصدره أمير الحزب العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة عن الثورة السورية ومدى انخراط الحزب فيها، قال: (إن عملنا هو هو لم يتغير في كل مكان لنا فيه إمكانية عمل... هذا ما نقوم به قبل الثورات وخلالها وبعدها... غير أن أحوال الثورات أوجدت مجالاً أوسع لجعل الناس يستمعون كلمة الحق دون خوف من الأجهزة الأمنية كما كان في السابق حيث كانوا يبتعدون عنا خشية الأجهزة الأمنية، ولهذا يلاحظ اليوم التفاف الناس حولنا وإقبالهم علينا، ومن هنا جاءت ملاحظتُك عن قوة حركتنا وازديادها في الأمة عن ذي قبل. أما إن كنت تقصد بكلمة "الانخراط في الثورة" أن جناحاً عسكرياً أصبح لنا، فهذا خطأ وغير وارد، فليس لنا جناح عسكري لا سابقاً ولا لاحقاً، فنحن حزب سياسي مبدؤه الإسلام، لا يقوم بالأعمال المادية في مرحلة الدعوة، وإنما يطلب نصرة أهل القوة ليمكنوه من إقامة الدولة).

وكان ما كان من قيام تنظيم الدولة بإعلان خلافته المزعومة التي كانت سببا في تشويه فكرة الخلافة، التي كادت أن تكون هي الفكرة الطاغية على الثورة السورية برغم التغطية على ذلك من خلال وسائل الإعلام كالجزيرة وغيرها، التي كانت تتجاهل أعمال الحزب ونشاطه في الثورة وكانت تركز على ما أسمته التحول الديمقراطي والدولة المدنية والحرية وما شابه. ولقد بين أمير الحزب على صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك، جواباً على عددٍ كبيرٍ من السائلين؛ (أن إعلان الخلافة هذا باطلٌ لأن أيّ تنظيم يريد إعلان الخلافة في مكان ما فإن الواجب عليه أن يتبع طريقة رسول الله ﷺ في ذلك، ومنها أن يكون لهذا التنظيم سلطان ظاهر في هذا المكان يحفظ فيه أمنه في الداخل والخارج، وأن يكون هذا المكان فيه مقومات الدولة في المنطقة التي تعلن فيها الخلافة... والتنظيم الذي أعلن الخلافة لا سلطان له على سوريا ولا على العراق، وليس محققاً للأمن والأمان في الداخل ولا في الخارج، حتى إن الذي بايعوه خليفة لا يستطيع الظهور فيها علناً، بل بقي مختفياً كحاله قبل الإعلان! وهكذا فإعلان التنظيم للخلافة هو لغو لا مضمون له. إن الخلافة دولة ذات شأن، بيَّن الشرع الإسلاميّ طريقة قيامها وكيفية استنباط أحكامها في الحكم والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية... وليست هي إعلاناً يُطلَق في المواقع الإلكترونية أو وسائل الإعلام. ولذلك فإن الإعلان الذي تمّ هو لغو لا يقدم ولا يؤخر في واقع تنظيم الدولة، فالتنظيم هو حركة مسلحة قبل الإعلان وبعد الإعلان، شأنه شأن باقي الحركات المسلحة). بل ذهب أمير الحزب إلى القول (إن الذي يستحق الوقوف عنده هو الخشية من أن يترتب على هذا الإعلان أثر سلبي بالنسبة لفكرة الخلافة عند البسطاء، فتسقط عندهم من مركزها العظيم وأهميتها الكبرى إلى فكرة هشة أشبه بمجرد التنفيس عن مشاعر قلقة عند بعض الأشخاص، فيقف أحدهم في ساحة أو ميدان أو قرية فيعلن أنه خليفة ثم ينزوي ويظن أنه يحسن صنعاً! مما يرسم علامة استفهام حول توقيت هذا الإعلان دون سلطان ظاهر مستقر لأصحابه يحفظ أمن هذه الدولة الداخلي والخارجي، بل هكذا على الفيسبوك أو الإعلام).

إن إعلان تنظيم الدولة إقامة الخلافة في ذلك الوقت المشبوه كان إعلانا لتشويه الخلافة في أذهان الذين بدأوا بالالتفاف حول دعاتها الحقيقيين! لأنه لا يعدو كونه حلقةً جديدةً في سلسلة أعمالٍ هدفها القضاء على مشروع الخلافة، بعد أن تطوّر الوضع الثوريّ في سوريا إلى المطالبة العارمة بها، وضمور مشروع العلمانيّين، ولم تبقَ للقلّة القليلة المتبقّية منهم أيّ شعبيّةٍ تذكر.

وبرغم أن الكثير من الناس استغرب موقف الحزب من هذا الإعلان المشبوه للخلافة على يد تنظيم الدولة، إلا أنه قد تبين للقاصي والداني بعد ذلك صواب موقف الحزب هذا، وذلك بعد الأعمال التي قام بها التنظيم التي ساهمت في تشويه فكرة الخلافة، وبعد القتال الدامي الذي خاضه التنظيم مع الفصائل المسلحة المعارضة للنظام، بينما ترك النظام في مناطق سيطرته آمنا مطمئنا، وبعد أن كانت القضية أن هناك نظاما مجرما يخوض حربا شرسة ضد شعبه لإخضاعه والسيطرة عليه، أصبح الشعار المرفوع أنه يخوض حربا عالمية ضد الإرهاب!

لقد استطاع الحزب أن يفضح المخطط الأمريكي في سوريا، برغم انخداع البعض بالموقف الأمريكي الذي كان يرى فيه البعض وقوفا ودعما للثورة، بينما هو في الحقيقة دعم لنظام البعث الإجرامي، وكانت الخطة الأمريكية تقوم على التالي:

– إيجاد معارضة علمانية تساعدها في فرض حلها على الناس وليكونوا جزءاً من هذا الحل.

– إسقاط (الإسلام السياسي) وفكرة الدولة الإسلامية من نفوس المسلمين، وتغيير اتجاه بوصلتهم باتجاه قبولهم بالدولة المدنية العلمانية.

– إفقاد المشروع الإسلامي حاضنته الشعبية وذلك عن طريق توريط أصحابه بالاقتتال الداخلي، أو ارتكاب بعض أعمال القتل المنفِّرة، وغير ذلك من الأعمال المرفوضة شرعاً، والتي تدين مرتكبها ولا تدين الإسلام في شيء، ومن ثم استغلالها إعلامياً، حتى إذا ما آن أوان الحل الأمريكي كان قرار ضرب المشروع الإسلامي والتخلص من القائمين عليه أمراً ميسوراً.

– إنشاء جيش وطني جديد يضم الموثوق بهم أمريكياً من ضباط وجنود الجيش السابق الذين انشقوا عنه، يضاف إليه بعض المجموعات القتالية التي تم استيعابها بالوعد بتغيير وجه النظام وبتلبيس الحقائق عليهم، ووعدهم ببعض المكاسب، هذه هي نواة القوة التي ستفرض بها أمريكا مشروعها.

– إرسال قوات دولية تكون كالقوات الدولية في أفغانستان للمساعدة في الحفاظ على العملية السياسية التي ترعاها أمريكا، وتثبيت حاكم سوريا الجديد، وتكون لهذه القوات مهمات قتالية فاعلة، ويكون من مهماتها منع إقامة دولة الخلافة، والتركيز على مقاتلة المسلمين.

– رعاية عملية انتقال السلطة رعاية تامة بحيث توجد لها هيئة حكم تجمع عدداً من عملائها من الطرفين: طرف الحكم الحالي العميل التابع لها، وطرف المعارضة العميلة التابعة كذلك لها.

لقد وعى الحزب على ما تخطط له أمريكا وما زال يعمل على توعية الأمة والثوار على هذا المخطط للوقوف في وجهه ومحاولة إفشاله برغم ما يلاقيه الحزب من تضييق ومن ملاحقة حتى ممن يدعون أنهم معارضون للنظام، والذين تورطوا من خلال المال السياسي القذر، والذين يستعملهم النظام التركي لتنفيذ المخطط الأمريكي في سوريا. وقد لعبت هيئة تحرير الشام دور الشرطي التابع لتركيا في إدلب فعملت على كتم الصوت الفاضح للدور التركي القذر الذي أوصل الثورة إلى ما هي عليه اليوم في إدلب، فاعتقلت قرابة الأربعين شاباً من حزب التحرير ومعهم العديد من الوجهاء وأصحاب المواقف في إدلب وحماة وحلب. ولذا فالحزب يدعو المخلصين من الثوّار لربط أنفسهم بقياداتٍ نظيفةٍ ونبذ قياداتهم العسكريّة المرتبطة بالخارج، وتشكيل هذه القيادات النظيفة مجلساً عسكرياً قوياً كفؤاً يجمعهم ويقودهم إلى النصر على البر والتقوى، وإعطاء من سبق ذكرهم من قادة الثوار وأهل القوة النصرة لحزب التحرير وقيادته.

إن تآمر كل الدول على ثورة الشام ومحاولتها إعادة تأهيل نظام بشار وفرض الدستور العلماني، واعتبار كل المخلصين إرهابيين يجب القضاء عليهم... ما كان إلا لمنعهم من إقامة دولة الخلافة التي هي فرض ربهم، ومظهر وحدتهم، ومصدر قوتهم، ومبعث عزَّتهم، والتي ستنهي تسلط دول الغرب الكافر المستعمر عليهم، وستنهي مآسي المسلمين في كل بلادهم نتيجة البعد عن التحاكم لشرع الله وحده، والتي ستعيد أمة الإسلام أمة واحدة، ولتعود دولة الخلافة كما كانت الدولة الأولى في العالم، تطبق نظام الإسلام، وتحمله رسالة هدى ونور إلى العالم.

﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حامد عبد العزيز

 

المصدر: https://bit.ly/3emFKUH

 

 

1542020raya

 

إن فهم الواقع فهماً جيداً وفهم المتغيرات المؤثرة فيه والمرافقة له هو أمرٌ لا بدّ منه للمهتمين بالشأن العام المتطلّعين للتغيير. وإن ما تم تسميته بالربيع العربي هو واقع جديد، وعدم إدراكه وفهمه كان سبباً في إعادة إنتاج أنظمة شبيهة بالزائلة، ومن هذا الربيع ثورة الشام التي ظن البعض أن الانتقال سيكون سياسياً سلساً كما في تونس، وراح البعض ليُحلّق في خياله ويرى أن الحسم عسكري سريع لينتهي المشهد، ونسي الغالبية ولم يدركوا أنّ عدوهم يمتلك أدواتٍ وأساليب كثيرة، وقد يفاجئنا بها إذا أخطأنا بتقييم الواقع بمقوماته وعوائقه.

واليوم بعد أن دخلت الثورة في عامها العاشر فإنّه يُحسب لها ولأهلها صمودهم كل هذه الفترة في وجه النظام وأعوانه من دول عظمى في المنظومة الدولية دأبوا من الساعات الأولى على احتوائها وتوجيهها وتركيعها لإنهاء الحالة الثورية التي خرجت على أحد أبناء المنظومة الدولية الرأسمالية.

ويُحسب لها رغم انحسارها جغرافياً أنها ما زالت للآن تتحمل النزوح والقتل وضيق العيش على أن تقبل بعودة سيادة النظام المجرم.

أما من جانب آخر فإن واقع الناس اليوم أصبح شبيهاً بقضية فلسطين التي تحولّت من الحالة الثورية التي تهدف لتحريرها كاملة إلى حالة من تخفيض سقف المطالب للقبول بحدود 48 ثم حدود 67 ثم انخفاض السقف ليصبح همّ الناس هو المقاومة فحسب والحفاظ على ما تبقى.

والناس اليوم بعد أن كانت تضغط على أهل القوة والسلاح لعدم التوقف عن المعارك حتى تحويل كل منطقة عدو إلى صديق، والتي كانت تعتبر مجرد التوقف والرباط جريمة لأنّ فيها تأخيراً لتحقيق الهدف. بعد أن كانت كذلك أصبحت اليوم ترضى بالقليل وتسكت إذا حافظ أهل القوة على الموجود فحسب ولا ترفع صوتها لاستعادة ما تمت خسارته وتحرير ما بقي في حوزة الأسد.

إن هذه الصورة من تراجع الحالة الثورية وتخفيض سقف المطالب كان له أسباب عمل عليها الغرب الكافر عن طريق أدواته كلها بدءاً من الإعلام الخبيث الذي يبث سمومه الإرجافية وصولاً بالفصائلية المقيتة التي قامت بحزمة من الأعمال المنظمة لتنفير الناس من الثورة والتغيير وذلك من خلال إعادة إنشاء أفرع أمنية خبيثة لتركيع الناس وتخويفهم تحاكي الأفرع الطاغوتية في أساليبها وهدفها، ومن خلال التضييق على حياة الناس ولقمة عيشهم عن طريق الضرائب والمكوس، وعن طريق كسر معنويات الناس بفتح معارك ثم تفشيلها ليتم الترويج لفقه الاستضعاف والمراوغة، ومن خلال الاقتتالات الداخلية المنظمة والموجهة من ضباط المخابرات ليُحققوا بها عدة أهداف منها الشرخ بين الثوار وبين أهالي البلدة الواحدة وبين أفراد العائلة الواحدة ليضمنوا تآكل مفاصل الثورة وضعف حركتها، وليحققوا بهذه الاقتتالات تيئيس الناس وتشاؤمهم بعد رؤيتهم لسلاح الثورة موجّها للداخل.

ولعل الفكرة الأهم التي استطاع الغرب زرعها في الثورة هي جعل الثورة محصورة بمن يحمل السلاح فقط، والثائر هو المقاتل فقط، بل إنّ الثائر هو المقاتل ضمن الفصائل فحسب، بعد أن كانت الثورة حالة وصفة تنطبق على من عارض النظام بقول أو دعوة أو مظاهرة أو مال أو الهجرة من مناطق سيطرته.

هذه الحالة الأخيرة كانت كفيلة بتوجيه خنجر مسموم في صدر فكرة السلطان للأمة مما جعل الناس رويدا رويدا تتناقص ثقتها بنفسها بأنها قادرة على التغيير، وعندما تفقد الناس هذه الثقة أو تتزعزع سيتحول الرأي العام فيها إلى رأي عام كامن وسينخفض سقف مطالبها لتصبح مهيّأة للدخول في نفق الضياع من جديد وتحولت أفكارها النقية ومعنوياتها العالية إلى فكرة خطيرة عنوانها (القضية أصبحت بيد الدول وصارت أكبر منا).

أمام الناس اليوم نفقان مظلمان ومكمن الخطورة فيهما أنّ شعور الناس بالخطر تجاههما ليس على القدر الكافي الملائم لحجمهما وليس بالقدر الكافي لينتج تحركاً يعرقل ثم يبادر ويصحح المسار. النفق الأول هو نفق الحل السياسي الأمريكي الذي يتم الترويج له لإيصال الناس ليقبلوا به عن قناعة.

والنفق الثاني هو ما بعد الحل السياسي الذي تخرج فيه روسيا من سوريا بالإياب فقط، وعندها يستوي عند أمريكا الحسم العسكري من عدمه وعندها تكون الأمور مهيأة للانتقام ممن خرج على عميلها الأسد بعد أن تكون قد سحبت السلاح من الناس وبعد أن تكون قد حولت المجاهدين إلى عناصر مصالحات وبعد أن تكون قد وجهت ضربات قوية للحالة الثورية ولثقة الناس بقدرتها على التغيير.

كلا النفقين خطير ولكن الأخطر هو الحل السياسي لأنه يحمل في طياته بذور إنهاء فكرة إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام التي تكاد تصبح كامنة غير ظاهرة كما كانت من قبل أو بمعنى آخر أنّ الثورة في قلوب الناس تكاد تصبح فردية بكل شخص عندما تسأله ولكنها ليست جماعية بمعنى أنها حديث الشارع وهمّه وهي الرأي العام الضاغط.

والحل السياسي تمهيد للنفق التالي الذي قد يكون سربرنيتشا جديدة بسيناريو انسحاب الجيش التركي كما انسحبت الكتيبة الهولندية قبيل اغتصاب مسلمات البوسنة وقتل رجالها.

وإن أخطر ما تمر به الساحة اليوم هو الركون للنظام التركي الذي يسوقنا للحل السياسي الأمريكي ويسعى لتنفيذه على الأرض من خلال الأدوات من حكومات وقادة وشرعيين وإعلاميين لوضع الناس ضمن صندوق المحرر وضمن سجن الخريطة العسكرية التي ترسمها اتفاقية سوتشي ليراها الناس خريطة سياسية يقبلون بها ويعتادون عليها لينسوا ما سواها.

وإن كثافة الوجود التركي اليوم هي للإشراف العملي على البدء بخطوات الحل السياسي الذي يبدأ بتسليم الناس رقابهم للنظام التركي بعد أن يفقدوا ثقتهم بقدرتهم على التغيير وينسوا طريق الخلاص بل يفقدوا الثقة بأنفسهم في قدراتهم على الحفاظ على ما تبقى وخاصة بعد معركة النيرب المشتركة مع التركي التي سقطت بعد ذلك ليتم بث روح التثبيط والإرجاف واليأس المفضي للقبول بأسوأ الحلول.

يضاف لمكر النظام التركي الاستمرار بتخدير الناس وتأميلهم بالعودة لبيوتهم بالتلميح بأن تركيا ستجبر النظام عسكرياً أو بالتهديد ليعود لحدود سوتشي، واستغلال هذه الفترة لتثبيت الخارطة السياسية الحالية في أذهان الناس لتعطيل تفكيرهم ثم التمهيد لجسم عسكري قد يتم إنشاؤه ليتم تسخيره لقطع الطريق على المخلصين لمنعهم من القيام بأي عمل يفجر الناس من جديد ويصحح المسار.

هذا مكر أعدائنا وتلك هي المعوقات والأدوات التي يستخدمونها للإجهاز على الثورة وتطلّعها للتغيير ولكن رغم كل هذا المكر والكيد لا بدّ أن نلاحظ أنّ كل هذا المكر لم يكونوا ليقوموا به لولا أنّ الثورة بنظرهم ما زالت خطيرة وتقف على قدميها.

فمقومات النصر والتغيير لا زالت متاحة وكبيرة، واليأس الذي قد يتصوره البعض عند الناس ليس يأساً حقيقياً بل هو أناةُ القط التي ستتبعها وثبة الأسد، فالعامل البشري موجود وهو رغم كل المكر عليه إلا أنه لا يقبل بالعودة لحضن النظام بأي شكل، والعامل المادي موجود والنظام مهلهل ومُستنزف عسكرياً واقتصادياً وشعبياً.

 

بقلم: الأستاذ مصطفى سليمان

 

جريدة الراية :https://bit.ly/2XDOpMn

 

 

1542020raya2

 

جاء في خبر على موقع (سبوتنيك، الجمعة، 17 شعبان 1441هـ، 10/04/2020م) ما يلي: "بحث نائبا وزيري خارجية روسيا وتركيا، سيرغي فيرشينين وسادات أونال، اليوم الجمعة، الاتفاقيات حول إدلب السورية ودفع العملية السياسية في سوريا.

وجاء في بيان وزارة الخارجية الروسية: "تم بحث مجموعة من القضايا المتعلقة بالتسوية السورية، بما في ذلك تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية بشأن استقرار الوضع في إدلب، بالإضافة إلى مهام دفع العملية السياسية التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254"."

الراية: إن محور التدخل الخارجي في سوريا يدور بالأساس لتنفيذ القرارات الدولية الظالمة على أهل سوريا. فالمنظومة الدولية وعلى رأسها أمريكا الصليبية اتخذت قرار مواجهة ثورة الأمة في سوريا، وإرغامها على القبول بما يفرض عليها من قرارات واستعملت لذلك المليشيات والدول التي خاضت حرباً شعواء على أهل سوريا لكسر إرادتهم في التغيير وإعادتهم إلى بيت الطاعة الدولية. إن النظام الدولي ما زال مستمراً بمكره بالثورة لمنعها من الوصول إلى أهدافها في إسقاط نظام البعث العميل وإقامة حكم الإسلام، بينما الثورة مستمرة بالسير على الجمر في عامها العاشر تناضل وتكافح لإزالة العقبات وتذليل الصعوبات لتحقيق أهدافها بإذن الله.

 

 

جريدة الراية: https://bit.ly/3ch0DyI

 

842020raya

 

 

في ظل الحديث عن جائحة كورونا يبرز ملف المعتقلين في سجون الطغاة وتكثر المطالبات بالإفراج عنهم على اعتبار أن خطورة تفشي هذا المرض بينهم تفوق خطورتها على من هم خارج المعتقل، حيث ظروف الاعتقال ومناخه تسمح بشكل كبير لانتقال الأمراض ونشوئها بسبب انعدام الرعاية الصحية وضعف المناعة نتيجة قلة التغذية وسوئها.


وعليه أردت أن ألقي الضوء على المعتقلين لدى نظام أسد المجرم، حيث إن سجون النظام لها تاريخ طويل من دور الأب القاتل حتى وريثه، وقصص السجناء باتت قصة كل حيٍّ وشارع في الشام إن لم تكن قصة كل بيت، فقد بلغ عدد السجناء مئات الآلاف في ظل انعدام آلية لإحصائهم، وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 129 ألفا و973 شخصا، ما يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى نظام أسد، منذ آذار/مارس 2011.


وتتنوع أساليب التعذيب داخل الزنازين وفي أقبية المعتقلات ولا أكون مبالغاً إن قلت إنه ما من أسلوب قذر للتعذيب في العالم وإلا وتجده عند هذا النظام المجرم، بل هو من يعطي الدروس لغيره من الطغاة في التنكيل بالمعتقلين، يكفي فقط أن تلتقي بشخص واحد سُجن عند النظام ولو لفترة قصيرة حتى تعلم مدى قذارة هذا النظام ولؤمه وحقده على أهل الشام.

ومع أن قضية المعتقلين هي سابقة للثورة في الشام فقد كانت سجون النظام المجرم تمتلئُ قبل الثورة وتحوي بين جدرانها كل من نطق ببنت شفة ينتقد أو يُخطّئُ أو يُعارض فيها النظام، إلا أنه وبعد الثورة أصبحت قضية المعتقلين أضخم وأكبر حيث باتت المعتقلات تغص بالسجناء مما اضطر النظام لافتتاح سجون جديدة وتحويل العديد من المدارس لمعتقلات ناهيك عن تصفية العديد من السجناء.


وعلى هذا أصبح الإفراج عن المعتقلين يُعتبر أحد أهم أهداف الثورة، بل ويُعتبر أحد أسباب انطلاقتها ابتداءً، وعليه بتنا نسمع عبارة "الإفراج عن المعتقلين" في كل محفل سياسي أو مؤتمر يبحث ملف الثورة، كما باتت المعارضة العلمانية التي صنعتها مخابرات الدول ترفع هذا الشعار لتبرر كل خيانة، ولتمرر كل تنازل عن ثوابت الثورة وأهدافها، فتراهم يتنازلون عن إسقاط النظام بحجة أنهم يسعون للإفراج عن المعتقلين، فلا هم أسقطوا النظام ولا أفرجوا عن المعتقلين!

ولعل أبرز من تناول قضية المعتقلين دوليا مؤخرا هو قانون "سيزر" والذي بات البعض يرى فيه أن أمريكا تقف مع الثورة وأنها ستحاسب نظام أسد على جرائمه، رغم أن جرائم أسد عليها آلاف الشهود وموثقة بآلاف الوثائق، ومع ذلك فإن أمريكا كان موقفها داعماً لنظام أسد ولو لم ير ذلك بعض من على أعينهم غشاوة.


وحتى نقف على قانون سيزر قليلا نجد أنه أطلق هذا الاسم نسبة لشخصٍ مجهولٍ وثَّق في آلاف الصور التعذيب الذي مارسهُ نظام أسد في حقِّ شعبه في الشوارع والطرقات العامَّة وداخل السجون منذ اندلاع الثورة ضدّه عام 2011 وحتى عام 2014. ولقد أثارت صور قيصر حين نشرها ضجّة وجدلاً كبيرين؛ فطالبت هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في تقرير قيصر ثمَّ أصدرت تقريراً إضافياً بعنوان "إذا كان الموتى يستطيعون الكلام"؛ وفيه عُرضت أدلة فوتوغرافية من تقرير قيصر كما عُرضت تلكَ الأدلة في متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة وفي الأمم المتحدة.

وبعيدا عن الخوض في تفاصيل إقرار هذا القانون والتي دامت طويلا بينما كان أهل الشام يذوقون الويلات ليس فقط في المعتقلات بل في المدن والقرى حيث تتساقط براميل القتل وصواريخ الإجرام على مرأى من العالم أجمع، بل وأجزم أنه على مشاركة وموافقة من هذه الدول سواء التي أظهرت عداءها أو تلك التي ادّعت صداقتها، وبعد هذا التمديد الطويل وقع ترامب على مشروع قانون سيزر بعد إجماع مجلس النواب الأمريكي عليه وذلك في نهاية عام 2019م.

وبالنظر في تفاصيل القرار تجد أنه لا يختلف عن قرارات أمريكا الناعمة ضد عملائها فهي عقوبات تُفرض على نظام أسد ومن يتعامل معه، عقوبات يُقدرها رئيس أمريكا ويرفعها متى يشاء، لا تمنع اعتقالا ولا توقف قصفا ولا تنتصر لمظلوم، ولم يكن هذا مفاجئا إلا لمن تعلق بحبال أمريكا ورأى فيها القوة المخلِّصة وصدّق رواية النظام بأنه مقاوم ممانع لأمريكا وكيان يهود بينما الحقيقة التي بات يعلمها الكثير أن نظام أسد هو أفضل من حافظ على مصالح أمريكا وكيان يهود في المنطقة.

وعوداً على البداية فإن قضية المعتقلين والإفراج عنهم هي من أهم أهداف الثورة ويجب أن يُعلم أن قضيتهم مرتبطة ارتباطا وثيقا بقضية إسقاط النظام، فلا يُمكن أن يُفرج عنهم دون إسقاط النظام، ولقد رأينا من ادّعى تمثيل الثورة وخاض مع النظام المفاوضات متنازلا عن الثوابت بحجة الإفراج عن المعتقلين، كيف أن النظام قد سلمه معتقلين جدداً جمعهم من الشوارع وكان ذلك مقابل تهجير منطقة هنا، أو فك حصار عن منطقة تتبع للنظام هناك.


ناهيك أن من تسيّد منطقة صغيرة وحكمها من أدعياء الثورة تجد أنهم شابهوا نظام أسد ببناء المعتقلات والزج بالناس ظلما في السجون، فكيف لمن بنى السجون أن يسعى لإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين؟!


وأخيراً فإن سماع قصة واحدة عن معتقل أو معتقلة لهو سبب كافٍ للاستمرار في الثورة والثبات عليها حتى إسقاط النظام وتحكيم الإسلام، فما بالك أن لدى أهل الشام آلاف الأسباب لتجعلهم ثابتين فيما خرجوا له مُصرين على العمل على تحقيق أهداف الثورة ولو كلّف ذلك الغالي والنفيس، وأما من أرهقه المسير واستساغ التنازل فعليه أن يتنحى جانبا تاركا الثورة لأهلها تذود عنها وتدفع بها في طريق النصر مستعينة بربها متوكلة عليه، عسى الله أن يكرمنا بنصر قريب وما ذلك على الله بعزيز.

 

بقلم: الأستاذ منير ناصر
 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

جريدة الراية:https://bit.ly/2wrcVFy